نحن والوعي الزائف

 

كتب – محمود السالمي.
منذ أن تحرر الوطن العربي من الأستعمار وهو من هزيمة بهزمة ومن فشل بفشل، ليس بسبب ان خريطته السياسية والانظمة التي تحكمه صنيعة الاستعمار فحسب بل ولان القوى والأحزاب السياسية التي ظهرت فيه منذ مرحلة الاستقلال وحتى اليوم، أحزاب خطب ومنابر، وشعارات معلقة في السماء، وليس أحزاب مشاريع سياسية واقفة على الأرض.
قوى قومية قالت إنها ستوحد الوطن العربي كله، وأحزاب أشتراكية قالت إنها ستوحد العرب مع الأمم كلها، وقوى دينية قالت إنها ستوحد العرب مع المسلمين، وستقيم دولة الخلافة، والنتيجة ان كل تلك الاحزاب والتيارات مزقت العرب، وما قدرت تتوحد او تسد حتى مع نفسها.
دول وشعوب العالم الناجحة تعترف باخطائها وفشلها، ونحن في الوطن العربي لا نعترف ان لنا اخطاء أبدا، لا انظمة ولا أحزاب ولا حتى أفراد، وبدلا من مواجهة مشاكلها ومعالجة أسبابها، عملت انظمتنا واحزابنا على صنع وعيا شعبيا زائفا ينكر وجود الفشل والهزائم والأخطاء في حياتنا.
هزيمة 48 سميناها نكبة، وهزيمة 67 سميناها نكسة، وحرب 73 التي فشلت في استعادت الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 67 سميناها نصرا حاسما.
لايوجد في قواميسنا شيء اسمه هزيمة أو فشل، كل هزائمنا انتصارات، وكل اخفاقاتنا نجاحات، وكل مشاكلنا وازماتنا وصراعاتنا سببها دسائس غيرنا.
الشعوب التي تقف اليوم في مقدمة العالم بدأت خطواتها الأولى بتصحيح وعيها، ونقد ماضيها، والتعلم من عثراتها وسلبياتها، والأهم من ذلك وضع مشاريع سياسية تناسب واقعها وامكاناتها.
نحتاج إلى ثورة ثقافية تحرر وعينا من الوهم والخرافة والخوف الذي نعيشه، وبعدها سنتصر على انفسنا، وعلى غيرنا.