fbpx
أهلاً بكم في «دُوَل» الأقاليم العربية.. «المفككة»! بقلم ” محمد خروب “
شارك الخبر

رسمياً.. بات اليمن يحتل المرتبة «الثانية» بعد العراق الذي «استحق» اللقب الأول، بعد ان تحول الى دولة اقاليم، إثر الغزو الاميركي البريطاني له قبل احد عشر عاماً، رغم انه حتى اللحظة لا يزال ينقسم الى إقليمين «اثنين»، ولم تغلق نافذة «الأقلمة» التي تثور بين الفينة والاخرى، ويجدها أصحابها «ورقة» لمساومة الحكومة المركزية في بغداد، كلما لاح شبح أزمة او احتاج احد زعماء العشائر او قادة الاحزاب السياسية او حيثية دينية واخرى سياسية، الى تعزيز حظوظه في الصدارة، فاذا المطالبة باقليم «مستقل» ترتفع في صدارة المشهد، تارة في غرب العراق (حيث المناطق ذات الاغلبية السُّنية) وطوراً في جنوبه (حيث الاغلبية الشيعية وخصوصاً الثروة النفطية) ثم لا تلبث ان تهدأ، لكنها لا تسقط عن الاجندة، فلها وظيفة «استعمالية» ولن تنتهي الحاجة اليها، الا اذا استنفد اصحاب تلك الطروحات، خياراتهم ومناوراتهم..
ما علينا..
اليمن السعيد، بات «رسميا» دولة اقاليم عددها ستة حتى الآن، طاب للموقعين على الوثيقة النهائية او المروجين لهذا الخيار او الساعين لتأجيل الانفجار، ان يصفوا ذلك التوافق (غير المكتمل بالمناسبة بعد ان غاب عن التوقيع والموافقة طرفان رئيسان هما الحراك الجنوبي والحوثيون)، بأنه انجاز (بعضهم قال.. معجزة)، وراحوا يخلعون عليه القاباً واوصافاً، نحسب انها تندرج في اطار المبالغة والتهويل والهرب الى الامام وتأجيل انفجار حقول «الألغام» الى مرحلة لاحقة، يحسب هؤلاء انهم سيكونون في منأى عن دفع استحقاقاتها، اذا ما تمرد «شعب» الجنوب او زحف الحوثيون على صنعاء او عاد انصار علي عبدالله صالح الى مرجعيتهم القبائلية وانخرطوا ثانية في تحالفهم التقليدي الذي تواصل ثلاثة عقود ونيف مع آل الاحمر ثم انقبلوا (مع هؤلاء) على الجميع..
تجربة الاقاليم الستة اليمنية, تظهير لمجتمع مُفخخ ومأزوم ومُفكك, دأب المستفيدون من بقائه على هذا النحو المتوتر, الهش والقابل للتفجر في أي لحظة, على إخفاء عيوبه والتعاطي معه عبر المُسكّنات, ودائماً من خلال القمع والاستبداد والترهيب ورشوة القيادات القبائلية والعشائرية, والعمل بمثابرة على شق صفوفها افقياً وعامودياً، وإذكاء الخلاف بين المكونات الشعبية, وافتعال الخلافات والايعاز لمجموعات الارهاب التي تأتمر بإمرة الاجهزة الامنية، القيام بعمليات تفجير واغتيالات لاصطياد المزيد من المعارضين والزج بالنشطاء السياسيين في السجون, وخصوصاً التنكيل بهم ومطاردتهم وتجويعهم, ثم في البحث عن عداوات مع دول الاقليم أو الاصطفاف في محاور وتحالفات بالضدد من الارادة أو الاغلبية الشعبية، لإلهاء المواطنين وتغيير الاولويات الوطنية..
في هذا الشأن «العظيم والكبير», ليس اليمن وحده, من يقارف مثل هذه الارتكابات، التي لا يمكن لدولة سويّة وقادة يتصفون بالحكمة و»يزهون» بالتفويض الشعبي, الذي جاء بهم الى السلطة عبر صناديق الاقتراع الحر والنزيه والشفاف, أن يرتكبوها, بل يصعب على المتابع والمراقب للمشهد الرسمي العربي, أن يخرج بأي نتيجة ايجابية تضيف الى سجل معظم الانظمة العربية, التي تعيش «قلقاً» (إقرأ رعباً) مقيماً لأن (وليس «كأن» كما قال جدّنا المتنبي، عن الريح التي..تحته) رياح الغضب الشعبي تعصف بها، وتكاد أن تحطم اركانها وأعمدتها, لكنها لا تسقط، بل تتصدع وتفقد شرعيتها المُدّعاة، بفعل عوامل عديدة تقف في مقدمتها الدعم والمساندة الخارجية من دول الاستعمار الغربي, ودائماً في ضعف قوى المعارضة وتشتتها وانعدام الثقة بين مكوناتها وخصوصاً انتهازيتها واستعدادها للانخراط في «مشاريع» الانظمة, متى غمزت الاخيرة لها وابدت استعداداً-مشروطاً بالطبع-لمنحها جزءاً متواضعاً-إن لم نقل وضيعاً-من كعكة السلطة وامتيازاتها.
هل ثمة دولة عربية غير مرشحة للتفكك والتحول الى دولة اقاليم، فيدرالية كانت ام كونفدرالية؟ تحت عناوين ويافطات قد تكون (ادارية) على ما هي النسخة اليمنية الاخيرة، وقد تكون ذات طابع عِرقي او قومي، على ما جاءتنا بها النسخة العراقية الاولى «الأميركية» بامتياز، وربما تأتي نسخة اخرى مبتكرة (اقرأ تدّعي الواقعية) ببعد ديني او طائفي او مذهبي، والمرشح لها دول عديدة أوّلها لبنان، وما يُخطط له المُستعْمِرون ومَنْ يحالفهم من العرب… لسوريا.
ماذا عن ليبيا والجزائر حيث «الأمازيغ»؟
وماذا عن السودان الذي انشطر الى شمال وجنوب، فيما يلوح في الشرق شبح دولة اخرى وفي كردفان والنيل الأزرق… كيان آخر؟
هل نواصل؟.
الصمت..أجدى.
kharroub@jpf.com.jo

 

* صحيفة الرأي الاردنية

أخبار ذات صله