fbpx
ليلة يافعية في جده

 

حاولت كثيرا أن أكتب وأسجل إعجابي  بظاهرة  يافعية رائعة وجميلة أجدها تكبر أمامي كل يوم تتمثل في التلاحم والتآخي والارتقاء ببعضهم  بعضا في مظهر  حضاري جميل يذكرنا بتلك القصص الجميلة عن اؤلئك النبلاء من أبناء حضرموت في سالف الأزمان القديمة  عندما كانوا في غربتهم على قلب رجل واحد وكانوا مثالا رائعا في إعانة بعضهم بعضا وكانت هذه الصفة الحميدة من ضمن أسباب عديدة جعلت الكثير من أبناء  حضرموت يرتقون كثيرا في سائر شئون حياتهم.

لكن مع الأيام اضمحلت هذه الصفة الحميدة بل تلاشت أو تكاد ولم يبق لها أثرا إلا في  أفراد قليلين على المستوى الأسري لا غير وليس على المستوى الجمعي العام .

بل وتحولت روح  التكاتف بين أبناء حضرموت في حالات كثيرة بل صارت ظاهرة بأن يقدح كل في أخيه ويحاول إقصاءه والتشكيك فيه إن علم أن هناك خيرا ما قادما إليه للأسف الشديد .
وإذا أردت الحديث كما يدور في مخيلتي عن الظاهرة اليافعية فربما لن أوفيها حقها  ولهذا أجلت الموضوع مرارا لعلي أجد الوقت المناسب الذي يؤهلني لإعطاء الموضوع حقه .
لكنني في هذه الليلة التي تشرفت بتلبية دعوة كريمة من أخ كريم من أبناء منطقة شعب العرمي بمنطقة

( يهر  يافع)  لحضور حفل تكريم المبرزين علميا واجتماعيا من أبناء تلك المنطقة  في ليلة احتفالية بهيجة شارك فيها جمع غفير من تلك البلاد اليافعية غصت بهم قاعة الحفل في مدينة جده فحضر المكرّمين القادمين من البلاد وفي مقدمتهم أحد الحاصلين على شهادة دكتوراه من جامعة عدن والإعلامي المتميز ياسر اليافعي وعدد آخر ممن على أيديهم تتعلم الأجيال في مدارس (منطقة شعب العرمي وما جاورها) ،
يا له من حب ووفاء وتكريم قدمه أولئك الرجال المغتربون من أبناء تلك المنطقة اليافعية ممن فتح الله عليهم في مهجرهم   فلم ينسوا منطقتهم وأهلهم بل آلوا على أنفسهم أن يكونوا مبادرين في خدمة أهلهم وكان تركيزهم على الإنسان بدرجة أساسية فمتى ما تم الاستثمار فيه تعليميا وصحيا وسلوكيا سيكون من اللبنات الصالحة التي يعم نفعها على الفرد ذاته بدرجة أساسية ثم أسرته الصغيرة  ومجتمعه ووطنه الأكبر ،
نعم إنها رسالة راقية قدمها أهل تلك المنطقة لبقية المجتمعات على طول الساحة الجنوبية وعرضها ليقتدوا بهم في فعل الخير مستلهمين قول الحبيب المصطفى عليه صلوات الله وسلامه ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) .
والأجمل في هذه الجهود الطيبة كما أخبرني أحد الأخوة  أنها تسير ضمن عمل مؤسسي منظم من خلال جمعيات ومؤسسات فاعلة في المجتمع تنال ثقة الداعم والمستفيد وما المادة الإعلامية التعريفية التي عرضت في الحفل ما هي إلا دليل على البدايات الواثقة التي تسير في الطريق الصحيح أن شاء الله  .
أجمل ما في الحفل تلك الروح الوثابة وصور التآخي والتلاقي التي تعلو محيا الحاضرين مع اختلاف توجهاتهم وأفكارهم ونمط نشاطاتهم العملية والتجارية والتي تدل فيما تدل على روح الفريق الواحد والأسرة الواحدة وهذا قد لا تجده إلا في يافع  الإباء والشيم  فنجاح الفرد عندهم هو نجاح للمجموعة كلها للبلد بأكملها لأنهم يعلمون يقينا أن ما حققه الفرد أو سيحققه من نجاح  سيعود بالنفع على الجميع والواقع يشهد على ذلك فلله درهمُ من رجال .
(صحيفة الأيام العدد 5948  الأحد  15/2 /2015)