fbpx
في ذكرى الاستقلال الأول مبشرات الاستقلال الثاني

 

بقلم – وجدي صبيح

ماذا حقق الحراك الجنوبي السلمي للجنوبيين منذ قيامه ؟ فكثيرا ما اسمع هذا التساؤل وهذا الاستفسار من أفواه أولئك الذين لا هم لهم إلا الاعتراض والتشويه وغمت الحقائق عن العامة , والكيد والانتقام من هذه الثورة التي أطاحت بجميع مشاريعهم في الجنوب , وهم أنفسهم أولئك الذين غالبا ما يتهجون على الحراك بدعاوي وحجج مختلفة أو حتى من الذين هم ضمن الفئة المنعزلة والصامتة , ليعلم من لا يعلم أن قطار الحرية في الجنوب لم ولن يتوقف مهما اعترضته المعوقات واستعملت ضد مسيرته الإشاعات فباختصار أجيب على ذلك السؤال , انه من فضل الله ومن ثم فضل نضال شعب الجنوب المستمر استعاد الجنوبيين هيبتهم وسلطانهم على أرضهم وقريبا بإذن الله يفرضون سلطتهم على ثرواتهم وممتلكاتهم المنهوبة ودولتهم المسلوبة.

فمنذ ما قبل عام 2011 استطاع الحراك الجنوبي فرض  سيطرته المدنية التامة على مدن الجنوب وإخضاعها لبرنامجه النضالي ومشيئته الثورية السلمية حيث استقطب إلى صفوفه – إن لم أقول الكل – الكثير من المكونات السياسية والشخصيات الاجتماعية والأكاديمية والدينية المؤثرة والمنظمات والهيئات المدنية الجنوبية مما اكسبه دفعة قوية , ومناعة شعبية , وثقة جماهيرية واسعة , وهو ما جمع الجنوبيين على هدفا واحد في الساحات والميادين , وهو الأمر الذي يفسر تقهقر جيش الاحتلال في مواجه فعاليات الحراك الجنوبي السلمية العارمة والمزمنة واتجاهه إلى أسلوب عدم المواجهة المباشرة واعتماد سياسة الاغتيالات والاختطاف والتنكيل الجماعي بسكان المدن والقرى , وانحسار تواجده إلى الثكنات العسكرية والمجمعات الحكومية والحزبية التابعة له , بعد أن كان في يوم من الأيام يتصرف في هذا الوطن وهذا الشعب تصرف المالك المنتصر يومها كان الجنوبيين يذوقون ويلات التميز والتهميش والاستقلال والاستغلال والاستبداد  .

وبعد انهيار منظومة الحكم الاستبدادي بصنعاء وتصارع أطرافها خلال العامين الماضين وفشلها الذريع في التوافق , أخذت المقاومة الجنوبية مكانتها المؤثرة في الجنوب وبسطت سيطرتها على الساحة مكتسحة جميع المكونات السياسية والاجتماعية والحزبية, فمنذ ذلك الحين استطاع الحراك الجنوبي أن يعيد الاعتبار إلى كل الجنوبيين ويعيد الثقة إليهم بهويتهم وتاريخهم المدني والنضالي وقدرتهم على المقاومة وفرض أرأيهم ورويتهم ومواقفهم والتشبث بها والتصدي لكل محاولات الالتفاف والخداع التي حيكت ضده وضد ايرادته , الأمر الذي جعل تلك الأطراف تتنازل التنازلات تلو الأخر لصالح الجنوبيين ولصالح قضيتهم وقبول الكثير من مطالب الجنوبيين ألزاما وإجبارا وهو ما يفسر انتصار الجنوبيين وقلب المعادلة السياسية السايدة ردحا من الزمن , بعد أن كان في يوم من الأيام هذا الوطن وهذا الشعب مستبعد و مستعبد  ومنفي داخل وطنه ليس له أي وزن وثقل سياسي واجتماعي , وليس له أي تأثير في الحياة السياسية والعسكرية.

إن أعظم ما تحقق للجنوبيين اليوم هو تمزيق قدسية الوحدة والقضاء على مكانتها وهيبتها لدى الشماليين قبل الجنوبيين  وهذا يعني ان الجنوبيين استطاعوا إسقاط مشروع ما يسمى الوحدة وفرض الأمر الواقع وهو ما جعل قوى الاحتلال تبحث عن وضع جديد ومسمى آخر لتواجدها في الجنوب لان مسمى الوحدة لم يعد مقبول بصيغته الحالية , وتكشّف زيفه وضلاله , فمن هنا إذا استطاع الجنوبيين إسقاط مشروع الفدرالية ومشروع دولة الأقاليم المشروعان المتواجدان على الساحة فأنهم ليسوا ببعيد عن نيل ما يصبون إليه منذ سنوات  , يأتي هذا بعد أن كانت الوحدة في يوم من الأيام  خط احمر لا يمكن تجاوزه وبعد أن كان شعار الإرهاب والغطرسة يدرس في المدارس والمعاهد الوحدة أو الموت , وبل وبعد أن كانت الوحدة الصلاة السادسة بالنسبة لبعضهم .