fbpx
فشل التمرد وتبددت فرحة الغرب التي لم تكتمل.

بقلم علي عبدالله البجيري

محبي العدالة الداعون إلى قيام نظام دولي جديد اكثر عدلا وتوازنا للبشرية، تابعوا بقلق بالغ ماجرى في روسيا صبيحة يوم (السبت الاسود) الموافق 24 يونيو الحالي.
حين تعرضت روسيا الاتحادية لحالة تمرد عسكري أقلق قيادتها وافرح اعدائها، بينما هو لم يكن بذلك الحجم الذي صورته الماكنة الاعلامية الغربية.
لقد شاهدنا كيف تعامل الغرب وأمريكا بالتهليل والتصعيد الإعلامي، مراهنون على هزيمة روسيا وتقسيمها. لم تتعدى السويعات واذا بتلك المراهنات تهوي الى الوحل، بان انتصر العقل والحكمة أمام الخيانة والمكر، وانسحبت قوات فاجنر وقائدها إلى قواعدها دون قطرة دم. هكذا ادار الرئيس بوتين الموقف، ذلك القائد الفذ الذي اكسبته التجارب حنكة وحكمة، استطاع من خلالها ان ترتبط بلاده بدول العالم بصداقات وثيقة مبنية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وفي عهده اصبحت روسيا الدولة المثالية في علاقاتها مع بلدان العالم الثالث المتعطشة للحرية والعدالة والسيادة الوطنية. نعم انتصرت روسيا وسقطت المراهنات الغربية والأمريكية واثبتت روسيا قدرتها على الصمود في وجه العقوبات وحرب الناتو واثبتت قدرتها في المحافظة على إنجازات شعبها ووحدة أراضيها وامنها واستقرارها، وهذا ما تحقق في نهاية اليوم العصيب في التاريخ الروسي الحديث .

كان منبع القلق أن يقدم زعيم الفاغنر على مواصلة زحفه باتجاه العاصمة الروسية، وبذلك تنتقل المعركة من الحدود الأوكرانية إلى الداخل الروسي، بكل ما تحمله من مخاطر وحرب واقتتال داخلي، وانقسام في المجتمع الروسي، وتهديد لوحدة روسيا ذاتها، وهو هدف تسعى إليه الدول الغربية من خلال استمرار الحرب الأوكرانية، وجاهرت به من خلال استنزاف روسيا وإضعافها والسعي إلى تغيير السلطة فيها. لذلك فقد كان الألم والوجع ظاهرا وواضحا في كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفه تمرد قائد فاغنر “بالخيانة” و”الطعنة في الظهر” .

 

السبت الموجع والمؤلم الذي مرت به روسيا وحلفائها كان الغرب وأمريكا يرسما الخطط لما بعد التمرد، وتصب مكنتها الإعلامية الزيت على النار ووضع السناريوتهات المخيفة وتتوقع أن يزداد الأمر سوءً وتقع روسيا في فخ الاقتتال الداخلي، وبذلك تحقق ما كانت تسعى إليه هذه الدول، من أن تضطر موسكو إلى سحب قواتها من المناطق التي احتلتها في أوكرانيا لمواجهة التمرد وتداعياته، وكان ذلك واضحاً من حمى الاتصالات على مدى يوم كامل بين القيادات الغربية لمناقشة التطورات على الساحة الروسية والاحتمالات المتوقعة.

 

لكن جاءتهم الصاعقة الموجعة من خلال مبادرة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو التي أنقذت روسيا من الأسوأ، وأحبطت ما كانت تتوقعه أمريكا والدول الغربية، بإعلان الاتفاق على إنهاء التمرد..ونعم الصديق وقت الضيق وهذا ما جسده الرئيس ألكسندر لوكاشينكو..لم يخفي الكرملين قلقه بوصفه بان سويعات يوم السبت كانت “الصعبة والشاقة”. وبهذه المبادرة تنفست موسكو وحلفائها ومحبيها في العالم الصعداء لأنها تخطت وقت عصيب كان من المحتمل أن يكون كارثياً بكل المقاييس.

 

خلاصة القول: خيانة ” بريموجين فاغنر ” انفضحت، وتم نفي زعيمها إلى المجهول، ومعها سقطت مراهنات أمريكا والغرب..احداث السبت المؤلمة كشفت حقيقة أن روسيا بوتين تمثل لأمريكا والغرب العظم القوي الحانب في حنجرة الناتو ومخططاته للتوسع شرقاً وإعادة الاستعمار ونهب ثروات العالم الثالث. نأمل ان تتدارك القيادة الروسية خطورة المليشيات الخارجة عن إطار الدولة. فما حدث يؤكد أن “فاغنر كان لغم موقوت” في خاصرة الدولة الروسية. ومن يدري كم من الغام لاتزال تحت التراب قابلة للانفجار.