fbpx
وزير الأوقاف المصري : العدل مفتاح الأمن في الإسلام
شارك الخبر

يافع نيوز – الخليج

قال وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المصري د . محمد مختار جمعة: إن الإسلام يعتبر حرص الإنسان على توفير الأمن للآخرين من شروط الإيمان، وإن أمن مجتمعاتنا العربية والإسلامية واستقرارها لا يتحققان إلا بإرساء العدل في جميع مجالات الحياة .
طالب د . جمعة بدفع الأغنياء ورجال الأعمال إلى المزيد من العمل الخيري، مؤكداً أن موارد الزكاة المتنوعة والمتجددة تكفي لعلاج مشكلة الفقر وتوفير فرص عمل للعاطلين .
ورحب د . جمعة بكل خطط وأفكار التعاون والتنسيق والتكامل بين وزارتي الأوقاف المصرية والإماراتية، وخصوصاً فيما يتعلق بتطوير مجالات الوقف الخيري، وفيما يلي تفاصيل حوارنا معه:
في البداية يقول د . جمعة رداً عن سؤال عن قيمة الأمن في الإسلام: لا شك أن الأمن والأمان من أهم دعائم المجتمعات ووسائل استقرارها، وإن شئت فقل إنه أهمها، فلا استقرار بلا أمن، ولا اقتصاد بلا أمن، ولا نهضة ولا رقي، ولا تقدم ولا ازدهار بلا أمن .
من أجل ذلك رسخ الإسلام قيمة الأمن في نفوس الجميع حتى يتحقق للمجتمع الاستقرار الذي هو مقدمة حقيقية لأية نهضة، وقد دعا سيدنا إبراهيم عليه السلام لمجتمع الإسلام أول ما دعا بالأمن والأمان، فقال عليه السلام كما أخبر النص القرآني على لسانه: “رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات” فدعا للمكان أن يكون بلداً وأن يكون آمناً وأن يرزق أهله من الثمرات حتى يتحقق لهم الأمن الغذائي والنفسي إلى جانب الأمن العام . ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” .
من هنا يعتبر الإسلام حرص الإنسان على توفير الأمن للآخرين ووفاءه بذلك شرطاً من شروط الإيمان على اختلاف أقوال الفقهاء وشراح الحديث، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو القائل: “المؤمن من أمنه الناس على أموالهم” والقائل: “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قالوا من يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: “من لا يأمن جاره بوائقه” وقال عليه الصلاة والسلام: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” .

العدل . . ثم العدل

* وكيف يتحقق الأمن الغائب على الأرض من وجهة نظركم؟
– لابد أن يتحقق العدل ثم العدل بين جميع أبناء الوطن حتى يتحقق لهذا الوطن أو ذاك الأمن والاستقرار الذي ينشده، فالله عز وجل ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة، والمقصود العدل في جميع جوانبه من العدل في الحكم، إلى العدل في القول، إلى العدل في القسمة، إلى العدل في توزيع ثروات الوطن، إلى العدل في الحصول على فرص العمل، إلى العدل في تكافؤ الفرص في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وعلينا أن نتذكر دائما أن رسول كسرى عندما جاء إلى سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ووجده نائماً مطمئناً تحت ظل شجرة قال كلماته الشهيرة: (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر) .
أيضا لا بد من تطبيق القانون بحسم على الصغير والكبير من دون أي تردد أو مجاملة أو محسوبية، وهنا يحذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم قائلا: “إنما أهلك من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الوضيع قطعوه” .
ومن هنا شرع الإسلام من الأحكام ما يحافظ على النفس والمال والعرض، فشرع القصاص لحفظ النفس، وحد السرقة لحفظ المال، وحد الزنى وحد القذف لحفظ العرض، وحد الحرابة للمفسدين في الأرض، فقال سبحانه: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم” .
ومن وسائل تحقيق الأمن في المجتمع الإسلامي والإنساني عموما إرساء أسس التكافل والتراحم بين جميع أبناء المجتمع، فمجتمع لا تراحم فيه لا يمكن أن يكون آمناً، فنحن في سفينة واحدة .

مشكلة الفقر

 

* كيف نواجه مشكلة الفقر التي تزيد حدة في عالمنا العربي والإسلامي؟
– إن الحاجة تجلب كل المصائب والبطون الجائعة يمكن أن ترتكب كل الجرائم، خاصة في ظل غياب الوازع الديني وغياب القناعة والرضا بما قسمه الله، ولذلك ينبغي مواجهة مشكلة الفقر في بلادنا العربية برؤى شاملة وليس بمجرد تقديم مساعدات غذائية ومالية للفقراء .
مطلوب أولا توفير فرص عمل تدر رزقا حلالا للعاطلين الذين تضاعفت أعدادهم في كثير من بلادنا العربية، ومطلوب دفع الأغنياء ورجال الأعمال إلى المزيد من العمل الخيري وإخراج ما عليهم من زكوات، فموارد الزكاة المتنوعة والمتجددة تكفي لعلاج مشكلة الفقر من جذورها وتوفير فرص عمل للعاطلين وإقامة مشروعات استثمارية ببعض من موارد الزكاة تدر دخلا متواصلا للفقراء وأصحاب الحاجات .
وهنا تأتي أهمية العناية بتطوير العشوائيات، وهي كثيرة في أوطاننا العربية، وتحسين الظروف المعيشية لساكنيها، وتوفير الحاجات الأساسية لجميع أبناء المجتمع، ذلك أننا عندما نوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة للأشخاص الأكثر فقرا واحتياجا، فإننا نوفر الأمن والأمان للأسر الأكثر ثراء ولساكني المناطق الراقية، فعندما سأل سيدنا عمر بن الخطاب أحد ولاته ماذا تصنع إذا جاءك سارق؟ قال الوالي: أقطع يده، فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: فإن جاءني جائع قطعت يدك أنت، فقبل أن تقطع يد السارق عليك أن توفر له قوت يومه ولو في حده الأدنى .

