fbpx
قتلوا الجنوب كما قتلوه أول مرة .. بقلم : عبدالقوي عبدالله الحربي
شارك الخبر

يعتقد البعض أنني عندما انتقد قيادات الحراك  أُثبِّط العزائم وأخلق الإحباط !! وهذا غير صحيح . ويعتقدون أن الثناء على الرئيس هادي خيانة وطنية !! وهذا الاعتقاد أيضاً غير صحيح . فالنقد وسيلة من وسائل النصح ؛ أصاب الناقد أو أخطأ فهو يهدى للمنقود معالم الطريق الصحيح . وعندما نثني على انجازات الرئيس هادي فهو ثناء على الحراك الجنوبي ، فلولا الحراك الجنوبي ماأصبح هادي رئيساً , وماتمكن الجنوبيون من السلطة , فليست ثورة التغيير من أوصلهم إلى السلطة  ,,  ثورة التغيير كانت ستأتي بشماليين صالحين بدل الفاسدين  , أما من وصل من الجنوبيين فليسوا جميعاً صالحين ؛ منهم الصالحون والعاجزون والفاسدون .  وكلما اثنينا على الرئيس هادي ومن معه كلما ذكِّرناهم بهذه الحقيقة -الحراك أوصلهم السلطة- حتى يتحملوا مسئوليتهم الوطنية أمام الشعب الذي ضحى ليصلوا إليها . فإذا نجح الرئيس هادي ومن معه في إخراج اليمن جنوبه وشماله مماهو فيه فهو نجاح للحراك الذي جاء بهم إلى السلطة .

قبل أيام سبني أحد الشباب المغرر فيهم  -أنا أعرف ذلك الشاب شخصياً- هو شاب وطني ، كتلة من الاخلاص والتضحية ، لكنَّه لايفقه الحقيقة !! ومثله كثير لايفقهون شيء غير الصراخ وترديد الشعارات خلف من يستغفلهم . ومشكلتنا في الجنوب ليست مع المغرر فيهم بل مع من يتلاعب بعقولهم وهو يدرك مايصنع  -هذه هي الخيانة-  وسيذكرها التاريخ وتدركها الأجيال القادمة ولن تقع فيها , إذا لم يدركها الجيل الحالي ويتجاوزها .

إن الجنوب ليست دولة اختفت من الوجود بسبب حرب عالمية  أدت إلى فرض تسويات إقليمية ودولية كانت الجنوب جزء من التسويات الظالمة !! الجنوب دولة اضاعها اهلها ، عندما تسلَّط على حكمها أغبيائهم ، وصمت عقلائهم .

عندما استلموا إدارة وحكم الجنوب في 1967 قاموا بإقصاء كل النخب السياسية الجنوبية الأخرى ,  وكان ذلك الإقصاء هو المسمار الأول الذي دقوه  في نعش الدولة . وعندما رضخ عقلاء الجنوب وانسحبوا من الساحة السياسية وتركوا الوطن للأغبياء دقوا مساميراً  أخرى !! وعندما التزموا الصمت وانشغلوا بحياتهم الشخصية وكأن واجبهم الوطني قد انتهى دقوا المزيد من المسامير . . . وعندما لم يكتبوا ماحدث وهم إمَّا شركاء بالأحداث أو شهداء عليها ؛ فرضوا بهذه السلبية الجهل السياسي على الشعب بكل أجياله !!! وهذا كان المسمار الأخير في نعش الوطن .

إنَّ سلبية العقلاء أعظم تدميراً من غباء الأغبياء .

بسلبيتهم آنذاك اغرقوا  الحراك اليوم في مستنقع من الجهل والغباء الاجباري ، وبذلك لم يعد مستغرباً ولا مستهجناً أن تجد اليوم خريجي الجامعات غارقين في الجهل السياسي  ،،  الذنب ليس ذنب الشباب ، بل هو ذنب النخب السياسية السلبية الجنوبية منذ الاستقلال ١٩٦٧ وحتى اليوم .

نعم الذنب ذنبهم ؛

فالسلطة الحاكمة تحاسب وتلام على سوء إدارة البلاد ، الإدارة المادية . أما الإدارة العقلية والثقافية للمجتمع فيلام عليها العقلاء أينما كانوا في داخل البلاد أو خارجها .

في كل دول العالم توجد نسبة نمو سكاني تتراوح مابين ٢-٥ ٪   إلا في الجنوب فهذه النسب لايعرفها أحد !! الشعوب في كل أنحاء العالم يزيد عددها , أمَّا في الجنوب ينقص الشعب  ،، لماذا ..؟؟ لأنه كان شعباً مهاجراً ، كلما وصل طفل إلى سن ١٥ سنة غادر البلاد ، كانت الأمهات دائماً تحدث أطفالها قائلة “متى تكبر لتذهب إلى السعودية !!!!!!!!  هاجر أغلبية الشعب وبقي فيه المتسلطون الأغبياء والمستفيدون من الوضع ، والمغرر فيهم ، ومن انعدمت أمامهم وسيلة المغادرة ، وكبار السن  !! ولولا كبار السن كان الأغلبية اليوم من سكان الجنوب من المتجنسين كما حدث في جزر فيجي .

هذا واقع عشناه مع الأسف .

حتى في جهاز الدولة ؛ كان مصير العقلاء أحد أمرين إمَّا الهجرة أو القتل . . . قتل المتسلطون رفاقهم وأصدقائهم . . . ما إن يبدأ أحدهم بالفهم وإدراك الخطأ حتى يقتلونه أو يهرب  !! وعندما يهرب يصمت وبذلك ارتكب الخطيئتين ؛ خطيئة المشاركة في تدمير البلاد عندما كان لايدرك الصواب وخطيئة المشاركة في تجهيل العقول والأجيال عندما أدركه وصمت .

واليوم يتكرر نفس المشهد ؛

وكما حدث في السابق يحدث اليوم ؛ وهاهي الثورة الجنوبية (الحراك الجنوبي) يغادرها العقلاء ؟؟ يحاولون إصلاح الحراك من داخله وإصلاح مكوناته وعندما يدركون صعوبة الإصلاح يغادرونه  {إصلاح مكونات الحراك صعب لكنه ليس مستحيلاً}  . . . ولايلام المغادرون من ساحات الحراك بسبب عجزهم عن إصلاح الحراك من داخله . . . لكنَّهم في رأيي يُجرَّمون ويتهمون بالخيانة العظمى إذا صمتوا ولم يقولوا كل شيء لشباب الجنوب . فهذا الشباب هم قادة المستقبل .

ولذلك سأستمر في البوح بكل ما أعرف حتى  لا أكون شريكاً في قتل الوطن مرتين .

 

أخبار ذات صله