عام 2024: تحولات كبرى في المنطقة وجمود مأساوي في اليمن
د. ياسر اليافعي
شهد عام 2024 تحولات جذرية في بعض دول المنطقة، بينما بقيت دول أخرى عالقة في أزماتها المزمنة. في لبنان، كان مقتل حسن نصر الله لحظة مفصلية أدت إلى إضعاف حزب الله وتراجع نفوذه السياسي والعسكري. أما سوريا، فقد شهدت سقوط نظام بشار الأسد بعد عقود من الاستبداد، ليبرز أبو محمد الجولاني كالحاكم الفعلي للبلاد، مما أضاف تعقيدات جديدة على المستويين الإقليمي والمحلي. ومع ذلك، تجدد الأمل لدى السوريين بأن يكون هذا التغيير بداية لنهاية سنوات طويلة من المعاناة، رغم صعوبة المرحلة وتعقيداتها.
في الوقت الذي تحدثت فيه دول أخرى عن افتتاح مشاريع عملاقة، وإطلاق رؤى واستراتيجيات طموحة للمستقبل، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية تعزز التنمية وتنعكس إيجابًا على حياة مواطنيها، بقي اليمن غارقًا في أزماته.
الصورة في اليمن كانت مختلفة تمامًا. لم يشهد العام أي تغيير فعلي في الوضع السياسي أو العسكري أو الاقتصادي، بل ازدادت الأمور سوءًا. استمرت أرصدة المسؤولين الفاسدين في التضخم، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية والمعيشية، مع تصاعد الخطاب العدائي والظهور المتكرر للمتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، الذي عمّق مأساة البلد وضاعف من حجم الدمار والتخلف.
ظلت اليمن رهينة للصراعات الإقليمية والدولية، بينما استمرت معاناة المواطن في الشمال والجنوب على حد سواء. وكأن هناك اتفاقًا غير معلن على إبقاء اليمن في دائرة الصراعات دون أي حلول تلوح في الأفق.
عام 2024 كان شاهدًا على واقع مرير؛ في حين خطت دول أخرى خطوات نحو التغيير، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، بقيت اليمن محاصرة في دوامة الحوثي والفساد والصراعات التي تحرم شعبها من أبسط مقومات الحياة، في ظل غياب أي رؤية أو إرادة حقيقية للتغيير.
فهل سيظل هذا الجمود في العام 2025؟ ام سنشهد موقفًا إقليميًا ودوليًا جادًا لإنهاء الأزمة في اليمن؟ من خلال ممارسة الضغط على الشرعية لإجراء إصلاحات جوهرية تستبعد المسؤولين الفاسدين والمتآمرين مع الحوثي، الذين لا يعنيهم تحرير صنعاء أو رفع المعاناة عن الجنوب.
والأهم من ذلك، هل سيكثف المجلس الانتقالي الجنوبي حضوره على الأرض من خلال المساهمة في تخفيف المعاناة الاقتصادية والمعيشية عن المواطن الجنوبي؟ وهل سيتمكن من إنهاء التدخلات السلبية التي تهدف إلى تقسيم المجتمع الجنوبي وتعميق مشكلاته؟
ننتظر ونرى.