fbpx
لكل مرحلة رجالها

عندما كنا في الساحة نمارس نشاطنا كحراك جنوبي سلمي، كنا نتحدث عن مرحلة  ما بعد فك الارتباط وعن نوعية القيادات الجنوبية التي ستتحمل إدارة مؤسسات ومرافق  الدولة الجنوبية القادمة.

كنت أرد على أسئلة الشباب حول هذا الموضوع بأن  القيادي في السلطة الوطنية الجنوبية بعد فك ارتباطنا بدولة الاحتلال، إن شاء

الله، ينبغي أن تتوفر فيه صفات ثلاث. وهي: – الشجاعة – نظافة اليد(النزاهة) – القدرة والكفاءة

لقد افترضت أن كل القياديين في تلك المرحلة سوف يكونون وطنيين جنوبيين، بغض النظر عما  كانوا عليه في السابق. لم أضع في بالي أنه سيكون هناك جنوبيين ما يزالون باقين على ولائهم لمن احتل أرضهم ودمر ونهب بلادهم.

لقد كنا حينها نعيش ذات الوضع الذي سيكون فيه الجنوب بعد خروج المحتل اليمني. وضع يسوده  العبث والبلطجة والفوضى. وهي أمور أوجدها وتولاها بالرعاية نظام الاحتلال لتكون وسيلته في تفخيخ المستقبل أمام أية سلطة وطنية جنوبية تقوم بعد فك الارتباط. لذلك، فإن الشجاعة مطلوبة في القياديين الذين سيواجهون تلك التركة الصعبة، وذلك لتنفيذ معالجاتهم الهادفة تصحيح الوضع في أماكن عملهم.

لقد تعمد نظام الإحتلال غض النظر عن أمور سيئة كثيرة في المجتمع ومرافق العمل والإنتاج الحكومي، بل وشجع انتشارها تحقيقاً لأهدافٍ خبيثة ومبيته ترمي إلى إرباك الوضع في الجنوب بعد خروجه منه،  ضاناً أن الجنوبيين سيفشلون في مواجهة تلك التركة الثقيلة من الفساد والمشاكل والصعوبات الأخرى، الأمر الذي سيجعلهم يثورون على سلطتهم الجديدة ويحنون إلى عودة سلطة الاحتلال.

ولأن هذه المرحلة صعبة، ويزيدها المحتل وعملائه صعوبة عن طريق اختلاق أزمات يهدف من ورائها إفشال القيادات الوطنية الجنوبية. كما أن الفساد الموروث و المستشري في مفاصل الدولة والذي أصبح، بتشجيع من سلطات الاحتلال، قاعدة في التعامل اليومي. إن ذلك كله يجعل من نزاهة ونظافة يد القيادي في السلطة الوطنية الجديدة  أمراً في غاية الأهمية. لأن الفساد هو أحد أسباب ثورة الجنوبيين على نظام الاحتلال اليمني. فقد تم استغلاله من قبلهم لإغراء  ضعاف النفوس من الجنوبيين الذين سهلوا له نهب الثروة في بر وبحر الجنوب.

وحتى لا تكون المناصب سبباً لفتنة بين الحراكيين الذين لا أحد ينكر  بطولاتهم وتضحياتهم في مواجهة آلة قمع الإحتلال، والتي لم يبخلوا فيها بالشهداء والجرحى وكذلك الأسرى الذين ما يزال بعضهم يقبعون في سجون وزنازين عاصمة دولة الاحتلال، فإنه ينبغي في مرحلة ما بعد فك الإرتباط(هذه المرحلة) إفساح الطريق للكفاءات والمؤهلين، من الحراكيين وغيرهم، لقيادة مؤسسات الدولة الجنوبية الجديدة، مكتفين من القيادات الوطنية غير الحراكية بالعمل المخلص والصادق من أجل وطنهم ( الجنوب)، ووضع مصلحته فوق كل اعتبارات سابقة لهم.

إن قبول  الحراكيين بإفساح المجال لغيرهم في هذه المرحلة يعد تضحية أخرى تضاف إلى رصيد الحراكيين السلميين الجنوبيين، وسمواً وارتقاءً بمواقفهم ونضالهم الذي لم ولن يتوقف إلا بعودة الوطن ، كما كان، حراً كريماً مستقلاً على كامل تراب أرضه.