اغتيال حميدي.. لُغز الجناة والعدالة الحائرة
لم يستجد أي تطور في قضية اغتيال الرئيس الميداني لبرنامج الغذائي العالمي في مدينة تعز مؤيد حميدي طوال الأسابيع الماضية. مر أكثر قرابة شهرين على ارتكاب الجريمة، ونقف على اعتاب نهاية الشهر الثالث، دون أن تتضح معلومة كاملة عن الحادثة التي هزت البلاد، أو على الأقل نتائج التحقيقات الأولية.
لا يجب التقليل من هذه الجريمة، ولا التساهل معها، إنما الوقوف أمامها وصولًا إلى إنفاذ القانون. وتلك مهمة الأجهزة الأمنية في محافظة تعز. حتى اللحظة، أعلنت القبض على المتهمين، رغم تعدد روايتها بشأن الجناة، لكن أخر تصريحٍ لمدير أمن المحافظة ذكر متهم بعينه بوصفه قائد الخلية إلى جانب مجموعة كبيرة من العناصر، بعكس الرواية الأولى التي نُشرت في أعقاب ارتكاب الجريمة، ما يعنى ضمنياً، أن ثمة تقدم نوعاً ما في سير الاجراءات الامنية.
ولا أحد يقلل هنا، من دور الأجهزة الأمنية، لكن دورها لا يمكن اعتباره عند المستوى الذي ينبغي أن يكون عليه سيما في قضية تهم مصلحة المدينة أولًا، وثانيًا، قضية هزت المجتمع الدولي بكاملة، وتقدم صورة سيئة عن محافظة وصفت بعاصمة الثقافة ومدنيتها، في اغتيال مسؤول أممي جاء لإغاثة البؤساء والفقراء الذين أرهقتهم الحرب والمعاناة منذ أكثر من 9 سنوات.
ثالثًا: تكرار مثل هذه الجريمة، بعد أن استهدفت الأولى الموظف في اللجنة الدولية للصيب الأحمر ’’حنا لحود‘‘ في منطقة الضباب وهو في طريقه إلى مدينة تعز عام 2018، وطويت صفحة القضية دون أن تجد الإنصاف، أو حتى هوية الجناة.
ثمة أسئلة كثيرة بحاجة إلى الإجابة في هذه القضية، من هم الجناة؟ إلى اين وصلت جهود السلطات الأمنية في هذا الجانب؟ وما هي دوافعهم لارتكاب جريمة في تصفية موظف أعزل؟ الواضح أننا أمام محاولات لإنهاء مكانة هذه المدينة، والقضاء على الامن والاستقرار النسبي الذي عاشته، وبالتالي، يقع هنا على عاتق السلطات الأمنية إعادة الاعتبار للمدينة.
ولا ينف أحد أن الجاني في الجريمة يسعى بكل جهد لكبح جماح جهود السلطات الأمنية، ومن أجل ذلك، ذهب إلى اغتيال الضابط عدنان المحيا عضو لجنة التحقيق في جريمة اغتيال المسؤول الأممي مؤيد حميدي.
والحقيقة أنه أي الجاني كان قادراً على الوصول إلى أسماء اللجنة ما يعني أن الجاني مخترقا ايضا للأجهزة الأمنية وقادراً على الوصول لما يجري ويدرك أن الخطر يحوم حوله، وعليه لجأ لإشاعة الرعب على الجميع كمحاولة أخيرة لطي صفحة جريمة لا يمكن أن تطوى.
وأكثر من كل ما سبق، تقتضي مصلحة تعز واليمن سرعة استكمال الاجراءات الأمنية وإنفاذ القانون وإطلاع الرأي العام الدولي والمحلي بسير الاجراءات، لتطمين المنظمات باستباب الوضع الأمني الذي يجعل المحافظة صالحة لأنشطتها ومقارها وحتى لا تتأثر مصلحة عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة حال ذهبت المنظمات الدولية إلى إيقاف برامج المساعدات في المديريات المحررة بمحافظة تعز على خلفية هذه القضية الشائكة.