fbpx
اعتذار مرفوض
شارك الخبر
اعتذار مرفوض

المدن – جمانه فرحات
قبل أيام، قدمت الحكومة اليمينة اعتذاراً للجنوب على خلفية حرب ١٩٩٤ التي اعادت السلطات اليمنية بموجبها فرض الوحدة بين شطري البلاد بالقوة، وخسرت في مقابلها شعور فئات واسعة من الجنوبيين بالانتماء إلى اليمن الموحد.

كذلك قدمت الحكومة اعتذاراً مماثلاً لصعدة بعد ستة حروب عبثية خاضتها ضد الحوثيين، أو ما بات يعرف بتنظيم انصار الله، لم تسفر سوى عن تصاعد القوة العسكرية للتنظيم وتوسيع نفوذه ليتخطى صعدة بأشواط.

حكومة الوفاق حرصت على التأكيد أن السلطات السابقة كانت “المسؤول الأول وليس الوحيد عن حرب 1994 وحروب صعدة وما ترتب عليها”، قبل أن تقدم اعتذارها “نيابة عن السلطات السابقة وكل الأطراف والقوى السياسية التي أشعلت حرب صيف 1994 وحروب صعدة أو شاركت فيها”.

اعتذار قابله صمت شبه تام للقوى المتورطة في هذه الحروب، وبشكل خاص الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، فضلاً عن حزب التجمع اليمني للاصلاح، الذي كان طرفاً رئيساً في الحرب بوصفه حليف صالح على مدى سنوات، وكذلك المستشار الحالي لرئيس الجمهورية، اللواء علي محسن، المتورط في كافة العمليات العسكرية على مدى سنوات حكم صالح.

صمت يُخفي وراءه تأكيد هذه القوى، التي لا تزال تتحكم بطريقة أو بأخرى بمصير البلاد، أنها غير مستعدة فعلياً لاي مراجعة نقدية لممارستها، بل يمكن الذهاب أبعد من ذلك، والاستنتاج أنها متمكسة بصوابية ما قامت به، وخصوصاً في حرب 1994 على الرغم من تداعياتها الكارثية.

وهنا تحديداً تكمن المشكلة، إذ إن الاعتذار الذي قدمته الحكومة اليمنية للجنوب، تحسم جديته مجموعة من الخطوات المطلوب منها المسارعة إلى اقرارها وتنفيذها.

لكن العودة إلى تركيبة الحكومة اليمنية تجعل من منسوب التفاؤل في أدنى مستوياته، ولا سيما أن “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”، التي تدار البلاد بموجبها منذ تنحي صالح، أدت إلى تقاسم القوى التقليدية للحكم، مع أحزاب أخرى جلها من معارضة احزاب اللقاء المشترك شبه المشلولة. وهو ما يجعل من تسريبات الحكومة عن قرب اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه موضع تشكك، بما في ذلك تنفيذ ما بات يعرف بالنقاط الـ٢٠.

خلال التهيئة للحوار الوطني، المنعقد من آذار/مارس الماضي، ناقشت اللجنة المكلفة بهذه المهمة، مجموعة من الاجراءات يتعين على الحكومة اتخاذها لتمهيد الطريق امام انعقاد الحوار بشكل صحيح وضمان ظروف نجاحه، بينها النقاط العشرون الخاصة بالجنوب، المتضمنة بشكل رئيسي معالجة آثار الحرب على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لكن بين اقتراحات الأعضاء وإرادة الحكومة هوة، جعلت من تطبيق النقاط أمراً جدلياً لا يزال مستمراً إلى اليوم. الأمر نفسه ينطبق على النقاط الـ١١ التي أقرها فريق القضية الجنوبية.

واقع جعل من صدى الاعتذار حبيساً لجدران قاعة مجلس الوزراء وقاعة الموفمبيك حيث ينعقد الحوار، فلا الحاضنة الشعبية للحراك الجنوبي التفتت إليه ولا القيادات السياسية.

وحتى القيادي الجنوبي، محمد علي أحمد، الذي كان يعول عليه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، لأن يكون الجوكر الجنوبي الذي ينقذ الحوار من مقاطعة معظم تيارات الحراك الجنوبي، يبدو أنه قد تحول إلى ورقة خاسرة، بعدما قرر منذ اسابيع مقاطعة الحوار بحجة عدم جدية ومطالبته نقل الحوار الى الخارج، تحت اشراف دولي وعلى ان يكون ندياً بين الشمال والجنوب، على اساس تقرير مصير الجنوب واستعادة دولته.

هكذا تجني الحكومة ورئاسة مؤتمر الحوار ما صنعته ايديها، بعدما نجحت سياساتها الخاطئة في اعادة توحيد مختلف قيادات الحراك الجنوبي حول سقف مرتفع لشروط التفاوض حول القضية الجنوبية، وجعلت من الاعتذار في نظر مؤيدي الحراك مجرد ذر للرماد في العيون يستحق الرفض.

أخبار ذات صله