fbpx
قمة الناتو الأخيرة وتداعيات الحرب الاوكرانية الروسية

 

بقلم/علي عبدالله البجيري

بعد مناقشات بالغة الأهمية والخطورة في مؤتمر قمة حلف الأطلسي التي انعقدت الاسبوع الماضي في العاصمة الليتوانية فيلينوس، كانت الحرب الأوكرانية هي القضية الرئيسية أمام قادة الحلف. وكان السؤال الأهم في نقاشات المؤتمر، ماهي حدود الدعم العسكري لأوكرانيا من دون الوصول إلى حرب شاملة مع روسيا واندلاع حرب عالمية ثالثة. بعض الحمائم في حلف الناتو لايريدون ان تصل الامور الى القطيعة الكاملة مع روسيا الاتحادية، بل من الحكمة من وجهة نظرهم ان تبقى هناك خطوط خط رجعة للتواصل مع روسيا الاتحادية، بينما يرى جناح صقور الناتو انه لا محالة من العمل على تركيع روسيا وتوريطها في حرب طويلة الأمد وان كانت حتى آخر جندي أوكراني.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفع سقف مطالبه، محددا اياها بان يصدر الناتو قرار واضح يقضي بقبول بلاده في عضوية الحلف. في محاولة منه لتوريط دول الحلف في الحرب المباشرة ضد روسيا، وتحميلها كل ما تترتب عليه من نتائج كارثية، وأن أدت إلى حرب كونية مدمرة.
ولعلي أطرح أمام القارئ بعض الملاحظات في ذات السياق:
اولاً : من القراءة لبيان القمة والتصريحات التي صدرت فإن حلف الناتو حاول قدر الإمكان التهرب من قضية الانظمام الكامل لأوكرانيا للحلف لأسباب كثيرة منها عدم الدخول في حرب مباشرة مع روسيا والاكتفاء بالدعم العسكري التدريجي وصولا إلى الأسلحة الاستراتيجية اف 16 والصواريخ بعيدة المدى بما يعني الاستمرار في استنزاف روسيا واضعاف واشغال جيشها بحرب طولة الأمد، والمراهنة على انفجار الاوضاع من الداخل الروسي.

ثانياً : وللخروج من الضغوط الاوكرانية والاصرار على دخول الحلف وتوريطة المباشر في الحرب تقرر إنشاء «مجلس أوكرانيا حلف الأطلسي» كي يكون بديلاً مرضياً تستطيع أوكرانيا من خلال المجلس المشاركة في اجتماعات الحلف ومناقشة احتياجاتها من دعم عسكري وغيره، وخصوصاً توفير تدريب دائم للقوات الأوكرانية ومواصلة تزويدها بما تحتاج اليه من عتاد.،هذا القرار يمثل حل وسط بين مطالب الرئيس زيلينسكي، وعدم تورط الحلف رسميا ومباشرة في الحرب،وبهذا وكما قال احد المشاركين «إن الحلف قدم أقصى ما يمكن من دعم لأوكرانيا، لكن زيلينسكي يطلب أكثر مما يستطيع الحلف» وزير الدفاع البريطاني، بن والاس قال، إن بريطانيا ليست شركة “أمازون” العالمية للبيع بالتجزئة، وذلك تعليقا على طلبات أوكرانيا المتزايدة من الأسلحة.

ثالثاً : الصحافة الأوروبية والبريطانية تحديدا وهي المؤثرة على الرأي العام والقرار السياسي،لم تكن متحمسة للمزيد من التصعيد والمزيد من التورط في الوحل الأوكراني والوصول إلى حرب عالمية ثالثة. بل أن صحيفة الغارديان راحت إلى أبعد من ذلك، وعلقت في افتتاحيتها على قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتحديات الهائلة التي تنتظر دول الحلف.”ان من أبرز التحديات التي تهدد الحلف احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، خاصة إذا عاد دونالد ترامب، للبيت الأبيض مرة أخرى، وهو ما سيترك أوروبا في أزمة أمنية وعسكرية” وفي بروكسل يشكك البعض في نهج الاتحاد الأوروبي في هذه الأزمة، رغم ما قدمه من اسلحة متطورة لأوكرانيا كان مصيرها التدمير على أبواب الدفاعات الروسية.

رابعاً : الواقع يقول إن حرباً حقيقية تدور بالفعل بين روسيا والناتو، وإن كانت هذه الحرب لم تعلن بشكل رسمي، فالأسلحة الغربية ومنها المحرمة دولياً وصلت إلى أوكرانيا في صراع يبدو أنه قد يستمر لسنوات تماشياً مع رغبة الغرب لتوريط موسكو في أتون حرب دامية قد تعيد إلى الأذهان التدخل السوفييتي السابق في أفغانستان والذي استغله الغرب لاستنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية السوفييتية آنذاك، لكن بالمقابل هناك خسائر فادحة تلحق بالقوات الأوكرانية، إضافة إلى أن الهجوم الذي بدأته منذ أكثر من شهر لا يحقق الهدف المطلوب بل يسير ببطء شديد ويتعثر، وهو ما تقر به القيادة الأوكرانية والدول الغربية.

خلاصة القول: التصعيد مستمر والحرب مسارها طويل والنتيجة دمار وخراب واحقاد وكراهية بين شعبين جارين ،واستنزاف ثروات البلدين لصالح هذه الحرب اللعينة. أما إذا ما نظرنا إلى اهم إنجازات قمة الناتو الأخيرة فهي إسقاط تركيا المفاجئ لحق النقض (الفيتو) على أن تصبح السويد العضو رقم 32 في حلف الناتو والذي جاء بعد أشهر من “دبلوماسية وراء الكواليس” من قبل إدارة بايدن في عواصم أوروبية، وفي كواليس الكونغرس الأميركي.