fbpx
فورين بولسي : القضية الجنوبية معقدة جداً وجذورها تمثل صراع بين الوحدة والاستقلال
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

النشاط الاقتصادي، واتخاذ القرارات بشأن عقود صفقات الغاز والنفط والمشاريع الممولة دولياً. وعندما يكون مركز هذه القرارات صنعاء، فمن السهل الاستيلاء على هذه المنافع. إن السبب الحقيقي وراء كل هذا هو اقتراب الحوار من اتفاق بشأن النظام الفيدرالي الذي يضم 3 مستويات من السلطة المحلية الإقليمية، ولهذا تبدي قوى النظام القديم مقاومة شرسة. عضو في مؤتمر الحوار الوطني، وضع النقاط على الحروف، ببساطة: “القوى التقليدية تريد النفاذ عبر هذه الفترة بأقل قدر من التغيير، ثم تعود لاحقا بشكل أقوى لاستعادة السيطرة”.
إن القضية الجنوبية معقدة جداً، ولكن في جذورها تمثل مظالم تاريخية نابعة من الصراع الدائر بين الوحدة والاستقلال، وبلغت ذروتها بالحرب الأهلية عام 1994، والعمل على حرمان الجنوبيين بصورة ممنهجة، وتضمن ذلك التقاعد القسري لأفراد الجيش والموظفين الحكوميين، ومصادرة أراضيهم من قبل شماليين، وتهميشهم في الحياة السياسية والاقتصادية للبلد. وفي عام 2007 بدأ الحراك الجنوبي التحرك من أجل نيل حقوقهم، وعندما اندلعت احتجاجات ربيع عام 2011 التي أطاحت بصالح من السلطة، انضم العديد من أنصار الحراك للانتفاضة الشعبية في جميع أنحاء البلاد. ومنذ ذلك الوقت ازداد الإحباط من حكومة صنعاء، وارتفعت بشكل كبير رغبة الجنوبيين في الانفصال. على الرغم من أن هادي ينحدر من محافظة أبين الجنوبية، إلا أنه وحكومته لم يثبتا للجنوبيين أن الانخراط في المرحلة الانتقالية والحوار الوطني سوف يخدم مصالحهم، كما أخفق في كسب ثقتهم وتأييدهم.
لقد أوجزت اللجنة التحضيرية وفريق القضية الجنوبية المشارك في الحوار مجموعة من التوصيات (التي يشار لها بالنقاط الـ20+11)، والتي تهدف إلى تعزيز الثقة وتشجيع الجنوبيين للمشاركة في الحوار. وحتى الآن تباطأت الحكومة في تنفيذ هذه التوصيات، وقامت اللجنتان اللتان أنشئتا لمعالجة قضايا العسكريين والتقاعد القسري، ومصادرة الأراضي في الجنوب، بتسليم القليل من النتائج الملموسة لعملهما حتى الآن. وإذا كانت هذه التدابير عملت على حل المشاكل بشكل جذري على مدى الـ12 شهراً الماضية، فإنه ربما يرى الجنوبيون أسبابا للبقاء في بلد موحد. وفي الوقت الحاضر، ترفض قطاعات واسعة جدا من الشعب في الجنوب، المبادرة الخليجية والحوار الوطني، وأي حل يتم فرضه من جانب العاصمة صنعاء. ويعتقد بعض اليمنيين أن هادي لا يريد فعلاً إشراك الجنوبيين، وبدلا من ذلك أجل هذا الكرت للمرحلة النهائية. إن هذا الأمر يمكن أن يكون مقامرة خطرة. ويجب على أي شخص يشك في مدى جدية المعارضة الجنوبية، أن يشاهد مقاطع من التظاهرات الأخيرة للحراك في معقله بمدينة عدن، بتاريخ 12 أكتوبر، والتي اجتذبت الآلاف إلى الشوارع لمناهضة الوحدة ونتائج الحوار.
ومع ذلك، لا يقتصر التوتر على الجنوب فقط، فاليمنيون من مختلف ألوان الطيف السياسي، يشعرون أن الوضع تدهور على مدى الأشهر القليلة الماضية: عمليات الخطف والاغتيالات آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء البلاد، وازدادت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي، وصفوف محطات البنزين تستمر لساعات طويلة. هناك شعور واضح بالتوتر في صنعاء، والجميع ينتظر النتيجة النهائية. ويعزى انهيار الأمن والهجمات على أنابيب النفط وشبكات الكهرباء إلى واحد من سببين: إما أن قوات النظام القديم يعملون على تقويض أي نجاح للحوار الوطني، أو المنافسة بين قوات الأمن التي اصطفت مع هادي وصالح ومحسن، خلقت فراغاً أمنياً ملأته القاعدة في جزيرة العرب، أو غيرها من المسلحين الجهاديين. وفي كلتا الحالتين، فإن القضايا الأمنية الحرجة، يعتقد الكثيرون أنها لا يمكن أن تحل إلا من خلال اتفاق سياسي ينسجم مع مصلحة هؤلاء اللاعبين الرئيسيين.
