fbpx
القضية الجنوبية ..وإتفاق جنيف بين ايران والدول الكبرى

ادي الاتفاق التمهيدي الذي وقعته ايران صباح يوم الاحد ٢٤ نوفمبر الماضي والدول الكبري +المانيا بشأن البرنامج النووي الايراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية جزئيا الى فرض توازنات جديدة وخريطة سياسية جديدة في المنطقة ، اثار مخاوف المملكة العربية السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي من تداعيات هذا الاتفاق وإمكان بروز محور إقليمي مؤثر “تركي- ايراني” لحل المشاكل الاقليمية في المنطقة علي حساب النفوذ السعودي والمصري التي باتت هذه الاخيرة في الوقت الحاضر مشلولة بمشاكلها الداخلية.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا .. كيف يمكن لنا استثمار التوازنات الجديدة لصالح القضية الجنوبية ..؟ من منطلق التعامل والتعاون مع الطرف او الاطراف المستعدة في تبني تطلعات شعبنا في استعادة دولته و تأسيس نظامها السياسي الجديد
وهل التعامل والتعاون مع الأطراف المتنافسة يعني بالضرورة خلق خصومة مع الطرف الاخر ام البحث في ايجاد توازن في العلاقات معهما ؟

* تداعيات اتفاق جنيف علي المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي :

المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي تؤيد حق ايران في الاستخدام السلمي للطاقة ولكنها تقف ضد انتشار اسلحة الدمار الشامل في المنطقة فهي تتخوف من برامج ايران النووية لأنها كما تقول ستؤثر في استقرار الخليج بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لدولها .
لهذا قبل الإعلان الرسمي للإتفاق انعقدت قمة مفاجأة بالرياض يوم السبت ٢٣ نوفمبر جمعت عاهلي المملكة والكويت وقطر تزامنا مع مفاوضات جنيف بين الدول الكبري وايران وصدرت تصريحات قوية من الامير بندر بن عبد العزيز رئىس المخابرات السعودية امام مبعوِثين اوروبيين ، ذكر فيها ان المملكة قد تلغي صفقات اسلحة ونفط بسبب تقارب امريكا وايران ، وعدم توجيه ضربة للأسد  ، وقام الامير بعد ذلك يزيارة يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ ٣ ديسمبر الي موسكو للالتقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتكمن اهميتها في التوقيت بعد الاتفاق النووي في جنيف فالمملكة كان الاتحاد السوفيتي سابقا من اوائل الدول التي اعترفت بها فبل الدول الغربية ؟ صحيح بسبب الحرب الباردة
وانحياز المملكة الي الدول العربية لكنها مع ذلك احتفظت بمستوي علاقات اقتصادية وتجارية معها ومع الصين الشعبية ودول اوروبا الشرقية تصاعدت وتيرتها من عام لاخر كما اوضحت حينها في دراسة لي في احد البنوك السعودية نشرت عربيا في الحياة والشرق الاوسط واجنبيا في مجلة مييد
البريطانية لرجال الاعمال(MEED ) في اواخر عام ١٩٨٩
كيف يمكن قراءة تلك الزيارة علي ضوء الدور الروسي في معالجة الازمة السورية وعلاقته الوطيدة بايران اضافة الي النفوذ السعودي وطموحاتها في حل المشاكل الاقليميةفي المنطقة والبحث عن توافق سعودي روسي في تناول الازمة في مصر واليمن ولبنان التي تطوراتها المقلقة تثير خشية المملكة من امتددات هذه الازمات وانتقالها الي مناطق اخري في المنطقة قد تسبب وفق احد المحللين الي زعزعة وعدم استقرار خصوصا للدول المجاورة لتلك الازمات اي للمملكة وبعض دول الخليج
من التداعيات الاخري لاتفاق جنيف وتنذر بمخاطر حقيقية على دول مجلس التعاون الخليجي ما حدث في قمة الامن الاقليمي في المنامة للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فيما يسمي (بحوار المنامة) الذي يعقد سنويا حيث فجر وزير الدولة للشئون الخارجية العماني يوسف بن علوي قنبلة عشية القمة الخليجية التي تعقد في الكويت في هذا اليوم الاثنين حين اعلن علنا بأن سلطنة عمان مستعدة “للانسحاب من مجلس التعاون الخليجي” في حال نجاح جهود انشاء “اتحاذ” بين الدول الست وفق التجربة الاوروبية من عملة موحدة الي اخر ذلك
والجدير بالاشارة اليه هنا ان قوات شاه ايران في السبعينات هي التي حمت سلطنة عمان من جبهة التحرير المناهظة للنظام المدعمة حينها من قبل جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية
واعتبر الامير تركي الفيصل ال سعود ان من”حق عمان ان تعبر عن رأيها انما لا اعتقد ان ذلك سيمنع قيام الاتحاد ”

