مقالات للكاتب
كتب/ علي عبد الله البجيري
اختتمت مجموعة «بريكس» قمتها التي عقدتها في مدينة جوهانسبرغ، بالموافقة على قبول ست دول جديدة الى عضويتها واقرار خطة توطيد علاقاتها الاقتصادية المشتركة والعمل على تهيئة الظروف لضمان إحلال نظام عالمي متعدد الاقطاب. هذه الاتجاهات التي وقفت أمامها مجموعة بريكس تبشر بمتغيرات جوهرية في العلاقات الاقتصادية ، من شأنها ان تخلق توازنات في العلاقات الدولية وبما يضمن العدالة والمساواة والتعايش السلمي.
لقد نجحت قمة بريكس ليس فقط في تأكيد حضورها قوةً اقتصادية فاعلة في الساحة الدولية، وإنما في إثبات قدرتها على التمدد الجيوسياسي عبر توسيع دائرة عضويتها، وللأمانه يحسب لزعماء قمة بريكس أن مداخلاتهم اتسمت بالواقعية والحكمة في الإقناع بهدف الوصول إلى قيام نظام دولي متعدد الأقطاب مبني على أساس ميثاق الامم المتحدة، نظام جديد أساسه التعاون والمصالح المتبادلة للجميع. الانطباع العام الذي تناقلته أهم وسائل الإعلام العالمية أن كلمات القادة عكست آمال وطموحات كثير من الشعوب في أن يسود العالم السلم والاستقرار والعدالة وتحقيق تنمية اقتصادية..بعيدا عن لغة الهيمنة والقوة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة.
في بيانهم الختامي أعرب قادة مجموعة. «بريكس» عن قلقهم بشأن استخدام التدابير الأحادية الجانب التي تؤثر سلبًا على الدول النامية. وأيدت المجموعة إجراء إصلاحات في الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن. ودعا البيان إلى زيادة مشاركة الأسواق الناشئة والدول النامية في المنظمات الدولية. وأكدت المجموعة في بيانها أن الانفتاح والكفاءة والاستقرار والموثوقية ضرورية لمعالجة الانتعاش الاقتصادي وتحفيز التجارة والاستثمار الدوليين. داعيةإلى مزيد من التعاون بين دول بريكس لتعزيز الترابط بين سلاسل التوريد وأنظمة الدفع من أجل تحفيز تدفقات التجارة والاستثمار.
ولعلي أتوقف هنا عند بعض مما يقراء خلف السطور المشار إليها أعلاه في النقاط التالية:
اولاً : إن قمة بريكس بعثت برسالة واضحة للعالم انها مع قيام نظام عالمي متعدد الاقطاب أكثر عدلا وانصافاً. بما يساهم في تعزيز الثقة والتعامل مع تحديات العصر من منطلق المشاركة الجماعية لمواجهة التحديات العالمية.
ثانياً : إن توسيع بريكس يُعد حدثاً تاريخياً، إذ سيترسخ دورها العالمي كقوة اقتصادية وديمغرافية هائلة، وسيكون لها دور أساسي في تحديد أطر عالم جديد أكثر عدالة واستقلالية، ذلك أن الدول الجديدة الأعضاء سوف تضيف ثقلاً إلى المجموعة وتلعب دوراً في حل العديد من الأزمات الدولية.
ثالثاً : إن كل المؤشرات تشير أن قطار بريكس سيأخذ العالم إلى مسار جديد يتصف بالعدل ، يحمل معه دعوات للتعايش السلمي وتبادل المصالح والتضامن والمؤازرة .وما إقرار زعماء بريكس بانظمام السعودية ومصر واثيويا والإمارات والأرجنتين وإيران في عضوية بريكس إلاخطوة هامة بالنظر لما تمثله هذه الدول من وزن اقتصادي وسياسي.
رابعاً: إن إقرار الهياكل المالية الضرورية من أجل تنفيذ خطط مجموعة البريكس يقلب المعادلات الدولية. وهناك أسس واقعية ستمكن المجموعة من الوصول إلى أهدافها، وتتمثل تلك الأسس في امتلاك معظم دولها كل المقومات التي تجعلها قوة اقتصادية عالمية.
خامساً : إن انضمام ثلاث دول عربية ، مصر والسعودية والامارات، إلى بريكس يجعل التمثيل العربي فيها حاضرا، ويمنح الدول العربية آفاق واعدة، تعزز مكانتها في حاضر اليوم ومستقبل الغد .
سادساً : إن قبول المزيد من الدول في عضوية بريكس سيتم بحثه في القمة القادمة المقرر انعقادها في مدينة كازان الروسية،وبهذا أصبحت بريكس
قوة اقتصادية منافسة لمجموعة السبع من خلال وزنها الاقتصادي والديمغرافي وحتى السياسي.
قطار. بريكس انطلق بثبات يحمل معه مشروع نظام دولي متعدد الأقطاب..مآ يخشاه الغرب هو أن تتمكن مجموعة بريكس من منافسة نفوذه الدولي، من خلال بناء تعددية قطبية لاتتفق ونظامه الأحادي، هذه “المخاوف” تداولتها وسائل الإعلام الغربية
في النقاط التالية : أن تقوض بريكس هيمنة الدولار من خلال خطتها لتأسيس عملتها الدولية ، أن تتحول. بريكس إلى مجموعة اقتصادية منافسة لمجموعة « السبع الكبار» أن تؤثر بريكس على العقوبات التي يقودها الغرب ضد روسيا ، أن يصبح بنك التنمية التابع لبريكس نظيرآ للبنك الدولي.
ختاماً : العالم اليوم أمام واقع جديد، وهناك مستقبل تجري صياغته أمام قوى جديدة تتشكل الآن، من أجل إقامة نظام عالمي أكثر عدالةً وإنصافاً، خصوصاً بالنسبة لدول الجنوب النامية وتمكينها من المشاركة في عملية النمو العالمية واستثمار ثرواتها بعيداً عن منطق الهيمنة والعقوبات.
والسؤال هل تنجح دول بريكس في تشكيل نظام عالمي جديد وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة وحلفائها ومؤسساتها؟ ذلك ما نتمناه ونرى أن خطواته الأولى قد انطلقت.