fbpx
روسياوافريقيا..مصالح متبادلة وشراكة استراتيجية.

 

 

كتب/ علي عبدالله البجيري

في عاصمة روسيا الصيفية مدينة الليالي البيضاء التي لا تعرف الظلام” لشهر ونصف من كل عام، “سانت بطرسبورغ” انعقدت القمة الثانية الروسية-الافريقية في يومي 27 و 28 من شهر يوليو الحالي، شارك فيها رؤساء وممثلي 49 دولة إفريقية. وكانت القمة الأولى قد انعقدت في مدينة سوتشي الروسية عام 2019، بمشاركة ممثلي 43 دولة. وخلالها تم التوقيع على 92 اتفاقية بقيمة إجمالية قدرها 1.004 تريليون روبل، كما تم الاتفاق على أن تعقد القمة مرة واحدة كل ثلاث سنوات، ومن نتائج القمة الأولى ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا وإفريقيا العام 2022 إلى 18 مليار دولار. وفي مجال النفط والطاقة تضاعفت الصادرات النفطية الروسية لافريقيا 14 مرة منذ بداية الحرب الأوكرانية حتى نهاية الربع الأول من هذا العام، بحسب وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال” الاقتصادية الأميركية.

قمة روسيا-إفريقيا في نسختها الثانية انعقدت في ظل اوضاع دولية معقدةجدا، ورغم إدراك الجميع بمخاطر الوضع الدولي إلا أن القمة الحالية رفعت شعار «الشراكة والمصالح المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .. ويأتي انعقاد القمة والعالم يمر بمرحلة صعبة تتخللها الحرب الأوكرانية الروسية وانعكاساتها على العلاقات الدولية والاقليمية المشحونة بالتوترات وصراع النفوذ. ومما يعقد الامور اكثر واكثر في هذه المرحلة هو إصرار أمريكا والغرب على إستخدام سلاح العقوبات ضد كل من يعارض سياسة الهيمنة الاستعمارية .. قمة روسيا إفريقيا وقفت عند واحدة من أهم القضايا الساخنة المتصلة بقرار موسكو القاضي بتعليق اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود..
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جدد اهتمام بلاده بالعلاقات مع إفريقيا وتوسع شبكة حلفاء روسيا، والتخفيف من التأثيرات الاقتصادية لقرار تعليق صادرات الحبوب وقال بوتين في كلمته: “نولي أهمية كبيرة لتوريدات الحبوب للدول الإفريقية، وروسيا تساعد البلدان التي تحتاج إلى المساعدات الإنسانية” موضحاً أن أمريكا والغرب يضعون العراقيل لمنع وصول الصادرات الروسية من الأسمدة والحبوب الروسية إلى بلدان العالم ومنها الدول الافريقية،وأشار الرئيس الروسي في كلمته، أن روسيا ستعمل على تصدير 50 ألف طن من الحبوب لعدة دول إفريقية، بل”وستصدره إلى 6 دول مجاناً” وهي بوركينا فاسو، وزيمبابوي، ومالي، والصومال، وإفريقيا الوسطى، وإريتريا”.

وقد اختتمت القمة الروسية الإفريقية اجتماعاتها وصدر عنها بيان ختامي، اهم ما جاء فيه هو التأكيد على أهمية التعاون الاستراتيجي لضمان أمن الغذاء والطاقة ومكافحة الإرهاب ،والاتفاق على مواجهة الاستعمار الجديد،واحترام ميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية..الرئيس بوتين كرر في ختام القمة القول”مستعدون جنباً إلى جنب مع الدول الصديقة أن نعمل من أجل المستقبل وبناء شراكة استراتيجية متبادلة المنفعة. نقيم العلاقات مع كل دولة إفريقية، ونقيم تلك العلاقات في إطار عالم متعدد الأقطاب”

الخلاصة: قمة روسيا إفريقيا نموذج للتعاون والشراكة وتحدي للسياسات الغربية الأمريكية التي تنتهج سياسة العصاء والجزرة في مجال العلاقات الدولية، والرسالة الأهم التي وجهتها القمة إن إفريقيا قد تحررت واصبحت هي من تمتلك مصيرها وتتخذ قراراتها الوطنية وهي من تحدد أين تكمن مصالحها،أما الرئيس الروسي فلاديميربوتين، ومن خلال القمة فقد وجه رسالته للولايات المتحدة الأمريكية والغرب عامة.. أن روسيا قادرة على الوقوف في مواجهة مخططات حلف” الناتو” الذي يسعى لتحجيم دور موسكو ومحاصرتها ، وأنها قادرة – رغم العقوبات- على المنافسة على النفوذ والتأثير بإفريقيا، ووجدها بوتين فرصة لتذكير أمريكا والغرب ان روسيا الاتحادية لن تتنازل عن إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد متعدد الاقطاب،وهذا ما تتطلع اليه وتدعمه الدول المشاركة بحيث لاتترك الدول الافريقية والعالم فريسة لدولة واحدة تتحكم بمصير البشرية.وفق سياساتها الاستعمارية التي عفا عليها الزمن.