fbpx
بعد ايام تحل ذكرى احتلال العراق ..فلماذا احتلت أميركا العراق ..؟
شارك الخبر
بعد ايام تحل ذكرى احتلال العراق ..فلماذا احتلت أميركا العراق ..؟

يافع نيوز – صحيفة العرب

أيام وتحل الذكرى العاشرة للاحتلال الأميركي للعراق في أبريل من العام 2003، أعوام عشرة مرت دفع العراق فيها ثمنا باهظا لهدف معلنه شيء وما خفي منه كان أشياء أخرى، حيث ضاع وطن، وتشرد شعب، وتحول أغنى بلاد الأرض إلى أكثرها فقرا، وحيل بين وطن وبين الملايين من أبنائه الذين وجدوا أنفسهم في لحظة فارقة من الزمن خارج أسوار وطن سهروا وتعبوا عليه.
تمر الذكرى العاشرة لغزو واحتلال العراق، والمشهد فيه بات أكثر سريالية من أي وقت مضى، فالحكومة التي يقودها رئيس الوزراء نوري المالكي، تعمل ومنذ ست سنوات، وأكثر على تحويل العراق إلى واحة خلفية لإيران، ناهيك عما تقوم به من اختلاق مشاكل مع شركاء العملية السياسية الذين كانوا من أوائل من رحب بهذه العملية السياسية، وآمن بها على أنها مدخل لعراق جديد.
المفارقة أن احتلال العراق تم تحت ذرائع عدة بدأتها الولايات المتحدة بكذبة أسلحة الدمار الشامل، وأن العراق لديه مخزون من تلك الأسلحة، وأن العراق ضالع بالعمليات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر من عام 2011، وبعد أن تبين بطلان تلك الادعاءات، طلعت أميركا علينا بكذبة أخرى بأنها تسعى من خلال الاحتلال وإسقاط نظامه، لنشر الديمقراطية، وهذي سنوات عشر مضت، وستمضي مثلها، ولن ينعم العراق برائحة الديمقراطية ولن يتنسم عبيرها.
أغرب ما في الاحتلال الأميركي أنه لم يدمر العراق وحسب، وإنما سلم العراق بقضه وقضيضه إلى إيران، التي يفترض أنها عدوة الولايات المتحدة الأميركية، وباتت إيران المتحكم الفعلي في عراق اليوم، بل لم تعد للولايات المتحدة الأميركية أي وجود فعلي رغم كل ما قدمته من خسائر جسيمة لاحتلال العراق، فحتى الطائرات الإيرانية التي تمر إلى سوريا عبر العراق، وتنقل كل الإمدادات لنظام بشار الأسد الوحشي، لا تجرأ الولايات المتحدة على أن تأمر حكومة بغداد لتفتيشها، وتطلب الأمر زيارة مفاجئة من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بغداد ليطلب من حكومة المالكي تفتيش هذه الطائرات، وهو العارف قبل غيره، أن لا المالكي ولا وزير نقله هادي العامري قادر على اتخاذ مثل هذا الإجراء.
يحق لنا كعراقيين ومتابعين لوضع بلدنا أن نتساءل، لماذا احتلت أميركا العراق؟
لا أعتقد أن الإجابة، كما يحلو للبعض أن يلخصها بأنه غزو لمنابع النفط، فحتى هذا النفط تحول إلى أكبر داعم لإيران التي تعاني من حصار دولي، في حين لم تتحصل كبريات الشركات الأميركية سوى على عقود بائسة من حقوق التنقيب والاستثمار في الحقول النفطية العراقية العملاقة.
نعم أن الغرابة ما زالت تلازم أعنف وأعتى احتلال في التاريخ، فرغم كل ما تكبدته الولايات المتحدة من خسائر مليارية ناهيك عن خسائر بشرية هي الأكبر في تاريخ حروبها، إلا أنها خرجت خالية الوفاض، ربما الشيء الوحيد الذي يمكن أن تكون الولايات المتحدة قد جنته من هذا الغزو، هو توفير أكبر حماية فعلية لحليفها الرئيسي في المنطقة ألا وهي إسرائيل، ليس لأن العراق يمتلك أكبر ترسانة أسلحة وجيش مليوني، وإنما لأن بلدا بمقدرات العراق لو قيض له أن يتولى أمره حكم وطني، فإنه سيكون قادرا على يقلب معادلة الأمور في المنطقة برمتها.
إن الحديث اليوم عن اتفاق أميركي إيراني لتقاسم الثروات والنفوذ في المنطقة لم يعد خافيا على أحد، بل وبات الصوت أعلى، خاصة بعد أن شاهد العالم كيف تقف أميركا مكتوفة إزاء كل ما تقدمه إيران من مساعدات لنظام بشار الأسد الوحشي، وإزاء ما تقوم به حكومة بغداد الحليفة لها من انتهاكات لحقوق الإنسان وصلت إلى حد اغتصاب السجناء الرجل والنساء في المعتقلات.
نعم إن منطقتنا اليوم تعيش واحدة من أسوأ مراحلها، وبات الأمل كل الأمل في انتفاضة شعبية، ظهر جزء منها في بعض البلدان، وإن كان لا يزال غير قادر على الوقوف على قدميه، إلا أن الأمل في أن تكون انتفاضات الشعوب العربية مدخلا لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة برمتها، وإلا فإننا مقبلون على تصدع أكثر من الذي نعيش، فالولايات المتحدة الأميركية وإيران تتناوبان الأدوار على المنطقة، وكل ما يقال من جعجعة في وسائل الإعلام من خصومة وعداء، لا يعدو أن يكون وسيلة للضحك على شعوب المنطقة.
في ذكرى نكبتك العاشرة يا وطني، أذرف دمعة حرى على مليون وربع المليون عراقي ممن حصدتهم وما زالت آلة الموت والقتل، ومثلها لعيون أطفال ما زالوا يعيشون وطأة أوضاع الاحتلال وما خلفه، وأرامل وصل عددهن إلى ما يقارب المليون أرملة، ودمعة أخرى لنهريك وجبالك وسهولك وأهوارك وأنت تكابد كل هذه الآلام وحيدا، سلاما يا عراق في ذكرى نكبتك العاشرة.

أخبار ذات صله