مقالات للكاتب
كتب/ علي عبد الله البجيري
بعد ان بلغ التوتر بين المجلس الانتقالي والشرعية اليمنية حداً يهدد بمواجهة عسكرية على خلفية الخلاف حول عدد من الملفات، ومنها ملف الشرعية وتسليم ” جيشها الوطني ” مديريات بيحان الجنوبية للمليشيات الحوثية دون مقاومة تذكر. فقد أصبح من الضروري ان يكون لقيادة المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي تدخل في الأمر، هدفه الحد من تصاعد ذلك التوتر والنظر في كيفية تطبيق اتفاق الرياض. هكذا جاءت الدعوة من قيادة المملكة العربية السعودية لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، لعقد لقاء رفيع المستوى بين الجانبين السعودي والجنوبي، هدفه تدارك الوضع والعمل على تهدئة الأجواء بين الانتقالي والشرعية اليمنية، وتوجيه جهودهما لمواجهة تقدم المليشيات الحوثية وسيطرتها على بعض المواقع الجديدة وتصاعد تهديدها للملاحة الدولية في باب المندب وبحر العرب.
لهذا السبب عقدت مفاوضات مباشرة في الرياض بين فريق المجلس الانتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي وفريق التفاوض السعودي برئاسة سفير المملكة في اليمن محمد ال جابر، في لقاء هو الثالث في الرياض.
ورغم أن الآمال كانت ضئيلة في أن يتمكن هذا اللقاء من ردم الهوة بين الجانبي الانتقالي والشرعية، نظراً لتشابك ملفات الخلافات، لكلا منهما على الارض، إلا أنه كان من الواضح أن الجانبين السعودي والجنوبي قد أبديا رغبة شديدة في تطابق وجهتي نظرهما تجاه الساحتين السياسية والعسكرية في إطار اتفاقية الرياض ومبداء ” الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة” وفق تعبير احد القيادات الجنوبية المتابعة للقاء. حيث اكد الطرفان على تصويب علاقات الانتقالي بالشرعية باتجاه الطريق الصحيح وضمان الحشد المشترك والتنسيق العالي الميداني في مواجهة المليشيات الحوثية الانقلابية واستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها المختطفه شمالا. في حين أكد الجانب السعودي على أن المحادثات كانت مثمرة وان هدفها ضمان استكمال تنفيذ تطبيق اتفاق الرياض بين الانتقالي والشرعية اليمنية.
إذاً .. اللقاء بين القيادة السعودية والقيادة الجنوبية كانت له اهداف محدده، منها العمل على تنفيذ بنود اتفاق الرياض وضمان الحيلولة دون الانزلاق إلى مواجهات عسكرية بين الانتقالي والشرعية، خصوصاً بعد تبادل الكثير من الاتهامات في الفترة الأخيرة على خلفية الهزائم والانسحابات وتسليم المواقع والمعسكرات ومديريات بيحان للحوثيين من قبل الشرعية وجيشها.
وعلى ضوء تلك التفاهمات يبدو ان اللقاء السعودي الجنوبي استوعب مطالب الجماهير الشبوانية التي دعت الى محاسبة القيادات العسكرية التي سلمت مديريات بيحان الثلاث للمليشيات الحوثية، وطالبت بإعادة النظر في وضع المحافظة بما فيها تعيين محافظ جديد للمحافظة وقيادات وطنية بعيدة عن جماعة الإخوان في اليمن.
وللتذكير فان تلك المطالب جاءت في اللقاء الموسع الذي دعاء اليه الشيخ عوض محمد الوزير شيخ قبائل العوالق ودعمته القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي، على خلفية سقوط مديريات بيحان وتفشي الفساد في اجهزة السلطة المحلية لمحافظة شبوة، ما زاد من حدة التوتر في المحافظة وخاصة بعد اقتحام القوات الخاصة الاخوانية معسكر ” العلم” الذي تتواجد فيه مجموعة أفراد من النخبة الشبوانية.
من الواضح أن اللقاء السعودي الجنوبي الذي تميز بالتفاهم في وجهات النظر، قد أعطى أملاً بأن هناك توجه لدى قيادة التحالف العربي بإعادة تقييم للأحداث على الأرض ورسم خطط عسكرية بعيدا عن تدخل قيادة جماعة الإخوان السياسية والعسكرية .
ولعلي أطرح الآن بعض الملاحظات:
اولا.. يعلق شعب الجنوب وقواه السياسية أمالهم على اعادة تقييم دول التحالف العربي لمجريات الواقع السياسي في الجنوب وتطورات الاحداث العسكرية على جبهات مواجهة المليشيات الحوثية.
ثانيا.. ان لقاء سفراء الدول الدائمة في مجلس الامن الدولي وبشكل موحد مع وفد المجلس الانتقالي الجنوبي يشكل نقطة تحول هامه واعتراف صريح بمكانة وبدور الانتقالي الجنوبي وأهمية حضوره كممثل للجنوب في مفاوضات السلام القادمة.
ثالثا.. نؤكد على ان التقارب الجنوبي الجنوبي هو الكفيل والضامن الحقيقي لانتصار الجنوب سياسيا وعسكريا. وما حققه الانتقالي في مباحثاته مع الجانب السعودي ومع الجانب الدولي إلا انعكاس للحد الأدنى للتقارب الجنوبي الجنوبي الذي تحقق والذي لا يزال يتطلب الى المزيد من التقارب والتلاحم والتعاضد.
خلاصة القول. تضل مهمة كل جنوبي شريف هي الاسهام الفعال في التقارب والتلاحم والتعاضد بين الجنوبيين مكونات وجماعات وأفراد، وتحفيز الرجال للدفاع عن الأرض والعرض. وما لقاء ابناء شبوة التاريخي إلى نموذج لما هو مطلوب في كل المحافظات الجنوبية. فالدفاع عن الوطن مسؤولية كل فرد جنوبي. ونحن ننتظر خروج مقررات لجنة الحوار الجنوبي الجنوبي من الادراج إلى التطبيق العملي، ففيها المخرج والشفاء للجرح الجنوبي نحو مستقبل أفضل.