fbpx
الفصل السابع ؛ قراءة مغايرة .. بقلم | احمد عبداللاه
شارك الخبر

اليمن تحت الوصاية الفعلية منذ المبادرة الخليجية، وحكاية الفصل السابع الان لها إشارة واحدة وهي ان اليمن دولة فاشلة تواجه مخاضات خطِرة تستدعي مجلس الأمن لان يضعها تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، لتبقى قيد تصرفه في اي وقت وتحت الرقابة والتحرك الفوري ويجيز استخدام اي شي بما في ذلك القوة لمنع اي تدهور قد يؤدي الى حروب مدمرة لا تشبه الحروب الصغيرة هنا وهناك .

قرار مجلس الأمن كما حددته المسودة الزرقاء، الموافَق عليها بالإجماع، يقضي بان اليمن مصدر خطَر على السلم العالمي وهي لغة مفهومة وواسعة الطيف ويجيز لنفسه على أساسها درء ذلك الخطر باي وسيلة يراها مناسبة.

البند السابع اطلق موجة من الاجتهادات في الاعلام الداخلي..  وكالعادة هناك آراء لا حصر لها وكل فريق يحاول ان يلوّن الفصل السابع بألوانه المفضلة، وهي طبيعة العرب بشكل عام، لكن تبقى هناك أمور اشد وقع وهي ان تفسيرات الحالات التي تقتضي استخدام الضغط والتضييق او القوة تظل بيد مجلس الأمن وحده بمساعدة تقارير لجنة الخبراء المزمع تشكيلها وهذا امر مهم.

ان السؤال الأهم لماذا الفصل السابع الان ؟ وهل كانت اليمن قبله اقل فشل واقل خطر على السلم العالمي او كانت أحوالها الداخلية افضل مما هي عليه الان؟. الاجابة  على هذا السؤال هي وجهتنا المعتبرة.

الحقيقة ان هناك استحقاقات قادمة لاختتام ما تسمى بالانتقالية وتنحصر بشكل رئيس في صياغة الدستور والإصلاحات في نظام الانتخابات وكذلك التصويت على الدستور والانتخابات الرآسية والتشريعية و(مجالس الأقاليم) حسب الترتيب المتفق عليه. تلك بالتأكيد خطوات إجرائية معقدة تتطلب توافق بين مراكز القوى في صنعاء وترتيبات أمنية مضنية، ولن يتم ذلك دون ضغط دولي وعين حمراء جاحظة. واعتقد ان كثيرين يشاركونني الرأي بانه مثلما تم الحوار سيتم ايضاً العمل لإنجاز تلك الاستحقاقات

وباية وسيلة. لكن ومع ذلك وحتى بعد الانتخابات ستظل اليمن تحت البند السابع والى ما شاء الله!.

كثير من المراقبين يضعون منطقة الشرق الأوسط على أعتاب تغييرات جوهرية لخارطة الصراعات وتبدلات هامة في طبيعة العلاقات والتحالفات بين دول المنطقة ومواقفها من مسائل محورية وبالتالي هناك سباق محموم على كسب أوراق الربح ضمن قواعد اللعبة القادمة. وهناك مؤشرات توحي بان دول الإقليم تعد نفسها لمواجهة أوضاع صعبة وكمقدمة لذلك تشهد الفترة الحالية تقلبات كبيرة في ادارة الملفات الساخنة في المنطقة.

كما يتوقع مراقبون بان الوقت قد حان لتظهر أحلاف جديدة تتموضع بداخل كل واحد منها دول كبيرة وصغيرة مسبوقة بتغييرات في الاداء الداخلي لبعض الدول وإعادة النظر في كثير من الأولويات، في مشهد يوحي بتدشين فترة حصاد قوي يتم فيها ترجمة افرازات الاحداث الكبيرة الى واقع جديد. ولا غرابة ان شاهدنا اليوم تجليات التنافر بين دول حليفة يقابله تقارب بين خصوم، فالفشل الذريع الذي أصاب الربيع العربي وكذلك الخيبة التي جنتها بعض الدول الحالمة باحتوائه وتوظيفه وتسببت في حروب عظمى لم تشهدها المنطقة من قبل، كل هذا سيقود الى نتائج عكسية يفكك كل الروابط التي بنيت على أساس ذلك الوهم.

من هنا تظل اليمن ساحة جاهزة لتُتَرجَم فيها اي تبدلات للأمزجه السياسية للإقليم .. بمعنى ان مجلس الأمن يعدُّ اليمن لمرحلة غامضة، والى ذلك الحين فانه يسعى لتعليبها تحت البند السابع مع تكثيف المواد الحافظة لحمايتها من التعفن الداخلي قبل وأثناء اعادة تشكيل خارطة الصراعات والتحالفات والتغييرات المنتظرة في المنطقة كيفما تتأصّل مقومات ذلك.

قرار مجلس الأمن وتفسيرات بنوده مادة غنية بالكلسترول وعلى من يحرص على رشاقته السياسية ان يضعه في اطار المتغيرات الكبيرة على أبواب المنطقة، عندها يصبح كل شيء ممكن وعلى اللاعبين ان يوفروا لياقاتهم للمنازلات السياسية الحاسمة.

الحراك الجنوبي الان أمامه تحديات كبيرة أقلها؛ كيفية مواجهة استحقاقات استفتاء الدستور والانتخابات بطريقة سلمية لا تنفّر المجتمع الدولي وتدفعه نحو التشدد في مواقفه .. واكثرها ؛ كيف يعيد ترتيب أوضاعه الداخلية والتسريع بعقد مؤتمره الجامع ترافقه إجراءات الضرورة لتوحيد الطاقات ، وكيف يدير معركته بطريقة سلمية وسياسية فعالة للغاية، واعتماد خطاب سياسي ناضج وحكيم، فليس بعيد ان يعيد المجتمع الدولي تقييم مواقفه من القضية الجنوبية في سياق التغييرات الكبيرة المتوقعة في المنطقة.

والخلاصة ان مصير اليمن يظل مؤجل حتى وان جرت الانتخابات وانتهت (الانتقاليات)، وان المجتمع الدولي لم يقل بعد كلمته الاخيرة حول الجنوب.

 

أخبار ذات صله