fbpx
أزمة ثقافية داخل الحراك الجنوبي

 لم يعد مهماً بالنسبة لي ان اشارك في مسيرة ترفع صورة وشعارات رنانة تنسى بمجرد عودتنا للمنازل ، احتاج الآن وكثيراً مثلي لمسرحية ثقافية بمشاهد ساخرة – حتى لو بإمكانيات بسيطة – تصور لي الوضع الذي مر به الجنوب وكيف تم تدميره وتحويلة إلى اقطاعات خاصة تتبع مشايخ صنعاء وإلا جانب هزيمتنا العسكرية فأننا اليوم نعيش هزيمة ثقافية ونساعد في استمراريتها .

 لماذا لا نساعد أنفسنا في استعادة دولتنا؟ ولماذا يصر البعض ان نبقى نردد شعارات  ونكتفي بها ، كم نحن بحاجة اكثر لحراك ثقافي يعلم الناس ما هي الدولة التي سيستعيدونها، ما هي الهوية التي فقدوها لماذا كره الجنوبيين الوحدة، لماذا الجنوب يختلف عن الشمال وغيرها من الأمور تعرفونها جيداً .

 بينما الجماعات الدينة المتشددة كل يوم تعمل على استقطاب شباب الجنوب لخدمة أهدافها، نسير نحن بحراكنا المنهك باتجاهها وكل يوم نجد احدنا كان في السابق معنا يشارك في كل المسيرات ويطالب معنا باستعادة الوطن المسلوب وفجأة يأتي بعد اكثر من سنة بشكل جديد وبثقافة جديدة ولا يرى في استعادة الجنوب امراً مهماً بالنسبة له ، اليس هذا الأمر يدعوكم للتوقف قليلاً والسؤال لماذا يتنازل بعضنا عن الخيار الذي حددناه مسبقاً واقسمنا على السير حتى تحقيقه !.

اين هي الندوات اين المحاضرات اين مظاهر الثقافة والتوعية في إطار النشاط الثقافي الجنوبي لماذا ننتظر استعادة الوطن دون استعادة الإنسان واستعادة الهوية، لقد شبعنا من المسيرات ومن المليونيات وغيرها ، متى سنتعلم وهل التعلم مقرون بالاستقلال فقط!!

اذا كنتم لا تعون أهمية السينما والمسرح فأنتم لا تعون أهمية القضية الجنوبية وكم انا متلهف لعمل مسرحيات في كل ساحات الجنوب ويكون لدينا مسرح متجول في كل محافظة، مسرح خاص لتثقيف الناس والترويح عنهم بنفس الوقت ، مسرح ساخر ،مسرح سياسي، مسرح اجتماعي يناقش الوضع ويعالج القضايا بطريقة فنية كوميدية ، اننا نفتقد كل شيء يذكرنا بالماضي .

 هناك حاجة ماسة لزرع قيم للجيل الجنوبي جيل “لنكبة” الذي لا يعي بشيء عن وطنة المفقود ووجد نفسه يناضل من أجل دولة سمع عنها فقط ،ويحن لرجوعها لكنه لا يعلم كيف كانت وما هي خصوصيتها وكيف ستكون في المستقبل .

 كم كنت الح على والدي للذهاب إلى السينما التي لم اعد اتذكر شكلها او المبنى الخاص بها، هناك قبل سنوات طوال في مدينة “التواهي” المكان الذي عشت فيه احلى ايام طفولتي ، تدمر تماماً ، نزلت من الباص في الشارع الغارق بمياة المجاري والى جوار سور الحديقة الوحيد الذي لم يتغير شاهدت المكان مجدداً وعادة بي الذاكرة للوراء وانا اتذكر خطواتي وانا طفل امسك بيد ابي متوجها ً للحديقة للاستمتاع بالوقت وتناول الطعام ، وبعد دقائق افقت من حلمي الرومنسي لا صحوا وكأن المكان مر من عمرة مائة سنة للوراء .

من يتذكر كيف كان المسرح والسينما وغيرها من وسائل الإعلام منتعشة وتعمل باستمرار في مدينة عدن وغيرها من المدن ، لماذا شاخة بنا الأيام يا اصدقائي؟ ولم اعد اعي ما الذي يحدث من حولي سوى انني وجدت كوم من الإرهاب زرع في بلدي وغابت كل ملامح الحياة ،وبينما انتم تقرئون هذه العبارات هناك جماعات تعمل من أجل تدمير ما تبقى بداخلنا كي لا نتذكر وطننا الذي يعملون ليل نهار من أجل طمسه حتى من قلوبنا وليس فقط من على جدران الشوارع .

اغلقت السينما وانتهى المسرح وانتهى الفن الشعبي الذي كنا نشاهده في الشوارع ، الشباب اليوم مشغولين في كيفية الحصول على القات على “الحشيش ” على المخدرات على السجائر واقول لكم ان الحراك الجنوبي يتحمل مسئولية تاريخية تجاه هذا الجيل التعيس وليس فقط سلطات صنعاء