fbpx
الإسلام. وحقوق غير المسلمين
شارك الخبر

 

يقف الإسلام من غير المسلمين فى رعايتهم موقف الأمان، بل انه لم ينه عن البر بهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما ينهى عن البر بالذين قاتلوا المسلمين فى دينهم وأخرجوهم من ديارهم وظاهروا على إخراجهم فقال جل شأنه: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). ونهى القرآن الكريم عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن، فقال الله سبحانه: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). وقال سبحانه: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعبدإِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
بل أمر الإسلام بالوفاء بالعهد حتى مع المشركين، قال تعالي: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ). بل لو طلب المشرك من المسلم أن يجيره فعليه أن يجيره بل يبلغه مأمنه كما قال الحق تبارك وتعالي: (وَإِنْ أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَع كَلام اللَّه ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنه ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْم لا يَعْلَمُونَ).
ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم، ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – عندما حان وقت الصلاة وهو فى كنيسة القيامة فطلب البطريرك من عمر أن يصلى بها وهم أن يفعل ثم اعتذر ووضح أنه يخشى أن يصلى بالكنيسة فيأتى المسلمون بعد ذلك ويأخذوها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم ويقولوا: هنا صلى عمر). ولم تتوقف معاملة المسلمين لغير المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام عبر عصوره على القيام بما يحتاجه أهل الكتاب وما يحتاج إليه الفقراء منهم.
إن مثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح وعلى رعاية حقوق الناس، وعلى الرحمة بجميع البشر مهما تختلف عقائدهم وأجناسهم. وقد حفظت أجيال المسلمين قيمة هذه الرعاية الإسلامية لحقوق غير المسلمين، لأنهم ما طبقوها إلا استجابة لتعاليم القرآن الكريم، وتوجيهات الرسول العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام وقد طبقها فى حياته فوعاها المسلمون جيلا بعد جيل وطبقها الخلف عن السلف والأبناء عن الآباء، فها هو ذا عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: حدث مجاهد قال كنت عند عبدالله بن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال: يا غلام، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي. وقال ذلك مرارا، فقال له: لم تقول هذا؟ فقال: إن رسول الله لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه.

 

 

الاهرام  – د. أحمد عمر هاشم

أخبار ذات صله