fbpx
من كواليس النصر (1)

 

مريم محمد

كتبتُ في مقالي السابق عن تفاصيل الفرح الذي عشناه في السابع والعشرين من رمضان ، ذلك اليوم الذي سجدت فيه الجباه للخالق في عموم الجنوب شاكرة له ذلك النصر المبين ، واشتعلت فيه المدن والقرى بالاحتفالات والألعاب النارية فرحاً بالحبيبة #عدن التي تحررت بسواعد شبابها الأبطال .. وهنا سأكمل بقية الحكاية

احتفلنا جميعاً يومها بتحرير مدينة #خورمكسر لكن فرحة أسرتي كانت منقوصة وهي لاتعلم مصير صغيرها الذي خرج مع رفاقه لتنفيذ هذا الهجوم وحسم المعركة وتحقيق هذا النصر وأيضاً في الجهة الأخرى كان هناك أخي الأكبر يمكث تحت الحصار في مدينتنا #التواهي التي كانت تحت قبضة الاحتلال والوضع فيها مأساوي للغاية..

حاولت الإتصال بأخي الصغير لكن للأسف كان جواله مغلق _كما أخبرني في آخر إتصال_ فأستودعناه الله الذي حفظه مرات ومرات وانجاه من الموت المحقق مرات عديدة ، كانت الأخبار تتوافد إلينا من وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، ونحن نتابع وبشغف أخبار المقاومة المعززة بالقوات الإماراتية..

تحررت المعلا وكريتر ومازال مصير أخي الصغير مجهولاً، كنا نبحث جاهدين علّنا نجد ريحه هنا أو هناك لكن دون جدوى..

هناك في مدينة التواهي تواصلت مع أخي الأكبر الذي شاركنا الفرحة وكنا نتواصل معه بإستمرار لنتبادل مايستجد من الأخبار، أخبرني يومها أن كاتيوشا الحوثيين التي كانت في الرئاسة قد “علّقت” بعد وصول خبر تحرير خورمكسر فكانت تضرب بلا توقف بإتجاه البريقا كما كانت تفعل في كل مرة ، لكن قذائفها العشوائية كانت تسقط أغلبها في البحر وأذكر يومها أن الأخبار التي جاءت من المصافي تفيد بسقوط 3 قذائف بالقرب منه ولكن دون خسائر ، أيضاً أخبرني أن عشرات الحوثيين قد سلموا أنفسهم لإمام مسجد المدينة وأخبروه أنهم غُرر بهم ولم يكونوا يعرفوا أنهم سيأتون إلى التواهي لقتال إخوانهم المسلمين وليس كما قيل لهم أنه يوجد دواعش!

الثامن والعشرون من رمضان وتحديداً 15/7/2015 كانت قوات المقاومة قد تمركزت بجانب البنك الأهلي في المعلا تتهيأ لإقتحام التواهي لكن القوات الحوثية كانت لها بالمرصاد، فقد تجمعت كل القوات الحوثية في هذا المعقل الأخير لها ، وكانت تستبسل تريد النجاة بحياتها لكن ذلك لم يكن متاحاً أمام صمود شبابنا الأبطال .. في الناحية الأخرى وتحديداً في مركز مدينة التواهي خرج الشباب الذين تبقوا في المدينة ومن بينهم أخي الأكبر ليهاجموا المليشيات من الداخل قاصدين رد طعنة الغدر التي اصابوهم بها والخيانة التي وقعوا بها يوم سقوط المدينة في 6/5/2015 والتي راح ضحيتها العشرات من رفاقهم في جبهة حجيف ، ظانين بذلك أنهم سيضربون الميليشيات من الداخل لتأتي قوات المقاومة المعززة وتقتحم المدينة وتدخلها وتسندهم ولكن هذا مالم يحدث يومها فقد تعثرت قوات المقاومة في منطقة حجيف ولم تستطع التقدم بسبب القناصة الذين كانوا يعتلون المباني ، وبذلك كانوا قد أختاروا التوقيت الخاطئ للهجوم وهو ماجعلهم مهددين بالموت الحتمي حال العثور عليهم..

اشتد الخناق على مقاومة الداخل ، وهم يتوقعون الموت في أي لحظة حيث كانت المليشيات تبحث عن شباب المدينة لتقوم بتصفيتهم.. علمت قادة المليشيات بالأفراد الذين سلموا أنفسهم لإمام المسجد فذهبوا للمسجد وأخرجوهم بالقوة وقالوا نحن لا نستسلم إما ننتصر أو نموت، وكانوا بذلك يقصدون تصفية كل من يخالف أوامرهم بالاستسلام..

القيادات ذاتها رأت أن الوضع بدأ يفلت من يدها فقررت النجاة بأرواحها تاركتةً البقية خلفها ليموتوا بنيران المقاومة الجنوبية المعززة والتي أصبح دخولها للتواهي مسألة وقت.. استقلت قارباً صغيراً من التي قامت بترميمهم أخيراً ومن نفس المكان الذي ارتكبت فيه جريمتها البشعة في التواهي “رصيف الموانئ” انطلق القارب ، لكن عيون قوات التحالف كانت لهم بالمرصاد، تركتهم يبحرون إلى أن حفتهم المياه من كل الجهات استهدفتهم فقضت عليهم جميعاً ..
أصاب المليشيات الخوف والذعر الشديدين وقرر بعضهم الاستسلام لكن خوفه من القتل والتصفية منعه من البوح بذلك.. لاحظ أحد القادة الخوف الذي يعيشه أفراده فدخل أحد المساجد وأخذ الميكرفون وكان يقول: “الوضع بخير، لاتصدقوا الدواعش.. عدن بيدنا ولم يسقط منها شيئ بيد الدواعش، اثبتوا في أماكنكم ” ، كانت مجرد كلمات تحفيزية يدرك صاحبها نفسه أنه يكذب على نفسه ولن يصدقه أحد!

يتبع..
#ذاكرة_الحرب
مريم محمد