* كيفية استثمار تداعيات اتفاقية جنيف لصالح القضية الجنوبية :

العلاقات الدولية لا تحكمها العواطف والقناعات الايديولوجية وانما تقوم علي اساس المصالح المتبادلة فلا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة وانما مصالح دائمة
كما قالها ونستون تشرشل الزعيم البريطاني
فالعلاقات المتوترة بين الغرب وايران في طريقها الى التحسن التدريجي
وكما رأينا اعلاه ان العلاقات المتميزة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية يعاد النظر فيها واتجاه المملكة الى تنويع علاقتها بإرساء توافق سعودي روسي جديد يخدم مصالح البلدين حول مختلف قضايا المنطقة.
كما رأينا ان مصلحة سلطنة عمان وفق منظورها جعلها مستعدة للانسحاب من مجلس التعاون الخليجي اذا تطلب الامر ذلك برغم عضويتها فيه منذ مايو ١٩٨١ مثل بقية اشقائها الخمس في دول المجلس.
السؤل بالنسبة لنا كجنوب.. اين ومع من تكمن مصلحتنا؟ يصعب الاجابة علي هذا التساؤل المحوري ..! .
ما يمكن قوله وربما لحسن الحظ ان القيادات الجنوبية البارزة موزعة بين قيادات لها علاقات وطيدة بالمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج وقيادات اخري يقال ان لها علاقات بايران وحلفائها في المنطقة سواء كان ذلك.
صحيحا ام مبالغ فيه وعادة ينفي هذا الطرف وجود هذه العلاقة مع ايران
والان مع بداية تحسن علاقة الغرب مع ايران ولم تعد بعبعا مخيفا هل هذه القيادات ستجهر بعلاقتها بايران لمصلحة القضية الجنوبية ام ستستمر في سياسة النفي بوجود تلك العلاقة ان كانت صحيحة ؟
لا اعرف اذا كان الطاقم العامل مع الطرف الذي يشاع عنه دائما ان له علاقة بايران قد فطن الى التحولات التي شهدتها ايران بعد انتخاب الرئيس الايراني الجديد “حسن روحاني” منذ شهر اغسطس ٢٠١٣ والتوجه الجديد في سياسته في المنطقة مد عوما من الولي الفقيه في الوقت الحاضر تمخض عنه اتفاق جنيف
هل جرت محاولة معهم لمعرفة امكانية حصولهم على دعما نوعي في الامم المتحدة لصالح القضية الجنوبية ام ان الاخوة ليسوا علي مستوي الحدث والمقدرة في استغلال رياح التغيير في ايران والمنطقة.

ومن الجانب الاخر بالنسبة للقيادات ذات العلاقة الحميمة بالمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج هل هم بدورهم يستطيعون استغلال الصدمة التي حلت بهم نتيجة التوازنات الجديدة وتغير الخريطة السياسية في المنطقة علي اثر تداعيات اتفاقية جنيف بين ايران والدول الكبري من جهة ومن جهة اخري تحالفهم ودعمهم للنظام السياسي في صنعاء الذي يظهر بشكل متصاعد حالة عدم الاستقرار وسيطرة الاخوان المسلمين عليه علي ضوء اجهاضهم للثورة المصرية وعلاقاتهم بالقاعدة وتامرهم علي استقرار بعض دول الخليج كاالامارات العربية المتحدة .
ان وجود جالية حضرمية مؤثرة في بعض دول الخليج بامكانهم المساهمة في ابراز اهمية دعم القضية الجنوبية لمصلحة الطرفين من حيث ان الجنوب بامتلاكه الموقع ” الجيواستراتيجي ” الهام المسيطر غلي باب المندب والمطل علي بحر العرب والمحيط الهندي قد يساهم في حالة انسحاب سلطنة عمان من مجلس التعاون الخليجي ان يشكل البديل الاستراتيجي لها وفي الوقت نفسه اذا تهاونت المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج في دعم الجنوب وتبنت ايران القضية بدلا عنهما فسيعزز ذلك سيطرة ايران ليس فقط علي مضيق هرموز فحسب بل سيعطيها ايضا موقعا علي مستوي باب المندب في مدخل البحر الاحمر الذي لا ايران ولا سلطنة عمان لهما تواجد فيه

* الخلاصة :

علينا استيعاب تجربة الوحدة بهروب الرفاق الي الامام بدوافع ايديولوجية ورومانسية سياسية دون ادني اعتبار لمصالح الجنوب وشعبه الان يجب العمل والتخطيط وفق مصالح الجنوب علي اساس سياسة تبادل المصالح
مع تطلعات بعدم معادات احد وبناء علاقات صداقة وتعاون مع جميع القوي في المنطقة بسبب موقعنا الجغرافي الذي يحتم علينا ذلك علي المدى البعيد ، والعمل في المدي القصير مغ من يتجاوب مع مصالحنا .