fbpx
الـ 30 نوفمبر .. مليونية عاشرة ومبعوث دولي إلى عدن

 

كتب | د . عبيد البري

مرت الأيام والسنين والشعب الجنوبي يكابد مختلف أشكال وأنواع الظلم على مستوى الفرد والمجتمع ، مثلما يكابد التنكيل والاستشهاد خلال  السنوات السبع الأخيرة من عمر الثورة الشعبية السلمية الجنوبية .. ويكابد خطر الثالوث الجديد للاستعمار القديم ( الفقر والجهل والمرض ) مثلما يكابد تسلط واستبداد القبيلة اليمنية بعساكرها ومذهبها وثقافتها وإرهابها. وكل ذلك جرى ويجري على مرأى ومسمع العالم على مدى العقدين الماضيين بعد فشل الوحدة غير الشرعية بين الدولتين اللتان كانتا متناقضتين سياسياً ، ومتصارعتين عسكرياً في الإقليم اليمني .

 

وعلى الرغم من أن قضية استقلال دولة الجنوب ، عن تبعيتها للجمهورية اليمنية التي احتلتها بالغزو العسكري عام 1994، قد تم تجاهلها من قبل المنظمة الدولية  نتيجة الموقف الإقليمي وإصابة قيادة الجنوب بالشلل وفقدان الذاكرة منذ نزوحها عن عدن حتى هذه اللحظة ، فقد أصبحت قضية الجنوب اليوم – بفعل الثورة الشعبية العارمة – تحظى باعتراف دولي ، وهي تشق طريقها الآن نحو منظمة الأمم المتحدة التي يتوجب عليها أن تنفض الغبار عن أرشيف دولة الجنوب السابقة كدولة مستقلة ذات سيادة .. وأن تنفض الغبار عن القانون الدولي لتطبيقه على هذه القضية .. ولا نتوقع أن دولة من دول العالم تستطيع الاستغناء عن أي مصلحة معنا كشعب ينشد الأمن والسلام والمصالح المشتركة مع بقية الشعوب .

 

وإذ جاء في نص المبادرة الخليجية المعدلة لحل الأزمة اليمنية في 21-22 مايو 2011م : تشكيل حكومة “مناصفة” بقيادة المعارضة ومنح الحصانة للرئيس علي عبد الله صالح بعد استقالته . وأن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره . وإذ جاء في آليتها التنفيذية المزمنة التي وقع عليها الطرفان : يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة .

 

فإن المبادرة وآليتها ، في نصوصها وجوهرها ، قد تجاوزت القانون الدولي في كثير من أبعاده الإنسانية والدولية بالنظر إلى القضايا التالية :

(أولا) أن منح الحصانة يتناقض بشكل صريح مع القانون الدولي والمواثيق الدولية .

(ثانيا) أن فرض الحل بين طرفين يمثلان السلطة والمعارضة بغرض تبادل السلطة بينهما قد ألغى البعد الوطني للأزمة اليمنية .

(ثالثا) أن إلغاء أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ليحل محلها الاتفاق بين الطرفين على أساس المبادرة ، يعني أن اليمن فقدت – من جديد – الأساس الشرعي لها كدولة قائمة ترعى شئون المجتمع ، فأصبح الأمر – كما هو واضح في مؤتمر الحوار – مجرد توافق بين الطرفين لإعادة بناء دولة جديدة في اليمن تحت إشراف الدول الراعية لتنفيذ المبادرة .

(رابعا) أن النص الوارد للتأكيد على الحفاظ على وحدة اليمن ، لم يعد واضحاً .. ما هي المناطق – في الإقليم اليمني – التي تريد المبادرة أن تحافظ  على وحدتها مع صنعاء ؟! .. لقد فشلت الوحدة عام 1994 ..  ولقد تم الاتفاق النهائي على معاهدة الطائف . كما أن النص يتناقض مع القانون الدولي بشأن حق الشعوب في تقرير مصيرها .

 

ولما بات واضحاً أن شعب الجنوب قد حدد إرادته  في تحرير أرضه من الاحتلال العسكري اليمني ومطالبته مجلس الأمن والأمم المتحدة لإعادة الاعتراف بدولته المستقلة منذ عام 1967 بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة منذ ذلك العام ، وبعد الإعلان عن فك ارتباطها بالجمهورية العربية اليمنية عام 1994 ، فإن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يبعث مندوباً يمثله في عدن لمساعدة الشعب الجنوبي في الخروج من تبعيته لسلطة صنعاء وأزماتها التي لا يبدو في الأفق ما يدل على انفراجها على الإطلاق .

 

ولذلك فإن مليونية الاحتفال بالذكرى 46 للاستقلال في 30 نوفمبر القادم ستكون مليونية المطالبة بمبعوث دولي للمساعي الحميدة في عدن يمثل الأمين العام للأمم المتحدة ليساعد على إيقاف الانتهاكات الشاملة لحقوق الإنسان على أرض دولة الجنوب ، وفي الوقت نفسه الإشراف على تنظيم وتوحيد القوى السياسية الجنوبية في سبيل إعادة بناء دولة الجنوب ، مقابل ما يسعى إليه السيد جمال بنعمر في صنعاء لإعادة بناء الدولة اليمنية هناك .