عندما تجتمع الفكرة الملهمة والإرادة المصممة

د. قاسم المحبشي

جاءتني الدعوة من مدينة كوانجو التجارية الرابضة على نهر الؤلؤة الشهير ، من أحد الاصدقاء الأعزاء ، وكأنها نجدة من السماء! انها الصين التي حلمت بها وأحببتها وعشقتها منذ زمن وكانت تتراى لي حلما بعيد المال ، تفتح لي ذراعيها وتدعوني لزيارتها.

 

لم أفكر بأمر الزيارة ولم أتردد لحظة واحدة في ضرورة اغتنامها رغم ما كنت أعيشه في صنعاء من ظروف معيشة قاسية ، إذ أسرعت الى تقديم استقالتي من مهمة كبير مهندسي صيانة طيران النقل اليوشن76 وطلبت التقاعد برتبة مقدم وراتب ضئيل جدا! لملمت حقيبة سفري على عجل من أمري وأنا أطير من الفرح ، فرحلت وعائلتي من صنعاء الى عدن ، ومنها ركبت الى الشرق الأنى ، بلاد السور والتنين ، وما أن وصلت مدينة الصناعة والتجارة العالمية كوانجو حتى بحث عن الطريق الى بكين قلب الصين النابض ورمز سيادتها وعاصمتها ، في أكبر مدينة مكتظة بالآثار والسكان استقر بي المقام في مدينة تيانجن المجاورية للبكين , طلبا للعلم والمعرفة كما أوصنا رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بحديثه الشريف ( اطلبوا العلم ولو بالصين) إذ التحقت بمعهد لدراسة اللغة الصينية العسيرة لمدة فصل دراسي.

طبعا استندت تكاليف السفر والدراسة دينا. بعدها عدت الى كوانجو ، بحصيلة بسيطة من اللغة الصينية المعقدة مكنتني من القدرة على فهم بعض الرموز والمعاني في المحادثات اليومية مع الاصدقاء الصينيين ، وبدأت أمارس عملي في المكاتب التجارية العربية كوسيط بين التجار العرب والصينيين.كما كان لي الشرف في تأسيس العديد من المنتديات والملتقيات الاقتصادية والاجتماعية ومنها؛ منتدى رجال الاعمال. على مدى عقد ونيف من الزمن في الإقامة والعمل بكوانجو استطعت أن أكون صورة عامة عن الصين وشعبها العظيم ، وهناك على ضفاف نهر الؤلؤ أسسنا أول مدرسة عربية أهلية تكافلية مع نخبة من الأخوة الأعزاء المبادرين من ابناء الجالية العربية المقيمي في المدينة وبدعم وتأييد رئيس مجلس الجاليات العربية في الصين الصديق العزيز أحمد حسين اليافعي ؛ أسسنا مدرسة لتمكين أطفال المهاجرين من الحصول على فرصتهم من التعليم المنهجي النظامي الرسمي ، تحت شعار( المدرسة في الغربة وطن) مدرستنا أسميناها ( مدرسة الصداقة العربية الصينية) بالاستفادة من المشروع الاستراتيجي العظيم الذي أطلقته الدولة الصينية ؛ مشروع (الحزام والطريق) وهو اعادة احياء وتفعيل ما كان يعرف قديما بطريق الحرير ولكن بصيغة حديثة ومعاصرة بما تتيحه منجزات التنمية العلمية التقنية الصينية من مقومات بالغة القوة والجودة والفعالية” وفي الرابط بأول تعليق الحكاية منذ البداية