fbpx
المخدرات والقات سرطان المجتمع

بقلم / علي عبدالله البجيري
ابتلينا نحن اليمنيين بشجرة القات، هذه النبتة التي تزرع وتسوق دون حسيب او رقيب. لم يكتفوا تجار الشر بهذه الكارثة وما تلحقه بشبابنا ومياهنا واراضينا الزراعية، وضياع للوقت الثمين في حياة وعمل الإنسان، بل أضافوا اليها الإتجار بالمخدرات، بمختلف مسمياتها، مع علمهم بمخاطرها على الفرد والمجتمع. يحدث هذا في ظل غياب اجهزة الدولة والقوانين التي تجرّم المواد المخدِّرة، والمؤثرات العقلية، وكذا غياب التنسيق مع الجهود الاقليمية والدولية التي تبذل من أجل مكافحة ظاهرة انتشار المخدِّرات، ومنع محاولات تهريبها.

ما دفعني إلى كتابة هذا المقال، هي تلك الاخبار التي تنقلها إلينا وسائل الإعلام، وما بثته قناة الغد المشرق لمراسلها من حضرموت وهو يزور سجن المقبوض عليهم من بائعي ومروجي المخدرات، بالإضافة إلى ما نشرته صحيفة الأيام العدنية يوم الاحد الماضي عن احتجاجات قام بها سكان قرية” الكدام” في محافظة لحج ضد تواجد تجار المخدرات من أبناء الشمال في قريتهم تحت مسمى” نازحين ” واتخاذهم من القرية مركز لتوزيع وإدخال المخدرات إلى عدن .

المخدرات هي سرطان هذا العصر، وهي من تستهدف مستقبل أبناءنا اليوم وغدا، مما يستدعي من حكومة معاشيق القيام بدورها وواجبها أن كان لديها ذرة من الأخلاق الوطنية في مواجهة هذا الخطر القاتل الذي ينتشر بحماية وعلم بعض الشخصيات المتنفذة في الدولة ذاتها لأهداف سياسية. ولعل القات هو المصيبة الأخرى الأكثر انتشار كانتشار النار في الهشيم والذي يستهدف أبناء الجنوب واجيال المستقبل، فالقات يؤدي إلى تدمير العقول ويسبب الأمراض السرطانية.

منظمة الصحة العالمية أقرت عام 1973 أن القات يعتبر من المخدرات، لاحتوائه على مركبي الكاثين و الكاثينون، اللذان يؤثران على الجسم بطريقة مشابهة لمنشط الأمفيتامين amphetamine. أعلم أن البعض قد لا يتفق مع ما ذهبت إليه وهنا أقول لمن لديهم رأي آخر دعونا ننظر إلى الحقائق العلمية والمأخوذة من تقارير دولية ودراسات ميدانية لخطورة هذه النبتة، ولذلك فإنني أضع النقاط فوق الحروف التالية:

‏اولاً.. الحقيقة الأولى إن القات لم يكن متواجد قبل قيام دولة” الوحدة او الموت” وخاصة في محافظات حضرموت والمهرة وسقطرة، بينما يمنع بيعه أو تداوله في بقية محافظات الجنوب عدى يوم الخميس والجمعة من كل أسبوع، انتشار القات في الجنوب عمل سياسي منظم الهدف منه تدمير المجتمع الجنوبي من الداخل وتغييبه عن التفكير للمستقبل، بالتالي إلهاء أبناءه عن مواصلة النضال من أجل استعادة الدولة الجنوبية. أنه سلاح” الوحدة او الموت” لضمان السيطرة ونهب الثروات والاستيلاء على المقدرات والمؤسسات الجنوبية.

ثانياً..تقارير منظمة الصحة العالمية تقول بان أكثر من 20 ألف حالة إصابة بالسرطان تحدث سنويًا سببها تعاطي القات المرشوش بتلك المبيدات السامة والقاتلة. بينما اثبتت الدراسات أن ما يتم إنفاقه من قبل متعاطي القات يزيد عن 45% من دخل الاسرة في السنة، وأن إجمالي ما ينفقه اليمنيون على القات يصل إلى 1.7 مليار دولار سنوياً، بينما تتركز زراعته بدرجة رئيسية في 6 محافظات شمالية، أما في الجنوب وبحسب التقسيم الإداري لما قبل “الوحدة او الموت” كان يزرع فقط في مديرتي الضالع ويافع بشكل محدود وتحت الرقابة والسيطرة.
ثالثاً.. يقدر ما يستهلكه القات بنحو 70% من المياه الجوفية في بلد يواجه نقصا حادا وتهديدا خطيرا لنضوب مخزونه وأحواضه المائية وآباره ،بينما تحتل زراعة القات أكثر من نصف المساحة الزراعية في اليمن، باستحواذها على 58.8% من إجمالي الأرض المزروعة في البلاد، بسبب الطلب المتزايد على هذه النبتة اللعينة.

خلاصة القول: محاربة القات والمخدرات مسؤولية وطنية، ومع ذلك فحكومة معين عبد الملك هي من تشجع وتحمي زراعة القات وتتغاضى عن تجارة المخدرات، كاسلوب من اساليب إنهاك المجتمع الجنوبي. لذلك فان المسؤلية تقع على كل مواطن جنوبي غيور على وطنه وأجياله بان يواجه هذا الخطر السرطاني الذي يهدد وجودنا ومستقبل اجيالنا. نحن نواجه حرب بكل الاساليب وهي لاتقل عن غزو عسكري همجي لمحو الهوية الوطنية الجنوبية.اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.