fbpx
داخلات في النسب خارجات من الميراث

 

لينا الحسني

– “عندما نتحدث نخاف ألا يستمع لنا الآخرون أو يهاجموننا. لكن عندما نصمت، نظل خائفين. لذا فمن الأفضل أن نتحدث”  (أندريه لورد، شاعرة وناشطة من جزر الكاريبي)

 للنساء دور كبير في تقدم وارتقاء أوطانهن فلا يخفى على الكثير ما قامت وتقوم به المرأة على مر العصور وفي مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية .فالمرأة لم تكتفي أن تكون في الظل أو خلف رجل عظيم تشد أزره ليتسلق على اكتاف نجاحها..

المؤسف ما نجده اليوم في المجتمع الإسلامي والعربي من تجاهل وتهميش لدور المرأة  والانتقاص مما تعمله برغم كل الادعاءات انهن شقائق الرجال ورفيقات الكفاح وهذا ما يحبط النساء ويدفعهن إلى الابتعاد والانزواء  .

في الجنوب عامة وعدن خاصه وهي حاضرة الجنوب وكن فيها نساء رائدات العمل السياسي والحقوقي  لم يذخرن جهد للمشاركة في بناء وطنهن نجد الوضع قد تغير للنقيض  نجد أن المرأة قد همشت وهضم حقها حتى في التعبير كأنها داخله في النسب خارجه من الميراث .

لدينا  في الجنوب من الناشطات والكاتبات لديهن مواقف رائعة على أرض الواقع وكتاباتهن تتسم بالصدق لكن للأسف لايجدن من الرأي العام والرجل الجنوبي على وجه التحديد أي تشجيع بالعكس يتم تهميشهن وأحيانا تخوينهن والتقليل من شان ما يكتبن بعكس اذا كانت هناك امرأة كائنا من تكون ولكن ليس جنوبيه يتم التهليل لها والتصفيق والاشادة والمشاركة لما تقول ..الخ

 

 

 

 

السؤال هنا.. لماذا؟

هل عقدة الاخر او الاجنبي؟

او عقدة نقص لدى الرجل من نجاح المرأة…؟.

من هذا المنطلق  كان لنا ان نجاهر بالتساؤل ونطالب بحق الرد من النساء والرجال على حد السواء فالموضوع هنا لا يمس المرأة فقط وإنما يمس وطن بأكمله  فالنساء نصف المجتمع ويربون النصف الاخر ..

وتحدثنا هنا الكاتبة والناشطة  زينه الغلابي عن ما مرت به من تهجم وانتقاد خلال تجربتها في  الكتابة والتصوير وتوثيق للثورة:-

إحدى المصاعب التي قد تشكل عقبة صعبه أمام المرأة  الكاتبة على وجه الخصوص في مجتمع ذكوري بحت هو وضع سقف لكتاباتها ,وتأطيرها في قالب معين يحرم الخروج عليه , عن تجربة شخصية في حالة أن كان محتوى المقال يناقش شيئ عن الوضع السياسي في الجنوب او الشمال ككل قد اواجه نقد او نوع من التحطيم من الجهات التي يعارض مصالحها محتوى المقال فقط , ولكن حينما يتطرق المقال عن مواضيع حساسة حول الاسلام السياسي الحديث , والنخب الدينية , واجهت نقد غير موضوعي وغير بناء , فقط لأني مرأة اعتقد ان كان كاتب المقال رجل كان النقاش سيدور حول محتوى المقال , إنما في حالة كاتب المقال مرأة النقد كان ( تخطيتي  حدودك كامرأة ) إما مسألة التهميش والتقليل لكوني جنوبية , هذه سياسة عامة على الجنوبي والجنوبية نشهدها منذ وقت , وغير محصورة على كاتب هي تعم وتشمل المصور والسياسي والكاتب والصحفي .. إلخ

وكذا يشاطرها الرجل نفس الرأي تقريبا فيقول صالح الفارس (طالب جامعي )