واجب الدعاة والخطباء

* البعض يرى أن الدعاة وخطباء المساجد لا يقومون بدورهم في مواجهة مشكلة الفقر؟
– لا ينبغي وضع دعاة الإسلام في قفص الاتهام دائما بسبب ومن دون سبب، فدعاة الإسلام وفي مقدمتهم خطباء المساجد يقومون بدورهم في مواجهة مشكلة الفقر والانتصار دائما لحقوق الفقراء، وفي كل جمعة يتحدث خطباء المساجد عن الزكوات والصدقات التطوعية، ويحثون الجماهير على الوفاء بحقوق الفقراء ويوضحون في خطبهم وأحاديثهم الدينية العقوبات الإلهية لكل من يتهرب من الوفاء بحقوق الفقراء .
كما يقوم الدعاة بدورهم في نشر ثقافة القناعة والرضا بين المسلمين، وأنا هنا ومن خلال منبركم الإعلامي الإسلامي المتميز أناشدهم بأن يضاعفوا من جهودهم الدعوية والتركيز على مشكلات وهموم المجتمع الاقتصادية، ودفع القادرين إلى تقديم ما عليهم من زكوات لأصحابها برغبة وطيب نفس وحماس وتسابق محموم إلى الخير .
ويجب على الدعاة وخطباء المساجد ترسيخ قيمة التربية الإيمانية الصحيحة التي تقوم على الثقة في الله عز وجل، وبيان أن ما كان للإنسان فسوف يأتيه، وأنه لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها .

“ثلاث مقرونة بثلاث”

* هل تؤمن بأن الزكاة يمكن أن تحل مشكلتي الفقر والبطالة وتخفف الأعباء عن خزائن الحكومات المثقلة بالأعباء في معظم الأقطار العربية؟
– لاشك في ذلك، فالزكاة إذا وظِفت توظيفا صحيحا في مصارفها الشرعية تسد ثغرة كبيرة في احتياجات الفقراء والكادحين والمصالح العامة للوطن، وإذا سخت أنفس الأغنياء والقادرين بالصدقات والقيام بواجبهم في باب فروض الكفايات من إطعام الجائع، وكساء العاري، ومداواة المريض، وإعانة المحتاج، والإسهام الجاد فيما يحتاج إليه الوطن من إصلاح وسلاح وعتاد، فإن وجه الحياة لأي وطن سيتغير، ولن يكون بين أبنائه محتاج ولا متسول .
وأيضاً إذا استثمر الوقف استثماراً صحيحاً إلى جانب ذلك كله لمصلحة لصالح الوطن أدى ذلك إلى الإسهام في نهضة حقيقية لأوطاننا العربية، بل ربما فاض الخير إلى دول أكثر فقرًا .
وأذكر كل القادرين بأن الزكاة حق أصيل في المال، وركن رئيس من أركان الإسلام كالصلاة والصيام سواء بسواء، وقد قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ثلاث في القرآن الكريم نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل واحدة منها دون الأخرى، وهى قوله تعالى: “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول” إذ لا تقبل طاعة الله مع معصية رسوله صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: “وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة” فمن ضيع الزكاة مع وجوبها عليه لم تغن عنه صلاته من الله شيئا، وقوله تعالى: “أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير”، فمن لم يشكر لوالديه جميلهما وصنيعهما لم يشكر الله عز وجل .
كما أذكرهم بأن الإسلام قد دعا إلى الصدقة والإكثار منها، حيث يقول سبحانه: “مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم” ويقول صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة” .

* أعلنتم مؤخرا ضم د . حمدان المزروعي، رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الإمارات، إلى عضوية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كأول عضو من خارج مصر يشارك علماء الأزهر في رسم رؤية صحيحة للإسلام . . هل تعد هذه الخطوة مقدمة لتعاون حقيقي في مجال استثمار أموال الأوقاف وتنميتها وتبادل الخبرات بين مؤسسات الوقف الخيري في العالم العربي؟
– علاقتنا بدولة الإمارات العربية كلها تعاون وتفاهم وتكامل، ومصر كلها حكومة وشعبا تقدر لدولة الإمارات مواقفها التاريخية لمساندة مصر في كل الأزمات، والتعاون والتنسيق بين الدولتين الشقيقتين قائم وجيد في كل المجالات، وللإمارات جهود مشكورة في تطوير العشوائيات في مصر وفي دعم الاقتصاد المصري وهذا الدعم يترجم مشاعر الأخوة بين الشعبين المصري والإماراتي .
ود . حمدان المزروعي من العلماء أصحاب العلم الواسع والتجارب المفيدة ويهمنا أن نستفيد بخبراته وتجارب دولة الإمارات في مجال الأوقاف وهي كما علمت خبرات وتجارب مفيدة للغاية لذلك يسعدنا أن يكون بيننا دائماً في كل فعالياتنا ومناقشاتنا لتطوير مجالات الوقف الخيري في مصر، ونحن على ثقة بأنه سيفيدنا كثيراً خلال الفترة المقبلة .
أما عن التعاون بين الدول العربية عموماً في مجال الوقف، فأرى أنه من الضروريات حيث يتم تبادل الخبرات بينها، لأن الوقف الخيري يلعب دورًا حيوياً في دعم مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في عالمنا العربي والإسلامي .

 

أخبار ذات صله