مقالات للكاتب
كتب – د.محمود السالمي.
قبل أن تتخذ الجبهة القومية التي تشكلت في أغسطس 1963م في صنعاء، والتي أقرت خيار الكفاح المسلح لتحرير الجنوب، قرارها بتحديد المكان والزمان لبدء ثورتها المسلحة على البريطانيين وحكام اتحاد الجنوب العربي، تدخلت الصدفة ليصبح يوم 14أكتوبر 1963م أول أيام تلك الثورة.
ففي يوم الأحد 13 أكتوبر قام محمود حسن القطيبي النائب في المجلس الاتحادي بزيارةٍ إلى وادي (المسراح) في ردفان فتعرض مع حراسته لإطلاق نار من أفراد قبائل آل قطيب العائدين من الشمال والتابعين للشيخ راجح غالب لبوزة الذي كان أحد أعضاء الجبهة القومية. وفي اليوم التالي عاد النائب ومعه فرقة من الجيش الاتحادي، فدخلوا في مواجهة مسلحة مع عدد من رجال القبائل، قدر بيان حكومة الاتحاد عددهم بـ 28 رجلاً، فانتهت المواجهة بقتل الشيخ راجح غالب لبوزة ورجل آخر من أتباعه، ولاذ الآخرون بالفرار.
لم يكن يتوقع أحد أن تذهب الأحداث التي شهدتها ردفان في يوم الاثنين 14 أكتوبر 1963م إلى ما ذهبت إليه، لا بين أوساط البريطانيين ولا حكام الاتحاد، ولا حتى بين أوساط قيادة الجبهة القومية، التي لم تعر ذلك الحادث أهمية في بداية الأمر. فلم تصدر الجبهة القومية بياناً رسمياً حول الحادث إلاّ بعد مرور أكثر من عشرة يوم، ثم أن ذلك البيان الذي أصدرته والذي أذاعته إذاعة صنعاء في 26/10/1963م، كان في الأساس رداً على بيان حكومة الاتحاد الذي اتهمت فيه لبوزة بأنه رجعي ومفسد وزعيم عصابة. ولم يكن إعلاناً ببدء الثورة، على الرغم من أن الجبهة توعدت في ذلك البيان بمواصلة الكفاح لتحرير الجنوب اليمني المحتل.
والمهم في الأمر هو أن الجبهة شرعت بعد ذلك بتقديم المساعدات والدعم المادي والبشري لقبائل ردفان، واعتبرت يوم 14 أكتوبر أول أيام الثورة، وتأكدت سيطرة الجبهة القومية على المقاتلين في ردفان عندما أرسلت أحد مؤسسيها وهو الشيخ عبد الله المجعلي، الذي كان نازحا في الشمال بعد أن قاد انتفاضة قبلية سابقة في دثينة، والذي لا ينتمي إلى قبائل ردفان، لقيادة المعارك خلفاً للشيخ لبوزة.