مقالات للكاتب
الدكتور قاسم المحبشي
صدمت البارحة وأنا أستمع إلى مناشدة العميد محمد أحمد القهبي ابو نايف للسلطات الحاكمة في عدن واجهزة امنها والمنظمات المدنية المعنية بحقوق الإنسان في اليمن والعالم وغيرهم ممن ذكرهم في مناشدته للكشف عن مصير فلذة كبدة أبنه البكر نايف محمد القهبي الذي اختطف قسرا بتاريخ 15 نوفمبر 2016م في مدينة المعلا عدن. لا أخفيكم بانني لأول مرة في حياتي احسست بطعم القهر الممزوج بلا اختناق والغثيان. لم انم من حينها والله. بكيت بحرقة وأنا احاول أن اتعرف على ملامح جاري العزيز في حي السعادة بخورمكسر فضلا عن كونه وأخوه العميد حسين محمد القهبي اصدقائي. اعرفهما حق المعرف منذ ثلاثة عقود من الزمن. العميد محمد أحمد القهبي مدير مكتب وزير الدفاع أسبق الذي كان لا يتكلم إلا واقفا، ممشوق القامة مثل السيف لم أراه قط إلا وهو واقفا على قدميه رافعا رسه بثقة واعتزاز حتى في احلك الظروف. آخر مرة التقيته مع ولده نايف في مخيم الشهيد أحمد الدرويش الذي أغتيل تحت تعذيب الأمن المركزي عام 2013م لم يكن قط يتخلف عن إي فعالية نضالية منذ بداية ثورة الحراك السلمي الجنوبي. كان شديد التفاؤل بانتصار القضية الجنوبية ورد مظالم الناس في الجنوب وعودة دولة النظام والقانون. كان وأخواته العمداء واولاده في مقدمة الصفوف بمعظم الفعاليات النضالية. لم اراه قط إلا مبتسما يتحدث بثقة وبشارة عن المستقبل وعودة الدولة العادلة. رجل شديد الانضباط في مواعيده صارما في تطبيق النظام والقانون إذ كان يتربع على قمة هرم رمز السيادة الوطنية( وزارة الدفاع ) مدير مكتب وزير الدفاع إذا قال للدنيا دوري دارت! كان شديد الاعتزاز بذاته حتى بعد حرب اجتياح عدن في صيف 1994م وهزيمة الجيش الجنوب الذي كان يدر مكتب وزره الأول حتى بعد تلك الهزيمة القاسية كان شديد الاعتزاز بنفسه إذ حرص على تدبير حياة عائلته الكريمة بكل السبل ولا أنسى قط تلك الفرحة في عينيه وهو يحدثني عن تخرج ابنته من كلية الطب بتفوق. واخبرني أنه اضطر إلى بيع منزله في حي السعادة بخور مكسر لغرض اعادة أسرته وتعليم أولاده إذ اشترى بيتا متواضعا في الشيخ عثمان بدلا عن الفلة الواسعة التي كان يسكنها. كان يفتخر بولده نايف ويرى فيه نور العيون وكنت دائما ما أجدهما مع بعض في كل فعاليات النضال السلمي. نايف كان ذكيا وقياديا من انبل شباب المقاومة الجنوبية في عدن. قاتل ببسالة ضد المليشيات الحوثية العفاشية التي اجتاحتها عام 2015م ورفاق سلاحه يعرفونه أكثر . احس بغصة تخنقني من البارحة وانا اشاهد واسمع العميد محمد أحمد القهبي وهو يناشد العالم كله من أجل معرفة مصير أبنه الحبيب الذي صار له ثمانية سنوات مخفيا واين ؟ في عدن ؛ المدينة التي دفع الغالي والرخيص من أجل تحريرها! لم استطع التعرف على صاحبي
الذي كان يهز الدنيا حينما يتكلم ويقول للقاع قرّ!
يا الله ما أقسى قهر الرجال .. لأول مرة في حياتي أفهم المعنى ( قهر الرجال) نعم هو القهر الذي جعل العميد محمد أحمد القهبي يظهر بهذه الصورة بعد ثمانية سنوات طويلة جدا من البحث والانتظار لفلذة كبده نايف القهبي. كما لاحظتموه في الصورة بدى منهك الجسد، محطما.. شاحب الوجه مختنق الصوت. لم يقوى على الوقوف على قديمه ولم يستطيع النظر إلى الكيميرا بعينيه لكي يداري الاحساس بالقهر والظلم من ذوي القربى: وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةًعَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِفَذَرني وَخُلقي إِنَّني لَكَ شاكِرٌوَلَو حَلَّ بَيتي نائِياً عِندَ ضَرغَدِ. هو هذا الموقف الذي يفسر مقام ومقال العميد المحترم بعد ثمان سنوات من القهر والظلام والبحث والانتظار. يالله ما أطول تلك المدة التي ينتظر فيه الأب المكلوم سماع خبر عن ابنه المختطف. الساعة الوحدة بدهر موجع من الزمن ما ما تأتي به الاخبار المرعبة من قاعة وضاح للتعذيب الرهيب الذي يقال أن الكثير من المختطفين قسرا قضوا نحبهم فيها، ثمة رمزية شديدة التعبير بين اسم وضاح وضياع الأروح فهل :
ماتت بصندوق وضاح بلا ثمن
ولم يمت في حشاها الحلم والأمل؟
مع خالص الاعتذار والتقدير لشاعر اليمن الحكيم
عبدالله البردوني لروحه السلام والطمأنينة.
كامل تضامني مع الصديق العزيز العميد محمد أحمد القهبي والعميد حسين أحمد القهبي الذي تابع قضية ابن اخوه من اليوم الأول لاختطافه وبفضل علمنا بقضية اختطاف الشاب البطل نايف. والوزير الحالم، علي هيثم الغريب خال نايف المخفي ومع المختطف قسريا البطل نايف أبو محمد وكل العائلة الكريمة وضم صوتي اليهم في إطلاق سراحه فورا ومحاسبة كل المتهمين في اختطافه بحسب القانون وتعويضه وتعويض عائلته عن كل ما جرى له ولهم منذ اختطافه حتى إطلاق سراحه.
ملاحظة
لم استطع نشر فيديو مناشدة العميد محمد أحمد القهبي ابو نايف في صفحتي لعدم قدرتي
على تحمل رؤيته محطما بهذه الصورة التي بدي بها وهو يناشد العالم في إنصافه ويشكر المقدم المختطف علي عشال المعدني الذي كان اختطافه من تلك القوى العابثة ذاتها هو من فضح امرها. وهكذا صار المطلب الآن