fbpx
الشاعر الغزلي: أحمد عبدالله بن ناصر هرهرة

علي صالح الخلاقي
أشهر شعراء يافع الغزليين بعد يحيى عمر، ولا زالت أشعاره الغزلية مادة خصبة للمطربين الشعبيين ويحفظها الكثير من الناس ويرددونها بألحانها اليافعية الأصيلة التي تشنف الأذن وتطرب القلوب، وقد شغل اسمه ولقبه وكنيته الكثيرين، لأنه كان يقول قصائده متخفياً تارة باسم (بن زامل) وتارة باسم (بن ناصر) أو (أبو ناصر) وقد يذكر لقبه (بن هرهرة) وسبب ذلك مكانته الاجتماعية لأنه ينتمي إلى سلاطين آل هرهرة، ومعروف أن الغزل في العرف القبلي لا يقوله علية القوم وإن كانوا يحبونه سماعه من غيرهم. أما اسم الشاعر الحقيقي فهو أحمد بن عبدالله بن ناصر بن صالح بن أحمد بن علي بن عمر بن صالح بن أحمد بن الشيخ علي هرهرة، وقد كان يفتخر بجده كثيراً فسمى نجله الأكبر باسمه وتكنى بـ (أبو ناصر أو بن ناصر)، ولذلك يسميه البعض أحمد بن ناصر. ولا تخلو غزلياته من الفخر بنسبه وبقومه، وكان يحب التنقل والسفر بين يافع وحضرموت وعدن وغيرها. كتب عنه حسين صالح مسيبلي تحت عنوان “من الأدب الشعبي” في مجلة (الحكمة) العدد9، الصادر في 15يناير 1972م وسماه أحمد بن زامل بن علي بن هرهرة وقال عنه:”عاش هذا الشاعر منقلاً في مناطق اليمن،وله بعض رحلات إلى بعض البلدان العربية. وقد وقد وصفه في رحلته إلى مصر أحد زملائه ودوَّن مغامراته مع الفتاة التي أحبها في مصر ثم حُرم منها. وقد توفي منذ أكثر من 80 سنة. لكن اسمه لا زال يتردد على الألسنة والأسماع حتى يومنا هذا. وما ذلك إلاَّ بما دوَّن من القصائد الغزلية التي خلدته والتي استحلاها الناس واستحسنوها ووضعوا لها الحاناً مختلفة يتغنون بها في كل حفلة وسمرة وناد”. والأرجح أنه توفي في أواخر العشرينات من القرن الماضي. ومن أشهر قصائده الغزلية القصيدة التالية:
بن هرهرة قال سالت دمعتي من عيوني
راجي من الله دفاع

ظَمْآن عَطشان راجي منِّكُمْ تِدْركُوني
شَربه هنيِّه بسَاعْ

وفصل أوَّل مُرادي أنكُم تطعموني
من قوتكم والرضاع

والثانيه لا عزمتوا عالسفر تِعْلِمُوني
نسهر بضوء الشماع

والثالثه من سَلَبْكُم سيف با تنبلوني
لا سِرْتْ يوم الوقاع

والرابعه يا سَلا قلبي وقُرَّة عيوني
شي للكلام استماع

والخامسه أنت حرف الحاء وسيناً ونوني
أحمد يحبك مُطَاع

وان مُتّ بالله ما بين النهود ادفنوني
لا تدفنوني بقاع

وان شي عَلَيَّا أدب يَهْل الهوى أدِّبُوني
وقطِّعُوني قِطَاع

من أجل مولى العيون الساجيه والجفوني
سهران لَمَّا الشعاع

لا بل أهل الهوى هُمْ بالهوى ولِّعوني
من يوم ثوبي ذراع

ومن قصائده الشهيرة هذه القصيدة:
يقول أبوناصر سمع صوت الغناء من قصر سام
مسمس فؤاد احمد وشل اللحم من فوق العظام

اسقوني ارووني رَعُوْني ببصر الدنيا ظلام
ولا شربت البحر كله ما يجي لاحمد شُمام

على من اشكي يا جماعه كِنْ خِلِّي ما استلام
ضحك ومد الكوز و أسقاني حماه الله ودام

وادخلني الديوان وان عنده ميه ذي هم قيام
والفين ذي هي تحت بيته واكده رُتبه وزام

واثنعش تنسع له جعيده طول جعده للحزام
واثنعش تنشد له وثم اثنعش تفعل له وشام

واثنعش تفرش له سريره من قطف بيت الأمام
واثنعش بيديهن مراوح لا هداه الله ونام

وتسع تحجر له وثم العاشره تضرب سلام
سلام للفني ولو ما جاز له مني سلام

سلام من عيني ومن رأسي ومن مخ العظام
لو شافه القاضي تمنى ليت من هو له غلام

ما عاد أَبَا كُثر العمائم عمموني بالحزام
جوَّب عليَّا قال يا شيبه بتفعل ذا الكلام

تشهد عليك الكوفيه لك بالعمر سبعين عام
وقلت لاشي شيب من صرخة حجولش والحزام

والاَّ أنا جاهل مؤرخ بالعُمر عشرين عام
ماهل طرحت الكوفيه سَبّ الدُّول تضرب سلام

ما بالهوى مَنْكُور يا خرعوب يا فرخ الحمام
من فرقتك قد لي سنه نومي على أعياني حرام

جاوب عليَّا قال ما حَدْ يمنعك لا أنته تنام
نم لك ثلاث أيام والاَّ شهر كامل بالمنام

وقلت أبُو ناصر عقيد القوم لا اشتدّ الخصام
با نفعله يوم الشهاده تختلط يافع ويام

وقال يافع قد مضوا ذي شيدوها لا شبام
ما اليوم يافع وا سخيف العقل ما فيهم زمام

وقلت يافع فيه جند الله يشهد لك ريام
يافع جراد الروم مَلاَّ اتْمَحَّقوا والثَّم جام

مع فَشَل يافع يكاد الضر لا تحت المدام
قتله في الحد با تقع والثانيه مكمل غرام

والثالثه وَصْتْ الشعيب وتكمل النقطه تمام
والاَّ فلا جدي علي بن هرهره نسل الكرام

وشيخي القطب المسمى نسل بوبك بن سُلام
وان حد يكذبني يؤرخ له على هذا الكلام

والفين صلى الله على المختار هو بدر الظلام
الشافع النافع لنا يوم القيامه والندام
———————————
من كتابي (أعلام الشعر الشعبي في يافع)