fbpx
العلاقات التركية السورية إلى اين؟! .

بقلم/ علي عبدالله البجيري.

هل ستطوي تركيا وسوريا الصفحات الأليمة والموجعة في تاريخ علاقاتهما الثنائية، ويتجها نحو إحترام سيادة كلا منهما وبناء علاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية؟ هذا ما يجب ان تكون عليه العلاقات التركية-السورية، التي لا يمكن لها ان تتحقق الا من خلال ضمان المصالح السورية في استعادة وحدة أراضيها وعودة ملايين من مواطنيها من الشتات التركي، مقابل المصالح التركية المتمثلة في وقف إعتداءات قوى التمرد المسلحة، والتفرغ لحل قضاياها الداخلية ومراجعة سياساتها مع دول الجوار.

وفيما نظرنا الى انشغالات الدولة التركية فان هناك ما يشير الى وجود قناعة تدعو الى تحسين علاقاتها مع دول الجوار وبالذات سوريا والعراق، منطلقة من ان استقرارها الداخلي يتطلب ذلك، لاسيما أن أمامها العديد من الاستحقاقات المتعلقة بالمخاض السياسي، منها ذلك الاستحقاق المتعلق بالعملية الديمقراطية وخوض الشارع التركي للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في شهر يونيو المقبل، وهي انتخابات توصف بالمفصلية بين العثمانيين الجدد والمعارضة التركية التي ترفض النظام الرئاسي وتدعو الى عودة النظام البرلماني كما كان عليه قبل العام 2018م.

والسؤال هنا هل فعلا جاء لقاء موسكو الثلاثي لتحقيق تلك التوجهات التركية السورية؟
ولعلي أتوقف هنا عند بعض مما يقراء خلف السطور المشار إليها اعلاه في النقاط التالية:
اولاً.. لا يختلف اثنان بان الرئيس التركي رجب طيب اردغان حقق نجاحات ونهضة اقتصادية في مرحلة ما قبل تغيير الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي، لكنه مع تراجع الوضع الاقتصادي في المرحلة الحالية ادرك خطورة انعكاس ذلك على حظوظه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. هذا مادفعه الى مراجعة سياساته الخارجية مع دول الجوار ومع الدول ذات التاثير السياسي والمالي.
ثانياً.. بادر الرئيس أردوغان لمد يده مع سوريا والعراق تحسبا لتأمين حدوده وضمان أمن بلاده.
كما عمل على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، مراهنا على التاثير الإسرائيلي لوقف الضغط الأمريكي على اقتصاد بلاده. وعلى نفس المنوال انتهج الرئيس التركي سياسة المهادنة والمراضاة مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، متوخيا إستجلاب دعماً مالياً و إستثمارات تدعم وضعه الاقتصادي.
ثالثاً.. اللقاء الذي جمع وزيري الدفاع السوري علي محمود عباس والتركي خلوصي آكار بحضور وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، إذا صدقت النوايا التركية فمن شأن هذا اللقاء أن يحدث انفراجة كبيرة في العلاقات التركية السورية، ويمهد لمرحلة جديدة تعيد الاستقرار لهذا البلد العربي، الذي عانى شعبه من القتل والدمار والتشرد. لهذا ينظر إلى لقاء موسكو بانه خطوة في الاتجاه الصحيح لاستعادة الأمن والاستقرار وبناء علاقات على أساس المصالح المشتركة.
رابعاً.. أما سوريا التي تتعرض للأعمال الإرهابية والقصف الاسرائيلي والتدخلات التركية والعقوبات الأمريكية، لا تزال ترى أن النوايا التركية
للمصالحة ليست جدية، وان المقترح المعروض لا يتضمن خطة طريق واضحة، وبالتالي ما يحدث” هو مجرد استغلال فكرة المصالحة لتوظيفها في تعزيز فرص أردوغان للفوز في الانتخابات المقبلة”.
خامساً.. الواضح أن قوى دولية واقليمة لم يعجبها هذا التقارب وما تمخض عنه في موسكو، ولهذا رأينا ردود الفعل التي تمثلت في تجدد الأعمال الإرهابية، في إشارة واضحة لعدم الارتياح لأي تقارب لتحقيق السلام. وهنا التقت مصالح القوى المستفيده من الصراع لتكمل بعضها وتنفذ أعمال ارهابية في شرق سوريا، بينما علق مجلس سوريا الديمقراطية ( التركي) في بيان له بالقول” إنه ينظر بعين الشك والريبة لتقارب أنقرة-دمشق”.
ختاما.. لقد استطاعت تركيا التخفيف من أثقال حمل الخلافات مع دول المنطقة، لكن لا تزال العديد من العلاقات مع بعض الدول والمحاور متشابكة بل ومشتعلة.
نأمل ان تكون أنقرة قد استوعبت معنى العداوات واقتنعت بان عالم اليوم يقوم على المصالح، وأن يكون العثمانيون الجدد قد استوعبوا مقولة تشرشل ” لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وإنما توجد مصالح دائمة”