fbpx
أقاليم الدولة الاتحادية ونوايا طمس الحدود والهوية الجنوبية – بقلم : حسن سالمين عميران
شارك الخبر

لا أظن إن ذلك التقسيم الذي أصدر بخصوصه مؤخراً الرئيس التوافقي للعربية اليمنية عبد ربه هادي مرسوماً رئاسياً يقضي بتقسيم الجنوب والعربية اليمنية إلى ستة أقاليم وخرجت به من قبله اللجنة الرئاسية المكلفة كان نابعاً من حرصها أو حرص من كلفها برسم خارطة التقسيم الإداري للدولة الاتحادية التي أوصى بها ذلك المؤتمر العبثي المسمى بمؤتمر الحوار الوطني والتي جاء وفق المبادرة الخليجية وبرعاية دولية تخلت عن واجباتها وتجاهلت الحق الوطني الجنوبي لا أظنه نابعاً من حرصهم على ما يسمونه حفاظ على وحدة اليمن أو أن يكون مجنباً للبلاد الدخول في صدامات عسكرية أو أن يكون حلاً مرضياً لقصية شعب الجنوب أو يفضي إلى أمن واستقرار المنطقة برمتها بل على العكس من ذلك تماماً فالأقاليم الستة وفيما يخص ما أسموه بإقليمي الجنوب أرى إنها تهدف فيما تهدف وبطريقة خبيثة إلى الخلاص من قضية شعب الجنوب بل قتلها ووأد ثورته ليس هذا بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث أرادوا تفتيت الجنوب وطمس هويته من خلال:-

1)ـ تغيير جغرافية الجنوب ورسم خارطة جديدة له تلبي الهدف المراد من التقسيم

2)ـ زرع فتن بين أبناء الجنوب وخلق بؤر تغذية لها

3)ـ نقل صراعات القوى المهيمنة وتصفية حساباتهم على أرض الجنوب

إن فكرة إقامة إقليمين على أرض الجنوب لم تكن وليدة اليوم أو إن الحاضر الذي يعيشه الجنوب استدعى ذلك لا هذا ولا ذاك بل أملت رغبة قوى الهيمنة والاستكبار والتسلط في العربية اليمنية وهواجسهم في الضم والإلحاق ومفهوم مبدأ الأصل والفرع المتأصل في نفسية أولئك منذ أمد بعيد حيث الأحلام لم تزل تراودهم والأطماع تتسع رقعتها والنوايا باحت بها السرائر بالأقوال والأفعال والقريحة تفتقت على أن خارطة الجنوب بحدودها الجغرافية الطبيعية لابد وأن تتغير بما يتناسب وواقع نواياهم وتتبدل بما يضمن طمس وإلى الأبد حدود الرقعة الجغرافية الجنوبية التي ظلت تؤرقهم وباتت مصدر إزعاجهم الوحيد فالأهم بالنسبة لهم في الوقت الحاضر رسم خارطة جديدة بحدود جديدة يضاف إليها مناطق أو تقتطع منها بحسب المراد ، حدود توثق دولياً وتتعامل مع أرض الجنوب على أنها إقليمان تابعان للدولة اليمنية وليس دولة دخلت في اتفاقية شراكة في تسعينيات القرن الماضي مع الدولة اليمنية رغبة ربما تتوافق والرغبة الموازية للقوى الإقليمية والدولية التي هندست وأشرفت على اللعبة وأرادت فرض واقعاً جديداً على الجنوب أرضاً وإنساناً يخلق انتماءً جغرافياً جديداً يهيأ لإقامة كيانات مهجنة ممسوخة ضعيفة يسهل ابتلاعها والسيطرة على مقدراتها والأهم من ذلك كله انسلاخ وطمس هويتها الجنوبية وأن حملت مسميات جنوبية أتت كالسم في الدسم و بموجب تقسيم دبر بليلٍ في مطبخ يتقن زرع الفتن ويحرص عليها ويغذيها ويجيد خلق البؤر فخبرتهم في هذا المجال واسعة فالأزمات التي عاشوا عليها في العربية اليمنية والعصبية القبلية وثأراتها خطوطاً عريضة لتقسيماتهم وهدفاً منشوداً يسعون إلى تحقيقه فيما يسمى بإقليمي الجنوب ، ثم إن التوزيع الغير عادل لمناطق الثروة والموارد في الجنوب يؤسس إلى خلق فوارق طبقية حتماً مع مرور الزمن تعصف بالمجتمع وتوّلد صراعات على مستوى الإقليمين وحتى الإقليم نفسه سوف لن يسلم من تلك الصراعات التي بالتأكيد ستجد من يحتضنها ويغذيها من قوى النفوذ والمترسملين ممن فصلوا ذلك القانون الذي يسمح لكل مواطني الدولة الاتحادية ـ على حد تسميتهم ـ بالتملك في أي ولاية من أي إقليم والحقيقة أن القانون واضح المغزى ولا حاجة لنا بالبحث عن مقاصده فمهندسوه يدركون تماماً إن الرقعة الجغرافية للعربية اليمنية ليس فيها خرم إبرة يستطيع أن يتملكه أي مواطنٍ وافدٍ من إقليمي الجنوب حتى المناطق المقتطعة من أرض الجنوب سوف لن يسعفه الوقت للتملك فيها إن لم تكن قد وزعت أراضيها على سماسرة الأقلمة ، هذا عامل قوي من جملة عوامل هيأوا لها منذ زمنٍ كفيلة بجعل أرض الجنوب مسرحاً لصراعات وتصفية حسابات القوى القبلية والدينية المتنفذة التي أرادت جنوباً مثخناً بالجراح والآهات فاقداً للهوية يخلد تابعاً مكبلاً بالجهل والضياع متسولاً وسط باب اليمن .

أخبار ذات صله