إن البحث عن حل يحقق جزءاً من التوافق في الآراء بشأن الجنوب، وفي نفس الوقت حماية المصالح الجوهرية لنخب النظام القديم، لن تكون بالمهمة السهلة. يقول برثاء أحمد بن مبارك، الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني، إن “لجنة 8+8” (أنشئت خصيصاً لحل القضية الجنوبية)، وإنها كانت على أعتاب اتفاق الأسبوع الماضي، عندما بدأ أعضاء الحراك الإحساس بالضغط من الشارع الجنوبي، كما انسحب حزبا الراهن السياسي (الإصلاح والمؤتمر) من فكرة الفيدرالية إلى اللامركزية. إن الحوار علق أساساً بسبب القضية الجنوبية، لكن الجلسة العامة الختامية انهارت أيضاً بسبب انسحاب أعضاء في المؤتمر الشعبي العام، احتجاجا على بند العزل السياسي المقترح، والذي من شأنه أن يمنع صالح والعديد من قادة المؤتمر من المشاركة في الحياة العامة السياسية مستقبلاً.
كيف سيتم إنجاز الحوار؟ وما الذي سيحدث بعد ذلك؟ عدد من الآراء التي تبارت مع عدد من السائلين. إنها عملية ديناميكية مائعة، والقليل الذي يمكن التنبؤ بشأنه. وفي نفس الوقت، فإن الصراع السياسي هو بين النظام القديم -وينقسم إلى أحزاب وقبائل وخطوط أيديولوجية- والقوى الجديدة التي تستمد شرعيتها من الحوار الوطني، مثل حركة الحوثي والحراك الجنوبي، في بلد لا أحد من القوى السياسية القديمة والجديدة تثق ببعضها البعض.
وبينما على اليمنيين فقط تحديد الكيفية التي سيتم بها عمل حل لكل هذا، فإن على المجتمع الدولي أن يلعب دورا هاما لمشاركتهم في هذه المرحلة، التي يجب أن تدرس بعناية. ويجب تقييم الوضع للأفضل والأسوأ، ويجب أن تحمل المواقف التي اتخذتها مجموعة الـ10 في صنعاء، وزنا كبيرا، وهذا يحملهم مسؤولية كبيرة في النظر لما هو أفضل لليمن في هذه اللحظة، وفي الوقت المناسب، وليس فقط النظر للبنود التي وضعت في المبادرة الخليجية. وقد لعب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، دورا حاسما في الحفاظ على دفع الأمور إلى الأمام، لكن اللحظة الآن هي للتوقف، ولإعادة التقييم، وللنظر على نحو خلاق في المرحلة الانتقالية القادمة، وكيف يجب أن تكون.
بداية، إن تقليل الكثيرين في المجتمع الدولي من أهمية الغضب الجنوبي، يؤثر على الخطوات التالية التي يجب اتخاذها في المبادرة الخليجية. ومع أن العديد من الدبلوماسيين والجهات المانحة يقرون بأن المعارضة في الجنوب قضية رئيسية في متناول اليد، ولكنهم ينتقلون إلى مناقشة الدستور والانتخابات بشكل مستمر، وكما لو أن السخط الجنوبي سيحل نفسه بطريقة ما دون تأثير على بقية عملية الحوار. حيث إنه حتى لو تم الاتفاق على نظام فيدرالي في الحوار، قد يرفض الشارع الجنوبي هذه النتيجة، ومن ثم ترك السكان منقسمين مع سبل محدودة للتواصل في ما بينهم. ونظرا للظروف الحالية، فإنه ليس من الصعب أن نتصور وضعا يكون فيه غالبية الجنوبيين مقاطعين للاستفتاء على الدستور، ورفض الدستور، ورفض تسجيل أسمائهم في سجلات الناخبين الجديدة، أو الرفض الواسع للرئيس هادي (أو أي مرشح آخر) إذا ما ترشحوا للانتخابات القادمة. ناهيك عن إمكانية اندلاع احتجاجات واسعة في كل مرحلة من المراحل السابقة، وقد تتحول إلى أعمال عنف. وسيكون هذا الرفض كارثياً على المبادرة الخليجية والحوار الوطني، وينبغي على المجتمع الدولي الضغط على هادي وحكومته لتطبيق توصيات النقاط الـ20+11، والشروع بمبادرات دبلوماسية على جميع المستويات مع القيادات الجنوبية.
الشيء الآخر، كفلت المبادرة الخليجية أن تتم المرحلة الانتقالية في عامين، والآن يقر الجميع في صنعاء على أن الإطار الزمني غير كافٍ. وبوضوح لن يكون هناك استفتاء للدستور أو انتخابات في فبراير 2014، عندما يجب أن تنتهي هذه الفترة. وبدلاً من التمديد أو تأخير الاستفتاء على الدستور والانتخابات، يجب على مجموعة الـ10 والأمم المتحدة أن تعمل مع هادي وقيادة الحوار الوطني لتطوير إطار زمني متسلسل يكون له معنى خلال هذه المرحلة، وإتاحة الوقت الكافي للقيام بذلك على الوجه الصحيح.

أخبار ذات صله