fbpx
مكاشفة الروح .. بقلم / حسين صالح غالب السعدي
شارك الخبر
حسين صالح غالب السعدي

أروحنا كم تركنا تغذيتها ، فهي بحاجة الى الغذاء الروحاني المناسب ومن أعظم أغذية الروح النظر الى عمقها والتبحر في ملكوتها وعند إذ نبدأ بالتفاعل معها وتقديم أجمل ما نملك لأجلها ومن أهم الأغذية التي يناسبها هو القرآن الكريم وذكر الله على كل حال ، وهنا مكمن السر فنسأل أنفسنا أي ( أرواحنا ) هل تتقبل كلام ربنا ؟ وتأنس بذكر الله وذكر رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فإن تقبلت وانتعشت عند ذكره وأطربت لسماعه فإنها روح صحيحة ومعافاة ، وإلا فإن فيها علل وأمراض وبالتالي نشخص المرض بالاستعانة أولا بمن يملك العلاج وهو الله سبحانه وتعالى ثم أوليائه وأصفيائه ، ثم نختلي بأنفسنا في ظلم الليالي والخلوات فنكاشفها بصدق وأمانة ونمرر شريط الذكريات السابقة ، ونقدم لها السؤال تلو السؤال ـ

يا نفس توبي فان الموت قد حانا واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا

أبعد خمسين قد قضيتها لعباً قد آن أن تقتصري قد آن قد آنا

مضى الزمان وولى العمر في لعب يكفيك ما قد مضى قد كانا ما كانا

فنطرح منها الأدواء وأكبر الداء هو : داء الشرك والرياء وحب الظهور والتنطع فنسألها :

أنتي يا نفس تعملين لمن ؟

يا نفس تتجملين لمن ؟

ويا نفس تتزينين لمن ؟

إن كان كل ذلك خالص لله ، إذا لماذا لم تقبلين غذائه المناسب وهو القرآن والذكر ؟

فنلزمها بالجرعات منه ولو لم تقبل في البداية لكن نروضها عليه ونحببها فيه حتى لا تكل ولا تمل .

ثم نكاشفها عن ما بها من  الغش والكبر والحقد والضغينة فنطهرها منه ونمرنها على الإلتزام بالطهر والنقاء والحب في الله والتغاضي عن الإساءات … الخ

ثم نستمر في مكاشفتها ومتابعة التغذية الروحانية لها يوميا ولا يتم ذلك إلا بالإنفراد والخلوة والنظر الى السماء والتأمل في مخلوقات الله ومناجاة الله سبحانه والتفكر في النفس ، والى أين سيحول مصيرها ؟ والتفكر بالذين رحلوا من عتاة المتنفذين والمجرمين وكيف أصبحوا الى زوال ؟؟

وكذلك الذين رحلوا من السلف وأولياء الله الصالحين ومآلهم ؟؟؟

رحم الله الشاعرة ( رابعة العدوية ) كانت تخلوا مع نفسها فتتجلى لها من أشعارها ما يفجر ينابيع الحكمة وهي تنادي مولاها قائلة :

عرفت الهوى مذ عرفت هواك وأغلقت قلبي عمن سواك
وكنت أناجيك يا من ترى خفايا القلوب ولسنا نراك
أحبك حبيـن حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك
فأما الذي هـو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له فكشفك للحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاك
أحبك حبين.. حب الهوى وحبا لأنك أهـل لذاك
واشتاق شوقين.. شوق النوى وشوق لقرب الخلي من حماك
فأما الذي هو شوق النوى فمسـرى الدموع لطول نواك
أما اشتياق لقرب الحمى فنار حياة خبت في ضياك
ولست على الشجو أشكو الهوى رضيت بما شئت لي في هداكا .

نسأل الله سبحانه أن ينقي أرواحنا من كل سوء وأن يطهرها من كل العيوب لتصلح بعد ذلك أعمالنا

ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، والحمد لله رب العالمين

أخبار ذات صله