مقالات للكاتب
بقلم علي عبدالله البجيري
استباقا للقمة العربية الثالثة والثلاثون، المقرر انعقادها اليوم الخميس 16 مايو، طالعتنا صحيفة الشرق الأوسط بمشروع البيان الختامي وما يتضمنه من تصور لمعالجة قضايا الوضع العربي الراهن، وعلى وجه الخصوص الرؤبة العربية للحد من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. حيث بين المشروع عزم القمة على دعوة المجتمع الدولي الى «نشر قوات حماية أممية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين»
إذن هذا هو التوجه الجديد للقمة العربية، وهو دعوة المجتمع الدولي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والتأكيد على تمسكه بالحل الداعي الى إقامة الدولتين. هذا التوجه العربي يدعونا الى ان نتذكر بيان قمة بيروت ومشروع السلام العربي. ليتاكد لنا ان عدد من الدول قد خرجت عن هذا الاجماع، وأقامت علاقات تطبيع مع إسرائيل دون اي اعتبار لذلك المشروع العربي، المسنود على مبدا ” الأرض مقابل السلام”. وهنا قد يقول قائل ان ما حدث من خروج عن المشروع العربي للسلام حق سيادي لكل دولة. فهل سيلتزم العرب ولو بعد حين ببيان قمة البحرين، المتضمن الرؤية العربية الجديدة، «نشر قوات حماية أممية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين»..
من جانب أخر، فان القمة الحالية مطلوب منها اليوم ان تنظر أيضا في العديد من القضايا التي تشغل بعض الدول والشعوب العربية، تلك الدول والشعوب التي تعول على القمة في المساعدة على حل قضاياها وتدعو القمة الى ان يرتقي الى مستوى الأحداث التي تعيشها تلك البلدان.
لن اطيل في الحديث واكتفي بأن اقدم للقارئ الكريم اهم ما أشار اليه وزير الخارجية المصري والأمين العام للجامعة العربية الأسبق الأستاذ عمرو موسى في رسالته إلى قمة البحرين بان حدد سبعة محاور، مبنية على التوجس ودق جرس الانذار في “ان نكون نحن العرب او لا نكون”.
يشير معالي عمرو موسى بالتالي:
أولاً: أتوقع أن تنعقد القمة هذا العام ليس لعدد قليل من الساعات، ليتسابق الحضور في العودة إلى عواصمهم، وقد أدّوا الواجب إذ حضروا، دون أن يتيحوا الوقت الكافي لاستثماره في صياغة مواقف تتعامل مع المشكلات المطروحة، بما يتطلبه التحدي من مواقف وإجراءات يصوغها العقل العربي الجمعي في مواجهة وضع سلبي لم يحدث مثله من قبل، على الأقل بهذا الشكل الذي يعد إهانة سياسية واستخفافاً استراتيجياً بالعرب في مجموعهم.
ثانياً: لم يحدث من قبل أن سمح النظام الدولي لدولة صغيرة مثل إسرائيل بأن تمثِّل استثناءً إزاء القانون الدولي وإزاء قيم حقوق الإنسان، بل اخترع لها حق دفاع شرعي خاصاً بها لا ينطبق على دولة غيرها… حق دفاع شرعي ضد السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، الذين ينص القانون الدولي على حمايتهم في أوقات الحروب.
ثالثاً: إنَّ الأمر لا يتعلق فقط بمخاطبة الدول العظمى والأخرى على المستويين الدولي والإقليمي، بل الأهم مخاطبة الرأي العام العربي والأجيال الصاعدة فيه بما يقنعهم، وهم الذين بدأ اليأس يأكل قلوبهم، من المستوى المتدني الناجم عن شعورهم بالإهانة الموجهة إليهم بصفتهم بشراً ومواطنين في دول عربية ينتظرون من قادتهم الحاليين أن يقيلوهم من العثرة التاريخية المعاصرة، وأن يحموا هويتهم.
رابعاً: نعم هناك خلافات يصل بعضها إلى ما يمكن وصفه بالخلافات الجذرية، ولكن هناك أكثر من طريقة للتعامل مع هذا الوضع، ليس من بينها بالضرورة الصراخ أو العراك، وإنما طرحٌ رصين يليق بمستوى القمة وشرحٌ أمين لأسباب اتخاذ ذلك القرار أو إقرار تلك السياسة، وكيف يمكن التوفيق بين قرار ما وبين المصلحة السياسية العربية المشتركة.
خامساً: إنَّ قرارات عربية عاقلة وحاسمة فيما يتعلق بضرورة إنهاء الموقف المضطرب في ليبيا، وفق خطوات تُحْسن القمةُ صياغتَها، وضرورة مساعدة تونس في الحفاظ على استقرارها، ورفض أن يتولى «المرتزقة» رئاسة السودان تحت أي ظرف من الظروف، مع موقف موازٍ حازم برفض العودة إلى حكم أقلية تدّعي نصرة الدين، مع تشكيل لجنة قمة لمساعدة السودان على العودة إلى وضع طبيعي مستقر، هو ما ينتظرها أي مواطن راشد من القمة القادمة. ومثل هذا يمكن المطالبة به في صدد لبنان وسوريا والصومال وربما غيرها.
سادساً: الوضع الإقليمي، وما يجب أن يكون عليه موقف العرب من السياسة الإيرانية والمقاربات التركية، والوضع في البحر الأحمر وفي المياه العربية على اتساعها، وما بها من ثروات، سواء كانت في الخليج العربي أو المحيط الهندي أو البحر الأبيض، يستدعي نظرة من القمة.
سابعاً: إنَّ اتخاذ قرارات قوية وواضحة حيال ما يحدث في غزة يظل أمراً مُلحاً على قائمة الانتظار من جانب الرأي العام العربي، وصدور قرار رصين للقمة العربية يوضح الموقف العربي –على الأقل للتاريخ– يمكن أن يضع الأمور في وضعها الصحيح، ويسهم في خلق جو إيجابي في عموم العالم العربي.
كل هذا وغيره يحتّم أن يجتمع له العرب على أعلى مستوياتهم، مثلما يحدث في المنامة اليوم، وأن يأخذوا في ذلك وقتهم.
وفي الختام يقول عمر موسى موجها كلامة للقادة العرب
امكثوا في المنامة يوماً وبعض يوم، وليس ساعة أو بعض ساعة.
الأمر جَلَل، واللحظة حاسمة… والله يساعد مَن يساعدون أنفسهم، وهو الموفِّق والمستعان.