fbpx
الشرعية اليمنية بين الواقعية والذاتية.

كتب/ علي عبد الله البجيري

كنا نتوقع أن ينتهج المجلس الرئاسي “وريث الشرعية اليمنية” الواقعية في التعامل مع الأوضاع اليمنية والتفاعل مع ما يحدث على أرض الواقع وفقا لمعطياتها، وليس وفقا لما يتمنى أن يكون. “صحيح ان المجلس نجح في تصفير المشاكل مع دول الخليج، بينما صعد الموقف مع الاسف مع” السلطة القائمة في الشمال “، وسار إلى أبعد من ذلك بان صنف انصار الشريعة كجماعة “ارهابية”، وقرر السير على نهج وتوجه سياسة اخوان اليمن، وهم من كانوا ولا زالو الطرف الرئيسي في ايصال اليمن إلى ما هو عليه، خدمة لمصالحهم التجارية والمالية والسياسية.

وكما يلاحظ فان ادارة شؤون البلاد من خارجها قد اثر على التعاطي بواقعية تجاه ما يحدث على الارض. فعدم وجود أعضاء المجلس على الأرض عزله عن الواقع وافقده الثقة والامال التي صاحبة تشكيله، كما ان التصعيد للوضع العسكري في الجبهات وتوقف تصدير النفط أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة لم تكن حكومة د معين عبد الملك الغارقة في الفساد تتوقعها، مما جعلها تشكي وتبكي للمجتمع الإقليمي والدولي، والقول بان منع تصدير النفط سيؤدي إلى العجز عن دفع المرتبات، بينما الحقيقة إن حوالي ثمانين في المئة من أبناء اليمن، هم دون مرتبات، فما يحدث هو إن الشرعية واقاربها وبعض مناصريها هم فقط من يستحوذون على مداخيل النفط والغاز ويقبضون مرتباتهم بالدولار والريال السعودي، أما الغالبية العظمى من أبناء اليمن فالجوع والفقر والأمراض تلاحقهم.

العودة إلى « الواقعية والتعامل مع ما يحدث على الارض » خيار لا بديل له، والتمترس عند مصطلحات” غير منطقية، تتهم بها من تشاء وتلغيها متى ما تشاء، لا تجدي نفعا. فهل يعقل أن يعلن الرئاسي اليمني تصنيف جماعة انصار الله الحوثية “جماعة ارهابية” بما يترتب على ذلك من قطيعة وإغلاق لابواب الحوار، في الوقت الذي تتفاوض فيه دول الجوار الخليجية مع الحوثيين باعتبارهم طرف أساسي في الصراع، وتتبادل معهم الزيارات، واصبحت هذه الدول هي من تتفاوض وتبحث في تقرير مستقبل ومصير اليمن.

صحيح أن مياه كثيرة جرت في النسيج الاجتماعي والعلاقات بين الشمال والجنوب قد تأثرت وتعقدت.، وشكّلت في بعض المراحل سيولاً ومياهاً جارفة، فرضتها وحدة قاهرة ليس لها من قبول على ارض الواقع ،ظلمت وقتلت ودمرت ونهبت وفرضت التخلف بديلا للتطور،وصنعت التنظيمات الإرهابية خدمة لمصالحها والإنتقام السياسي من أبناء الجنوب ولا تزال حتى اليوم، وفي الحقيقة فإن العناصر السياسية الهاربة من الشمال. والقابعة في قصر معاشيق في عاصمة الجنوب عدن وفي المملكة وفنادق العالم،اثبتت فشلها في فتح ثغرة لعودتها إلى صنعاء وتحرير أراضيها، ومع مرور الوقت اصبحت مسيطرة على القرار السياسي للشرعية بدعم التحالف العربي، ووجدت لها شعب تحكمه وثروة تنهبها ،لذلك فهي ترى في الوضع الحالي خيار إيجابي يخدم مصالحها بما يتيح لها الإستمرار في سرقة مبيعات النفط والغاز دون حسيب أو رقيب؟
مشروع الحل السياسي الذي يتم تداوله على خجل بين الدول الفاعلة والمؤثرة خليجياً من جهة والولايات المتحدة الامريكية من جهة اخرى، كل ما سرب منه أن هناك توافق على تحويل ثمانين في المئة من مداخيل النفط والغاز لصالح مرتبات لإخواننا في الشمال ،وانا هنا لا أعارض دفع المرتبات لأهلنا في الشمال من دخل مبيعات الغاز والنفط في محافظة مأرب فهذه ثروتهم ،والمرتبات حق مكتسب ومشروع لهم . كما هو من حق أبناء الجنوب الحصول على مرتباتهم وإدارة ثروات بلادهم من مداخيل النفط والموانئ والمعابر الجنوبية..مشروع الحل النهائي الذي يجري تداوله لازال طي الكتمان حتى على المجلس الرئاسي اليمني المغيب عن التطورات السياسية والاقليمية والدولية . على الدول التي ترسم خارطة الحل السياسي للأزمة اليمنية أن تعلم أن اي حلول لا تعترف بالواقع على الأرض وحق أبناء الجنوب في استعادة دولتهم مصيره الفشل واطالة أمد الصراع وعدم الاستقرار اليمن والاقليم معا ..

ختاما: يضل اليمن بلد مفخخ بالازمات إذا استمرت الأوضاع والقيادات الحالية التي تحكم الشمال والجنوب، بينما الشعب هو من يدفع الثمن، فاستمرار نزيف دماء ابناء الجنوب والشمال أكراماً لمن في الخارج وانتفاخ كروش من في الداخل يجب ان تتوقف. .