fbpx
نضال ..ونضال معاكس

منذ سبع من السنين واكثر بحت حناجر البسطاء من المناضلين الصادقين  المرابطين في الميادين والساحات ، والرابطين على بطونهم الخاوية ، جوعا وعوزا وفقرا ،وهي تنادي بوحدة صف القيادة ، وتحذر من التمادي في الانقسامات و العبث والمساومة ، بالقضايا المصيرية ، لكن هذه القيادات صمت آذانها ولم يزدها هذا النداء الا فرقة ونفورا وكأنها انما في مسابقة لممارسة العناد.

 

انه لمؤسف  وموجع انه و بعد كل هذه التضحيات والعذابات، وبعد كل الدماء التي سالت ، والارواح الطاهرة التي ازهقت مازال هناك من يسعى باتجاه ، العبث بمشاعر الناس ، واستثمار تضحياتهم ، واتخاذهم سلما لبلوغ غايات ومرامي انانية ، ذاتية ، ضيقة.

ومؤسف ومخيب للآمال ان خبرات نحو خمسين عاما من العمل السياسي لدى عديد من رجال السياسة الجنوبيين لم تسعفهم للحظة ان يدركوا ان ليس لديهم متسع من الوقت لممارسة المراهقة السياسية، لان الوقت قد أزف ، وأنهم في لحظة فارقة من اعمارهم ،اما ان يخلدهم مجتمعهم ووطنهم ، او ان يرمي بهم غير مأسوف عليهم في المكان اللائق بالمتساقطين، في دروب الثورات، واللاهثين وراء الثروات.

ومما يثير العجب والاستغراب ألا يكون هؤلاء الناس/ القادة  قد ادركوا ان شعبا عظيما لن يظل ابدا مطية لأهوائهم ورغباتهم في ان يذهبوا به  حيث شاءوا ،وانه لم يعد بإمكانهم ان يمضوا به في دروبهم ومسالكهم الوعرة التي لا تؤدي الا الى غاية واحدة هي مصالحهم التي لا نظنها ابدا  تتماشى مع مصالح البسطاء والفقراء والثوار الحقيقيين.

بحت الأصوات وبلغت الارواح الحلقوم، وما يبعث على الأسى، ان كل نداءات المجتمع لم تجد لها آذانا صاغية لدى ذوي الشأن ،الذين استمرأوا ،سماع نداءات الاستجداء لهم بان يكون صدى صوت شعبهم والمعبر عن مطالبه ،فوجدناهم يمارسون عبثهم ،ومناوراتهم ،وتقلباتهم ،واستعراض مهاراتهم في تقليد الحرباء والافعى وما شابههما.

فمنذ سبع من السنين رأينا من عديد من القيادات التي ابتلي بها الجنوب، مواقف متبدلة، متلونة، يوم في الوسط ويوم في اقصى اليمين ويوم آخر في اقصى اليسار، تراوغ ، تناور، وحينما تستشعر الحرج تدفع بمن يدافع عنها ويبرر لها تذبذب مواقفها، بأن هذا العبث ليس سوى من شروط العمل السياسي .

في الجانب الآخر من ضفة السياسة الجنوبية وقف قادة صامدون صادقون ، لكنهم أحاطوا انفسهم بأسوار من البطانة التي تسيء لهم وللقضية التي يناضلون في سبيلها ، وعوضا عن ان يجعل هؤلاء القادة تواصلهم مع شعبهم مباشرة جعلوه عبر وسطاء لاهم لهم سوى صناعة امجاد ذاتية لهم وتحقيق مصالح أقل ما يقال عنها انها ليست مصالح أولئك الطيبون  من المناضلين الذين لا يفهمون من النضال الا التضحية والفداء ، وان النضال ابدا لن يكون بوابة الجاه  الزائف والثراء غير الشريف.

خلاصة القول ان ما ينطبق على علاقة الشعب  في الجنوب بمن يسمون انفسهم قادة له حتى اللحظة ليست سوى حالة من خوض  النضال والنضال المعاكس ..نضال يحقق به المخلصون الانتصارات على الواقع ، ونضال معاكس يحقق به السياسيون وادعياء النضال الانتكاسات المتتالية التي تنذر بانتكاسة الثورة الجنوبية، وذهاب تضحيات مناضليها ادراج الرياح.