حتى منذ ما قبل انطلاق الحراك الجنوبي في 7 يوليو/2007م كان هناك عدد من نسوة الجنوب ينشطن وينتقدن ما يحصل في الجنوب واستمرين لما بعد الانطلاقة وكتبن ونشطن ورصدن كل الانتهاكات ودافعن وناضلن في سبيل القضية والجنوبية وثورة الجنوب والحراك وتعرضن من قبل النظام والسلطات لأشد انواع التنكيل والتضيق والتهديد. هذا لم يشفعن لهن عند اخوانهن من الرجال في الجنوب فتجدهن يتعرضن للتخوين والتهديد والوعيد والملاحقات والتشهير. لكن عندما تنطق أي امرأة اخرى ليست جنوبيه بكلمتين حتى لو كانت دون معني  تجد اولئك يهللون ويكبرون لحديثها ويصل البعض أن يضع صورة هذه المرأة في بروفايلاتهم على صفحات الفيسبوك واذا لم يجد لها صورة أكيد سوف يصنع  لها تمثال ويكيل الاتهامات لمن صنعت معهم ثورتهم …

ويعزز ذيزن نعمان ما ذكر  فيضيف  ..للأسف الشديد أنا أعز ذلك إلى مجموعة الثقافات السيئة التي دخلت على المجتمع الجنوبي منذ ما بعد الوحدة عام 90م ،، في العالم أجمع نجد أن الشعوب تمضي للأمام ولكن نحن نسير للخلف ،، نتباكى على هوية عمل الاحتلال منذ ما بعد 94م على طمسها ونحن للأسف أول من ساهم في طمس تلك الهوية وبالتحديد الوجه المشرق منها.

 على نفس الوتيرة يؤكد الناشط  محمد مظفر العولقي  إن الوعي المجتمعي في الجنوب  يتدهور مستمر منذ 94 ودور المرأه في الثورة الجنوبية اعتبره دور هامشي جدا برغم الاسماء النسائية التي لها دور جيد في الميدان او الاعلام ولكن لا يرتقي إلى الدور المطلوب لماذا ؟؟؟ لان الإنحدار في الوعي الجنوبي سبب في ذلك . في الوقت الذي عاشت فيه المرأة الجنوبية في السابق في ظل طفره مجتمعيه تقدميه وصلت فيه الى درجات مهمه في الوظيفة وكفلت لها الحقوق السياسية والاجتماعية فالاحتلال أثر على الوعي ولهذا طبيعي جدا أن نجد دورها مهمش حاليا وينظر لها الرجل بنظره دونيه فليس هي مسؤوله عن ذلك ولا احمل الرجل هذه النظرة بل احملها الاحتلال اولاً وتأثيره المباشر في الثقافة العامة الجنوبية ثم احمل المسؤولية من اوقع هذا الشعب في هذا المستنقع الذي يدفع ثمنه دماء وتجهيل وتخلف .. علينا جميعا مسؤوليه في الارتقاء  بهذا الوعي المجتمعي

مما لا شك فيه ان القلم الجنوبي عموماً قد اصبح مرفوضاً و غير متقبلاً من الآخر ،  كون الافكار التي تطرح غالباً ما تتكلم عن القضية الجنوبية ، و هذا الطرح يتنافى و الرؤى الاخرى ، اذ يعتبروه شاذاً و يجب ازالته و محاربته بأي وسيلة كانت هذا ما اكدته الكاتبة اماني شريح   .

المرأة الجنوبية لم تسلم من هذا ايضاً فكل الاقلام النسائية التي كتبت لابد و انها تطرقت بأساليب و اطروحات مختلفة في عرض القضية الاساسية الا و هي القضية الجنوبية و حق الجنوبيين ، و لهذا تُعامل بنفس الرفض لأنها تساهم – برأيهم- في نشر مفاهيم مناهضة لمفاهيم يسعون إلى تعميمها و جعلها ثقافة تبني عليها الاجيال القادمة فكر و هوية ، حتى و ان كانت لا ترضي شعب بأكمله .

لكن هذا ليس كل شيء ، فلو نظرنا لمشاركة النساء الجنوبيات في العملية السياسية و الثقافية سنجدها شحيحة بالنسبة لحجم القضايا النشطة على الساحة الجنوبية و برأي القابل للصواب أو الخطأ ، فقد يرجع ذلك الى عدة اسباب سياسية و اجتماعية منها : – غياب كافة اشكال الدعم من قبل الحكومة للمرأة الجنوبية . – استقلالية غالبية النساء وعدم تبنيهن لرؤية سياسية تحسب على حزب ما من شأنه ان يسهم في ابرازهن و تمكينهن اكثر . – التخوف من تعرض حياتهن للخطر في ظل انعدام الأمن . – تأثرهن بالبيئة العربية التي تمنع المرأة ” عموماً ” من الخوض في هذه المجالات التي قد تمس سمعتها بسبب ظروف تجبرها ربما على التنقل وحيدة مع فريق عمل يكون اغلبهم من الرجال .

