fbpx
الأمم المتحدة في مهب الريح.

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

لقد انشئ منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليكون منصة للدفاع عن السلام والأمن الدوليين ومعالجة التحديات التي تواجه الأمم، والمساهمة في وضع الحلول الممكنة لتغلب الدول على أزماتها. وعندما نكتب عن الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في سبتمبر من هذا العام، نجد انها مختلفة عن سابقاتها، لما رأينا من مواجهات سياسية ودبلوماسية، خاصة بين إمريكا والدول الغربية من ناحية، ومن اخرى روسيا الاتحادية وحلفائها.

هذا ما عكسته كلمة الأمين العام للأمم المتحدة ،أنطونيو غوتيريس، التي القاها بنبرة متشائمة، وهو يتحدث عن الوضع الدولي وقضايا الامن والسلام، قائلا “ان المسار الذي تنساق إليه التطورات سيئ، ولا يحمل خيراً”. كما ان أغلب كلمات ممثلي الدول سادها القلق والتشاؤم بسبب التطورات العسكرية المتسارعة للحرب الأوكرانية الروسية، التي أخذت الحيز الأكبر من اهتمامات دول العالم عبر كلمات قادتها ومندوبيها.
وجاء خطاب الرئيس الأمريكي ليكشف خطورة ما وصلت إليه العلاقات الروسيةالامريكية .قائلا إن “روسيا انتهكت دون خجل المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة.”
بينما جاء الرد الروسي على لسان وزير الخارجية سيرجي لافروف ليقول: ان “واشنطن تريد وقف عجلة التاريخ وتعتبر نفسها خليفة الله في الأرض”.
ومن واقع هذه الدورة نسجل الملاحظات التالية:

اولا..في الوقت الذي أحتدم فيه الموقف بين فرقاء الصراع، لم يلمس وجود اية جهود من قبل اطراف محايدة لرأب الصدع والتخفيف من حدة المواجهة ان لم يكن التوفيق فيما بين اقطابها. بل وعلى العكس من ذلك فقد غابت في هذه الدورة اللباقة الدبلوماسية،وسمعنا رسائل لا تطمئن، مما أُطلق على الدورة بإنهاء الأسواء في تاريخ الأمم المتحدة منذ تأسيسها قبل 77 عاماً. فبدلا من الدعوة للسلام والحوار، كان الحديث يدور عن احتمالات الحرب النووية.
ثانياً..لم تعد الجمعية العامة للأمم المتحدة منصة للسلام والبحث في أسباب النزاعات واقتراح المعالجات، بل أن كل الدول اعربت عن قلقها من تطورات الحرب الاوكرانية الروسية، لكنها عجزت عن تشكيل اية ضغوطات على طرفي الصراع لتفادي ما قد يكون أسوأ في المستقبل القريب.
ثالثاً.. ان صراع إمريكا ودول الغرب من جهة، وروسيا وحلفاؤها من جهة أخرى يتمحور حول تمسك الغرب باحادية النظام العالمي بقيادة حليفهم التاريخي الولايات المتحدة الامريكية، بينما روسيا وحلفائها يدفعوا باتجاه التعددية القطبية. هذا ما دفع بالكثير من دول العالم الى الامتعاض من السلوك الامريكي داخل أروقة الأمم المتحدة. هذا السلوك المتسلط كان واضح في هذه الدورة، الامر الذي تخشى فيه دول العالم من هيمنة واشنطن على قرارات الجمعية العامة، وتحويل اجتماعاتها الى مجرد تقليد برتكولي.
رابعاً..نتفق مع الرئيس الأمريكي فيما قاله عن اهمية الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة، وكنا نتمنى أن يكمل الرئيس الأمريكي حديثه ليشير إلى الدول التي انتهكت الميثاق الدولي وشنت الحروب على العراق وليبيا وسوريا والصومال وافغانستان .
ختاما.. إذا لم تتخذ دول العالم موقفا متماسكا ضد الهيمنة الامريكية في الأمم المتحدة، فإن الأمم المتحدة في وضعها الحالي ليست هي أفضل حالا حينها من عصبة الأمم. ومع ذلك دعونا نتفائل بالخير وأن تأتي الدورة الثامنة والسبعون، العام المقبل ، وقد أصبح العالم أكثر توازنا في ظل التعددية القطبية، وأكثر استقلالية وتحرراً من ما هو عليه اليوم.