لا سلام دون إعادة بناء توازن القوة

 

كتب – خالد سلمان.

‏جميع مشاريع السلام قامت على أحد إثنين أما سلام القوة المتساوية أو الضعف الكامن بين الأطراف المتحاربة، لا يمكن أن تنتج الغلبة والاستقواء  بها سلاماً متوازناً قابلاً للحياة.

في اليمن تجري العملية بإتجاه واحد ، إضعاف مكونات القوى المناهضة للحوثي ، من قبل من يفترض بهم الداعمين الإقليميين ، وغض الطرف عن تدفق السلاح وكل أسباب  القوة للحوثي ،بما يحفز عدوانيته أكثر ويعزز لديه الوهم بحقه الإلهي في حكم كل اليمن ، بعقلية سلالية عنصرية لاتنتمي للحق والعدل وثقافة المواطنة بصلة.

الحقيقة إن إختلال موازين القوى بفعل العجز  المبيت  عن خلق قوة عسكرية موازية ، أو اليأس من إمكانية إنجاز ذلك لأسباب خلل بنيوي في مؤسسة الجيش الرسمي وتداخلها مع السياسة على حساب مهمتها السيادية  ، هذا الإختلال  في ميزان القوى ،يعطل فرص الحل ويضع طرفان على طاولة بشروط غير متساوية غير عادلة ، حيث لايمكن تعزيز السلام مع جماعة تسكنها ثقافة الحرب ، ولا تؤمن  بالتسامح والعيش المشترك ، من يملك القوة بشقيها المسلح والتفاوضي ، لن يتنازل لطرف الضعف بما يراه حقاً منتزعاً، وخارطة وطن مستحق له رسمه بحدود الدم.

السلام حتى الآن هو تكريس الحوثي كسلطة امر واقع ، تكريس  يجب عدم التسليم به ، والعمل على تغييره بكل الأدوات والآليات الممكنة: بدعم الحلفاء لمناهضي  فكر السلاله العصبوي  ؛ بصياغة قاعدة متماسكة  جاذبة للشرعية والتكوينات  العسكرية ،  تقوم على مقاربة مختلفة عن ماضي الصراعات البينية ، تصحيح  بنيان المؤسسة العسكرية ، بهيئة أركان وخطة حرب موحدة أو متفق عليها ، الخروج من اللغة المخاتلة لبعض جماعات الإسلام السياسي ، والإقرار بصيغة العمل المشترك ، وتسمية الحوثي بخطر تسقط معه كل التفاصيل الصغيرة ، ويغدو للجميع خيار مواجهته قضية حياة مشتركة لكل المشاريع أو موت مشترك.

هذا الراهن المختل لن يصنع سلاماً ، بل يؤسس لتمكين أبشع قوة ظلامية حكم اليمن ،وإستيلاد حروبها المتصلة نحو الداخل والإقليم ،العالم والجوار.

لاسلام متوازن من غير إعادة صياغة معادلة ميزان  القوة، وإعادة الحوثي إلى وضع المليشيا الأقل تفوقاً عن سائر أطراف الصراع، فالمعركة داخلية تعني اليمن ، وهي في الوقت ذاته مواجهة لتغول نفوذ طهران وتسللها إلى قلب المنطقة ، وإبتزاز العالم بالإقرار بجغرافية نفوذها ، وبالتالي  الدخول كطرف تقاسم ومحاصصة من نقطة زعزعة أمن الجميع ، لا بمعيارية المصالح المتبادلة ، المعركة مع الحوثي هي معركة العالم المتمدن ضد إرهاب جماعات الظلام  والتطرف والتوحش.

مايهدد اليمن يرمي بظلاله على الجوار والعالم ، وعلى الرياض بدرجة أخص ،ما يوجب  مراجعة الرهان على الحوثي كطرف إستقرار لأمنها ، الحوثي تراجيع صدى لسياسة  إيران ومخلبها في المنطقة ليس أكثر.

 من غير دعم الأطراف المناهضة للحوثي بتلاوين طيفهم السياسي المتعدد ، فإن حاصل الحديث عن السلام بوضعه الراهن المختل ،يساوي تأبيد سلطة السلالة وتفخيخ أمن كل المنطقة.

من غير إعادة بناء توازن القوة لاسلام.