fbpx
معطف فصل الشتاء .. بقلم / حسين صالح غالب السعدي
شارك الخبر
معطف فصل الشتاء ..  بقلم / حسين صالح غالب السعدي
حسين صالح غالب السعدي الصورة الحديثة

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( الشتاء غنيمة العابدين ) وقال ابن مسعود رضي الله عنه ( مرحبا بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام ) وقال الحسن البصري رحمه الله : ( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله يطول يقومه ونهاره قصير يصومه )  هذه مشاعر السلف رحمهم الله في الشتاء فرحٌ وغبطةٌ همة ونشاط ، جِدٌّ واجتهاد فيما يقرِّب إلى الله وأما أحوال كثير من الناس في هذا الزمن ففي تضييع الفرائض والواجبات وغَشَيان المحرمات والمكروهات والاجتراء على حدود ربِّ الأرض والسموات والسهر الطويل في الليل على ما يُغضِبُ الله ويُظلِمُ القلوبَ ويُضعِفُ نور الإيمان .

حملنا نفوسنا هموما كثيرة تتعلق بالدنيا هموم الأزمنة وهموم الغلاء والرُّخْص وهموم الشتاء وبرده وهموم متلاحقة فماذا أبقينا في قلوبنا من هم الآخرة وأهوالها وأحوالها والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا بدعائه المأثور : ( اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ) .

فمع دخول الشتاء هل تذكَّر أهلُ الجِدَةِ واليسار إخوانهم الفقراء وذوي الحاجة ممن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ممن لمس البرد الشديدُ أجسامَهم واخترقت شدتُه عظامهم ألا اتقينا حر جهنم وزمهريرها بالعطف على هؤلاء ، لحافٌ يفيد هؤلاء في البرد كما أن الغطاء لحاف والثوب الدافئ لحاف والمعطف لحاف فتصدق يا من وسع الله عليه ولو بشيء يسير فربما يكون في نظرك حقير وهو عند ذلك الفقير المحتاج كبيرٌ عظيم ولا تحقرن من المعروف شيئا وأنتم تعرفون بأن المتنفذين في البلاد قد نهبوا خيرات البلاد والعباد وهم دائما هل من مزيد ، فلم يكفيهم ما نهبوا بل همهم الأول والأخير أن ينهبوا حتى قوت المسكين والفقير لا بارك الله فيهم ونسأل الله أن يعجل بزوالهم .

إن تعاقب الليالي والأيام عبرة ومُدَّكرًا ، وفي توالي الشهور والفصول والأعوام عظة ومعتبرًا ، وإن مما ينبغي علينا أن نتذكّره في هذا الزمان أن المسلم عظيم الصلة بالله الواثق بربه جلا وعلا إذا خاف من المجرمين والمتنفذين الأعداء ومن مداهمتهم الغادرة فهم لا يعتدون إلا بالغدر والخيانة والتلبس بالدين نفاقاً وهم أبعد الناس عن تعاليم الإسلام ، فلا يزيدنا ذلك إلا صلةً بالله عز وجل والتجاءًا إليه ورجوعا إليه سبحانه بامتثال أوامره والبعد عن نواهيه وقد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف عدوًّا قال : ( اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ) فالمسلم في أموره كلها وأحواله جميعها ملتجئٌ إلى الله معتصم به سبحانه ﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾ آل عمران: ١٠١ ومن السنة : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ومعنى حسبنا الله أي كافينا الله ، والله جلا وعلا كافي من توكل عليه واعتمد عليه ولجأ في أموره كله إليه ، كما أنه من المفروض علينا أن نجتهد في العودة الى تعاليم الإسلام ومن العلوم الشرعية فيجب أن يتثقف الشباب ويحمل من الثقافة الإسلامية ما تؤهله بأن يستطيع أن يتعامل مع الأحداث والملمات بما شرع الله له والاجتهاد بالقراءة للقرآن ومدارسته والسنة النبوية في كل مكان داخل بيوتنا ومساجدنا وأسواقنا ومقاهينا ومحلاتنا وأماكن أعمالنا في المصانع وعلى الطرقات وفي الحل والترحال ليرفع الله عنا ما نحن فيه من تكالب الأعداء والمتسلطين والمتنفذين وقطاع الطرق المجرمين ومن هو على شاكلتهم .

 

نسأل الله سبحانه بأن يقينا ويقي كل ضعيف ومسكين برد الشتاء الغارس ، وأن يحمينا من كيد المتربصين وأن يحسن لنا الختام والحمد لله رب العالمين .

أخبار ذات صله