fbpx
هل لنا بقابوس جديد؟

 

ترجع الروايات أسباب انقلاب السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان على والده في سبتمبر 70م إلى انه حين كان وليا للعهد زار المملكة العربية السعودية فوجد عشرات المغتربين العمانيين، وهم يحملون المكانس وينظفون مطار الملك عبدالعزيز بالرياض ما أثار حفيظته، فقرر عزل والده ونفيه الى بريطانيا لتبدأ بعدها عمان عهدا جديدا شعاره استعادة كرامة الانسان العماني. بالنسبة لليمن، اظن ان كل القادة والمسؤولين اليمنيين، وفي زياراتهم التي لا تتوقف الى الشقيقة الكبرى، قد شاهدوا العمالة اليمنية هناك وهي في حال من الذل والمهانة، أسوأ مما شاهد قابوس حال ابناء بلده، وبدلا عن كنس المطار كما فعل العمانيون، شاهدوهم وهم ينظفون الحمامات العامة، والشوارع، ويرعون الجمال ، ويخدمون في المنازل والأشد مرارة انهم شاهدوهم وهم يتسولون ،ويهانون، ومع ذلك لم يحرك فيهم كل هذا ساكنا، بل كانوا (يفكدون) القلب عندما يعودون ليتحدثوا بفخر مقرف معبرين عن الامتنان للرعاية الخاصة التي توليها المملكة للعمالة اليمنية التي تعامل اليمنيين على قدم المساواة مع المواطن السعودي ولا ادري حقيقة ما نوع هذه المساواة .

شخصيا حين تواجدت في بعض المدن السعودية، لمست حالة الضنك، والمعاناة التي يعيشها المغترب اليمني، وشعرت الى أي مدى هو مهان الانسان اليمني، وأكثر منه مهانة هي حكومته التي لا تخجل وهي تتحدث عن هذا المخلوق البائس المعذب كثروة وطنية ومصدر هام من مصادر الدخل القومي. وكما كرهت فكرة الاغتراب وآمنت بصدق المقولة الشعبية من خرج من داره قل مقداره ،شعرت بالقرف من حكومة لا ترى في مئات الآلاف من شعبها المعذبين في بلدان الغربة والشتات سوى مصدرا للتحويلات المالية، دون ان توفر لهم أدنى حماية أو رعاية، ودون ان تسعى الى ايجاد فرص عمل لكل هؤلاء المهانين في داخل وطنهم .

ذات الشعور خالجني اليومين الماضيين حينما تابعت عودة مئات الآلاف من اليمنيين الى بلدهم في منظر به من المهانة، ما يكفي لأن يدفع قيادة هذا البلد للانتحار وليس تقديم الاستقالة، لكننا لم نسمع شيئا من هذا القبيل، بل ان بعضهم تبرع للإساءة لحكومة المملكة وكأنها هي المعنية بهذا الشعب وليست الحكومة اليمنية وبدلا من شكر حكومة المملكة لأنها منحت هؤلاء المغتربين ومنحت حكومة بلادهم المهلة تلو المهلة ولثلاث مرات متتالية لتصحيح أوضاعهم أو رسم الخطط الكفيلة لاستيعابهم في بلادهم وجدناهم يلومونها –المملكة- لأنها طبقت قوانينها على أرضها. فعلا هو مر خبز الغربة في بلاد الآخرين، وهو أكثر مرارة في وطن لا تشعر أنه وطنك وربما تحتاج لبيع اطفالك أو عرض بناتك للزواج مجانا من على منابر المساجد كما فعل المغتربون العائدون عقب حرب الخليج الاولى .