fbpx
أيُ جيلٍ سينشئهُ ذلك “المُطلفِس”!

 

مريم محمد

“مطلفس” ربما يكون هذا المصطلح غريباً بعض الشي على من يقرأؤه في كتاباتي، حيثُ أنني أفضلُ دوماً الكتابة بالعربية الفصحى ، لكن هذا الموضوع فرض عليّ أن أكتب هذه الكلمة العامية التي يفهمها السواد الأعظم من الجمهور الذي اخاطبه ، والتي كانت الوصف الدقيق والوحيد الذي حضر بعقلي في تلك اللحظة لذلك الذي يصفونه بـ “المدرس”!

لم أكن أتوقع أنني سأقابل “مطلفساً” عفواً “مدرساً” بهذا الأسلوب في تقديم رسالته السامية، لقد اصبتُ بخيبة كبيرة، وتملكني الحزن الشديد على ذلك الجيل الذي يبرق في عينيه شعاع أملٍ وحلم بمستقبل يليق به وبطموحاته ، ذلك الجيل الذي سلبه هذا “المطلفس” وغيره من “المطلفسين” الكثيرين حقه في التعليم الجيد ، الذين أصبحوا يتعاملون مع هذه المهنة كشيئ يسعون للتخلص منه في تلك الدقائق المحددة لهم كل يوم ..

حضرتُ حصّة قصيرة وأصبتُ بغصّة كبيرة وأنا أشاهد ذلك “المطلفس” وهو يتعامل مع طلابه الصغار ويسعى جاهداً لتضييع الوقت حتى يغادر المكان، كان منظره يوحي بالتساهل وعدم الاهتمام بتقديم مايفيد طلابه..

دقائق كثيرة ضاعت من وقت الحصة بعدها بدأ بضبط طلابه، سُعدتُ بذلك وأنا أراقبه بالرغم من التأخير الكثير ولكن قليلاً عندي من الجد والعمل أفضل من لا شيء في زمن أصبح لارقيب فيه ولا حسيب!

“الكل يتوقف عن الأكل الآن!” صرخ بصوته العالي وكان ذلك جيداً بالنسبة لي حيثُ يُعلم طلابه الصغار النظام والاحترام للحصة الدراسية والمعلم، لكن سرعان ماتبدد ذلك الشي الذي اسعدني!!

توقف الطلاب الصغار عن الأكل والتزموا اماكنهم تأهباً لبدء الدرس، فإذا بهذا ” المطلفس” يمسك بيده “نعنع ابو عود” ويقوم بمصها أمامهم! كم كان ذلك الشخص وقحاً وهو يسيئ لمهنته النبيلة بدلاً من أن يكون قدوة لصغاره ، ليس هذا فحسب فقد سأله أحد الطلبة ورد عليه ” اه نسيت ان أحضر قلمي اليوم، لن أستطيع الكتابة على السبورة” !!!

فماذا نتوقع أن يُنشئ لنا أمثال هذا “المطلفس” من جيل! هذا الذي يخاف من تلك المديرة أكثر من خوفه من ربه وهو يخونه في أداء عمله بأمانة ويقول “اسكتوا ستأتي المديرة وتراكم”وكأنه لايعلم أن الله يراه وهو مطلع على كل مايقوم به وسيحاسبه! لماذا مات ضمير اغلب المعلمين رُسل هذه الأمة! هؤلاء من يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في بناء عقول أطفالنا والنهوض بمستقبلنا..

إنه لقهر كبير أن أرى الدول الشقيقة التي كانت لا شيء في عصر الجنوب الذهبي وهي تسابق الزمن وتسعى للتطور ومنافسة الأمم وتستحدث وزارات وتتهافت للصعود للفضاء ، بينما بلادي التي أعلنت في يومٍ من الأيام قبل عقود من الزمن انتهاء الأمية تعيش هذا المستوى المأساوي في أهم مجال وأنبل مهنة مقدسة!!

*مُطلفِس: لفظ عامّي يُطلق على الشخص المهمل الذي لايقوم بواجبه كما ينبغي.