و لا يمكنني اعفاء البعض من العقول الجنوبية الذكورية عن اغفالهم دورهم في دعم شريكتهم للوقوف معاً في كافة القضايا ، فهناك من نساء الجنوب من اعتبرهن رائدات في هذه المجالات و باحثات عن الوجود الفعلي لهن في مجتمعهن لم يسلمن من التخوين او الاستخفاف بعقولهن ، كما لا يمكنني اعفاء بعض العقول النسائية التي ساهمت بتهميش نفسها و انتقاد نظيراتها من النساء اللواتي خضن تلك المجالات .

في الاخير اقول إن سلًمنا بأن تواجد النساء الجنوبيات في كافة الحقول ضرورة يقاس عليها ثقافة المجتمع بالكامل ، فلابد و ان تكون أول خطوة في هذا الطريق مبذولة منهن قبلاً ، و لابد من أن يعي الرجل الجنوبي ان باب تقدم مجتمع لن يفتح .. إلاً اذا طرقته امرأة .

وهذا ما تؤكده  الناشطة المهندسة  ام مرام  :

المرأة الجنوبية معروفة منذ القدم بقوتها وشجاعتها في الخوض بالسياسة ولكن ما تمر به المرأة الجنوبية بظل الثورة الجنوبية من بعض الرجال الجنوبين من اساءة وتشويه لعملها ونشاطها وذلك بسبب الغيرة القوية من المرأة وايضا لأغراض سياسية لإعاقة دور المرأة في الثورة وخوفا من ان يكون لها منصب قيادي مهم تشارك فيه الرجل في اتخاد القرار .. لذا علينا الاهتمام اكثر بنشاط المرأة والوقوف لجانبها من اي محاولة ذكورية لأعاقتها.

فيما يرى الناشط بسام المفلحي انه مما لا  لا شك ان دور المرأة في الجنوب تراجع بشكل واضح عن الدور الذي كانت تلعبه خلال الفترة التي كان فيها للجنوب دولته وهي الفترة التي تقلدت فيها المرأة الجنوبية مسؤوليات ومهام قيادية لدولة الجنوب وقد شكلة تلك الفترة تجربة متميزة على مستوى منطقتنا العربية ، اظن ان الفضل في ذلك يعود للتوجه الذي انتهجته الدولة آنذاك والذي يعتبر امتداد للفترة التي سبقة استقلال الجنوب خصوصا المرأة في عدن . اما التهميش والتخوين الذي تعاني منه المرأة الجنوبية اليوم ففي تقديري الشخصي ان ذلك التمييز وذلك اﻷقصاء الذي نعترف بوجوده لا يستهدف الناشطة الجنوبية كونها امرأة بل لا اعتقد ايضا انه يوجد هناك توجه من الرجل في ممارسة التهميش على اساس انتقاء الجنس بل ان هذه المشكلة يعاني منها النشطاء والناشطات على السواء بفعل المرحلة التي نعيشها اليوم والتي يعاني فيها الجميع من انتهازية البعض ممن يحاولون تكريس ثقافة الغاء اﻷخر وعدم اﻷعتراف به لتسييد ثقافة الولاءات الضيقة وسواء كانت ﻷشخاص او مكونات او جهات وبالتالي سنجد كل من يحمل رأي مستقل يبتعد عن حسابات الولاءات سنجدهم يتجاهلونه بل ويحاربونه سواء كان رجل أو امرأه  فالمشكلة في جوهرها مشكلة وعي وثقافة الذات ولا يوجد استهداف لجنس دون اخر. اما فيما يخص نظرتنا للأجنبي فأنا اتفق بأن هناك قناعه عامه تبلورت في ذهنيتنا بأفضلية كل ما هو اجنبي بشكل عام .

ترى هل سيكون لانتقاد الاخر واهماله سبب في تراجع نشاط المرأة في الجنوب وسبب رئيسي لابتعادها عن المجالات السياسية والثقافية ؟ ام أن النساء قد ادركن ان لا شي سيقف حجر عثره في مسيره نجاحها !

 يمكنك أن تكتفي بالجلوس وانتظار الآخرين ليحققوا لك حلمك الذهبي، أو يمكنك النهوض والسعي لتحقيقه بنفسك ” – ديانا روس، مغنية مشهورة عالميا