مقالات للكاتب
كتب/ علي عبد الله البجيري.
مرة أخرى يطل علينا الشبح المرعب للارهاب، حاملا بيديه ادوات التفجير الإرهابية. هكذا عاشت عدن ايام عصيبة، حين اصابها الانفجار الارهابي الاول الذي استهدف محافظ المدينة، وكانت النتيجة استشهاد طفلة في عمر الزهور، والثاني كانت نتيجة حصيلة من الاشلاء لاطفال ونساء كانوا في مأمن من انفسهم. هذان التفجيران ذَكّرَا الناس بتفجيرات دامية سبق أن جعلت مدينتهم واحدة من أسخن مدن العالم وأكثرها استهداف للإرهاب، تلك التفجيرات التي راح ضحيتها طلاب متدربين عسكريين وغيرهم من المدنيين.
وعلى الرغم من أن التفجيرات لم تتوقف في الجنوب عامة، حيث استمرت التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة والإخوان والمليشيات الحوثية، جميعها استمرت باستهداف مناطق الجنوب وزعزعة أمنه واستقراره. لكن الجديد في تفجير الأمس هو انه استهدف حي سكني يقع بالقرب من المطار الدولي وسط مدينة مكتظة باناس مسالمين، كل يسعى في عمله بحثا عن أرزاق لاطعام أولادهم واسرهم. هذا هو ما يميز انفجار الامس عن بقية الانفجارات السابقة.
الغريب في الامر انه لم يتبنئ أي تنظيم إرهابي مسؤوليته عن التفجيران. فالتنظيمات الإرهابية ” داعش و القاعدة” عادة ما تعلن مسؤوليتها عن أي عمل إرهابي يقومان به، في حين اكتفت حكومة الشرعية ممثلا بالدكتور معين عبد الملك بطلب من اللجنة الامنية التحري والتحقيق في الحادث.
لكن ما يراه العسكريون من على الأرض هو أن القادم أكثر خطورة، معتبرين الإخلال بالأمن هو فرصة يمكن لها ان تمكن المليشيات الحوثية المدعومة من إيران من استغلالها، بتواطى من مراكز النفوذ في الشرعية الاخوانية عبر نفوذها في البلاد.
استهداف المدنيين بهذه الصورة يؤكد سعي الجماعات الظلامية لاستهداف الأمن والاستقرار في العاصمة عدن وايقاف تطلعات الشعب الجنوبي إلى مستقبل يسوده الاستقرار والتمنية والسلام” وفي الوقت نفسه رسالة لوقف حركة الوفود الدولية والإقليمية وتواجد الحكومة الشرعية في عدن.
الواضح بأن الإجراءات الأمنية التي ستتخذها حكومة الشرعية “لن تصل إلى المدبر والمخطط ومن يقدم الدعم اللوجستي، ولن تحاسب من يستثمر الحدث سياسياً واعلاميا للهجوم على القوات الأمنية الجنوبية والاساءة إلى قدراتها في مواجهة الارهاب، طالما والإخوان يسيطرون على توجهات وسياسات الشرعية.
المصادر الأمنية في عدن أشارت إلى وجود “خلايا نائمة” و”جيوب” في مناطق تجمعات النازحين وتدفقهم اليومي من الشمال إلى عدن تحديدا في إطار خطط محدده تشرف على تنفيذها جماعة أنصار الله الحوثية.
ولعلي أطرح هنا بعض التساؤلات والملاحظات المتصلة بهذا الأمر:
اولاً: أين كانت الخطط الأمنية في منطقة هامة واستراتيجية مثل مطار عدن؟ اين تسجيلات كاميرات الفيديو الموثقة للحركة بجانب المطار والمفترض أن تكون متواجده في الشوارع والمواقع الهامة.
ثانياً: يرى خبراء مكافحة الإرهاب أن استمرار مداخل العاصمة عدن مفتوحة فرصة كبيرة لشاط وتحرك المليشيات الحوثية، والتنظيمات الإرهابية فعدم الاستقرار هو بيئتهم المناسبة في خلط الاوراق. وهذا واحد من استراتيجياتهم لمستقبل “مشروع اللادولة”. وقد لاحظنا الكم الهائل من الأكاذيب المريبة والتي تضخها وسائل الإعلام الاخوانية في اليومين الماضيين وكلها تشير بوضوح إلى غاياتهم، بدأ باستهداف معسكر العلم في محافظة شبوة وأنتهى بتفجير حي مطار عدن الدولي.
ثالثاً: إن التفجيرين الإرهابيين الأخيرين في عدن يعيدان المشهد الأمني إلى مربع البداية، إذ ينذر بوجود إمكانية تنفيذ اعتداءات إرهابية مماثلة مما يستدعي اخذ الحيطة والحذر. فوصول التفجيرات الارهابية إلى مطار عدن الدولي يعني أن هناك خلايا ارهابية وحوثية تتحرك وتخطط وتدخل السيارات وتجهزها بالمتفجرات وإيصالها إلى المواقع والاهداف المحددة لها في إحدى أكثر مناطق عدن زخماً وحضوراً امنياً .
رابعاً: إن التوتر الأمني الناجم عن وجود عمليات إرهابية ورقة ضغط بيد إيران تستخدمها في المفاوضات مع السعودية فهي ترى الجنوب ساحة للصراع، وترى أن مصلحتها أن لا تنعم المحافظات المحررة وبالاخص العاصمة الجنوبية عدن بالأمن والاستقرار.
أن إيران بحاجة لاشعال الأجواء قبل الدخول إلى المفاوضات النووية عن طريق تسخين المواجهة في الجبهات اليمنية وتفعيل العمليات الارهابية ومن ثم توظيفها لصالح مواقفها التفاوضية.
خامساُ: الاخبار القادمة من شقرة الابينية لا تسر خاطر وتنذر بخطر حقيقي، والسؤال لمصلحة من التصعيد العسكري بين ابناء الوطن الواحد ؟ العدو الحقيقي على الأبواب ولن يرحم أحد كان شرعاوي أو انتقالي، أين العقلاء ورجال الحكمة لوقف اقتتال عبثي متوقع لا مبرر له .
خلاصة القول.. سيظل الإرهاب الحوثي والاخواني والقاعدي والداعشي، يضرب عدن طالما ووسائل المراقبة والتحكم بالاتصالات تحت إشراف جماعة الحوثي في صنعاء. سيظل الإرهاب نشطا طالما والمركز الرئسي لحركة الطيران بيد الحوثيين، بحيث يوفر للإرهابين قوائم واسماء المغادرين والواصلين إلى عدن.. سيظل الإرهاب يضرب الوطن طالما وجماعة الإخوان المسلمين هي من تتحكم بالقرارت السياسية والاقتصادية لحكومة الشرعية اليمنية .. سيظل الإرهاب يتنقل ويفجر طالما ولم يقدم إرهابي واحد للمحاكمة منذ سبع سنوات وهو عهد الشرعية الاخوانية. سيظل الإرهاب المستفيد الأول من عدم نشر نظام المراقبة والمتابعة عبر كاميرات المراقبة في كل إحياء العاصمة الهامة والمرافق الاستراتيجية للدولة. سيظل الإرهاب يضرب عاصمتنا في ظل غياب وحدة الصف الجنوبي الذي يتطلب تداعي جميع الكيانات الجنوبية إلى اتخاذ مواقف موحدة وإعلان حالة الاستنفار العام دفاعا عن عدن الابية وكل الجنوب. فهل من يسمع هل من يستجيب اللهم اني بلغت ؟؟.