fbpx
يمنيون في فخ الجهاد
شارك الخبر

يافع نيوز – المدن اللبنانية – جمانة فرحات

لا يبدو أن في الأفق أي نهاية للحرب الدائرة منذ أسابيع في منطقة دماج بين الحوثيين والسلفيين ومن يؤازرهم من القبائل.
لعبة الكبار، وتحديداً في جانب السلفيين، وقودها شبان صغار نجحت الجماعات المتشددة في اغرائهم بشعارات الجهاد، فتحولوا إلى ضحايا له. حالة صالح (اسم مستعار) ليست استثناءً.
قبل عام تحديداً، كانت الصدفة سبباً في اللقاء بصالح (في عقده الثاني) في عدن. قاد الحديث معه، في حينه، إلى تجربة الشاب اليمني في الاعتقال على خلفية نشاطه مع الحراك الجنوبي المطالب بفك ارتباط جنوب اليمن عن الشمال.
يومها تحدث عن ما خبره في السجن، وتحديداً عن كيفية تجنيد المحسوبين على تنظيم القاعدة للشباب المعتقلين في داخل السجن، وكيف أنه مرّ بنفس التجربة لكنهم فشلوا في تحقيق غايتهم. ذهب بعيداً في حديثه. أشار إلى أمور يظنها البعض خيالية.
شرح كيفية انتشار معتقلين من القاعدة بين المساجين لتجنيدهم، وتحديداً كل من يرونه يؤدي الشعائر الدينية، مستخدمين اشرطة بحوزتهم تحرض على العنف، “حتى انهم يمتلكون اشرطة لزعيم القاعدة (السابق) اسامة بن لادن ويقومون باعطائها للشباب الذين سجنوا على قضايا اخرى”.
وأضاف “هل تعلمين انهم ينصبون صورة اسامة بن لادن وقادة اخرين في القاعدة على جدار البراق او العنبر المخصص لهم”.
وختم حديثه بالقول “إن السجون في اليمن ليست سجوناً لتأهيل المعتقلين وادماجهم في المجتمع، بل سجون تستخدم العنف وتصنعه في نفوس المعتقلين. يعتقلون اشخاص قلوبهم لا تعرف سوى الحب والتسامح والتطلع للمستقبل، ويفرجون عنهم بعد ان يملأوا قلوبهم بالحقد والكره بسبب ممارسة اساليب قاسية جداً في تعذيبهم، تصل الى تهديدهم بوضع قوارير ماء فارغة في مؤخراتهم اذا لم يخبروهم عن مكان تواجد فلان المطلوب، وبعد ممارسة كل اصناف التعذيب تتغير نظرتهم للحياة الى العدوانية وبعدها يتم اطلاق سراحهم عندها تكون لديهم عقدة من اجهزة الامن هذه ويسهل استقطابهم”.
الشاب، الذي كان يريد توعية أترابه من الوقوع في فخ التطرف، أصبح على ما يشاع أحد ضحاياه، بعدما انتقل لفترة إلى دار الحديث في دماج في صعدة حيث تدور أعنف المعارك.
ما الذي يمكن أن يدفع شاباً كان يبحث عن وسيلة لتوعية الناس من التشدد والغلو إلى طرف يريد الجهاد، سواء تحت راية السلفيين في دماج أو القاعدة، على غرار عشرات الشبان الذين تم تجنيدهم، وبينهم أبناء مسؤولين سياسيين وعسكريين.
مصدر مطلع على الكثير من تفاصيل الساحة الجنوبية تحديداً، التي سجل مشاركة عشرات من أبنائها في القتال إلى جانب السلفيين، اعتبر ما يجري بأنه “نتيجة الصراعات السياسية التي تدور الآن، ونتيجة تحطم معنويات الشباب، سواء الذين كانوا يطمحون بتغيير من خلال ثورة الشباب، وكذلك صراعات القادة الجنوبيين وتدني حالة اسرهم المعيشية”. وأضاف “هذا يضعف من عواطف الشباب لانهم لا يزالون في مرحلة سيطرة العاطفة ولم يتمكنوا من السيطرة على عقولهم والتفكير الصحيح”. وهنا تحديداً يبدأ دور الجماعات المتشددة، فعندما تدرك حال هؤلاء، تغدق اهتمامها عليهم إلى أن يتم تجنيدهم.
لكن ذلك وحده غير كاف، فالخطاب الديني يلعب دوراً رئيساً في اليمن عموماً. عن هذا الأمر يقول المصدر: “خطابنا الديني في اليمن مبني على الحدة، لم يبن على الحكمة في استخدام الدين”. وأضاف “حتى وإن وجد رجال دين متصفين بالحكمة، لا يقبل لهم رأي لان صوت التشنج والتعصب والعنف سائد سواء من قبل الشخصيات الدينية او من قبلنا نحن كشعوب”.
حديث المصدر يتقاطع مع معلومات تأكدت لـ”المدن” من قبل أكثر من صحافي عن دعوات واسعة النطاق تجري في الجنوب للجهاد. أحد هؤلاء قال لـ”المدن” “هناك حملة تحريض قوية وممنهجة، ومحاضرات دينية وتعبئة، وغالباً الذين يقومون بالتعبئة – وهم ائمة مساجد سلفيين واصلاحيين – لا يذهبون إلى الجهاد على الاطلاق ولكنهم يمهدون للصغار فقط بالذهاب”.
لكن هناك ما هو أخطر من خطب المساجد والمنشورات التي توزع وتدعو للجهاد. خطر يكمن في المدارس. المصدر أكد لـ”المدن” أنه يوجد مدرسون ومدرسات يقومون بتخصيص وقت قبل كل حصة للدعوة إلى الجهاد وتحريض الطلاب”، في خطوة ليس من شأنها سوى إغراق اليمن في آتون الصراعات الطائفية والسياسية التي لا تعترف بأي حق في الاختلاف وتحوله إلى مبرر لسفك دماء أبناء البلد الواحد.
أخبار ذات صله