fbpx
القات… والحراك

القات… والحراك

محمد بالفخر

mbalfakher@gmail.com

كثيرا ما وددت طرق هذا الموضوع وأتراجع عن طرحه لأسباب كثيرة وترددت حتى هذه اللحظة ايضا عن الخوض في غماره وفي الاخير قررت الحديث عنه ولكن دون الدخول الى أعماقه فهو بحر عميق جدا تستوطنه اسماك القرش المفترسة فنكتفي ان نكون في ساحله ونشير الى الموضوع بإشارات بسيطة لعلها تفي بعض الغرض وتحقق الهدف ولعلها تفتح بابا لآخرين اكثر قدرة على سبر اغواره والغوص فيها بأمان والخروج منها بنتائج ايجابيه تحقق الهدف المنشود بأذن الله .

كنت اسمع عن القات ولم اعرفه وشاهدت تلك الوريقات الخضراء في زيارتي الأولى الى عدن في مطلع العام 1977 م . شاهدتها بيد صديق لي تواعدت معه في ملعب الحبيشي لمشاهدت مباراة لكرة القدم فقال لي تفضل قلت له ما هذا قال لي قات قلت له كيف طعمه ؟ قال لي مر قلت له شكرا والحمد لله انه لم يلح علي . لكنني للحقيقة استسلمت بعد 4 سنوات وفي عدن ايضا لإلحاح آخر فكانت التجربة مريرة تكررت 4 مرات فقط لا غير خرجت بعد التجربة الرابعة اكثر قناعة بأن لا تلامسه شفتاي ناهيك ان تمضغه أسناني وأنه “ليس يحتاج اليه البشر” كما فال فضيلة العلامة الشيخ محمد بن سالم البيحاني رحمة الله عليه في رباعياته الشعرية .

والحديث عن القات يفتح ابوابا ويغلق اخرى ويقرب اناسا ويبعد آخرين ولكنني لا أريد هذا ولا ذاك فمن استحسن الكلام فشكرا له ومن لم يعجبه فلا يغضب فهو مجرد رأي لا يفرض على أحد . واسأل الله القبول.

فإذا نظرنا الى واقع هذه الشجره الخبيثة وأعتذر لمن يحبها فحبه وعشقه مخالف للفطرة الانسانية فهي في الحقيقة لا طعم فيها ولا منظر جميل فكم هو مؤلم مناظر تلك المجالس الراقيه والفرش الجميله والمساند الوثيرة عندما تتحول الى شكل لا ترتاح له العين بحال من الاحوال. ونسأل الله أن يعين ربات البيوت والخادمات في تنظيفها بعد كل جلسة اما ان كان لوكنده او قارعة طريق فيحتاج الأمر الى اتفاق مسبق مع عمال النظافة .

والأدهى من ذلك ان تلك المجالس اصبحت جلسات لمناقشة القضايا الكبيره وأكبرها القضية الجنوبيه فالى جانب كثرة التنظير الناتج عن نشوة التخزين فيصبح كثرة الكلام غير مجدي لان أي فكرة تطرح أو رأي يذكر تطرح في مقابلها من كثير من الحاضرين آراء أكثر وأفكار متعددة وفي الختام النتيجة كلام مقايل كما يقولون هم . وإذا اعتبرنا انفسنا أن لنا ثقافة مختلفة عن الثقافة الوافدة فكان بالأحرى ان تكون هناك حصانة أو مناعة ضد كل ما هو وافد وغريب .

هذا اولا وأما ثانيا فالمبالغ الطائلة التي يتم انفاقها دون أي فائدة غذائية واحدة كل تلك المبالغ تحتاج اليها الاسرة والأطفال وتحتاج لها الثورة والنضال ناهيك انها تصب في خزائن كبار تجار القات الذين هم في الأساس أركان النظام اليمني الذيثن بسببهم يعاني الجنوب ما يعاني . ولو عدنا لاستبيان بسيط تم عمله في حضرموت مفترضين عدد المخزنين بما يقارب 150000 نسمه لو ان كل واحد منهم صرف 1000 ريال يوميا على تخزينته فيعني ذلك ان اجمالي ما يصرف على القات يوميا سيصبح 150000000ريال أي ما يقارب 3000000 ريال سعودي في اليوم الواحد وفي محافظة واحدة !

أي منطق هذا ؟ وأي عقل يقرّ به ؟

وقليل جدا كانت ايجابيات النظام السابق إلا ان قرار منع استخدام القات في عدن وبعض المحافظات واقتصار تعاطيه على يومين في الاسبوع ومنعه نهائيا في حضرموت والمهره يعد من افضل ما صنعه الرفاق في ذلك الوقت . وقد كنت شخصيا ذكّرت محافظ حضرموت في عام 1995م بهذا الأمر متمنيا عليهم لو أنهم حافظوا على قرار ايجابي كان منفذا في حضرموت “حضرموت التاريخية قبل الوحدة والشرعية” فكان جوابه “خليها تقع وحدة سوى يا بالفخر” . على الرغم ان ذلك المحافظ لم يكن من المخزنين لكنه بعد استراتيجي وسياسي يتحقق لهم من خلال انتشار القات وكثرة من يتعاطوه .

فهل سنعي هذه المسألة ؟ ونجعل يوما في الاسبوع على الاقل بلا قات وستعرفون كيف ستكون النتيجة ايجابية على الفرد والأسرة والمجتمع وكيف سيكون هذا اليوم بئيسا على تجار القات ومروجوه؟

فالقات قات…ل للمال والوقت والقيم والصحة ومدمر للأسرة والمجتمع ومقاطعته ستقطع نصف الطريق نحو الحرية والاستقلال .

خاتمة شعرية:

تولّعتم بالقات والقات قاتل

وفي حذف حرف اللام منه دلائل

وكم قد رأينا من رجال تولّعوا

فقد ثكلتهم بعد ذاك الثواكل

اضاعة مال ثم فقر وفاقة

ويبس يضر الجسم والجسم ناحل