fbpx
أزمة شيرين عبد الوهاب أعادتها الى الواجهة.. تعرفوا على مصحات علاج الإدمان في مصر
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

جريمة أم مرض؟ وفقا للإجابة عن هذا السؤال يتحدد مصير مدمني المخدرات في مصر؛ بين وصمة العار التي تستوجب العقاب، ونظرة الشفقة التي تدفع أهالي المدمنين للبحث عن أفضل علاج حتى لو قسرا.

ومع الخوف من الوصم المجتمعي، بات العلاج من الإدمان قضية تحاط بالسرية، وهو ما أسفر عن العديد من مصحات العلاج الخاصة، التي يستعين بها أهالي المدمنين ليس للعلاج فقط، بل لخطف المريض وإجباره على العلاج أحيانا.

وتقول الحكومة المصرية إنها تشجع على انتشار مراكز العلاج من الإدمان، لكنها تطارد تلك المراكز غير المرخصة التي شهد بعضها وقائع تصل لحد الجرائم القانونية.

وخلال الشهر الماضي، سلطت وقعة إدخال المغنية المصرية شيرين عبد الوهاب مصحة للعلاج من الإدمان الضوء على تلك المصحات عموما، في ظل ملاحقات حكومية مستمرة لمصحات غير مرخصة لعلاج المدمنين، وباتت تشكل ظاهرة خطيرة وفق بيانات حكومية وبرلمانية.

وكشفت أرقام رسمية حديثة عن أن نسبة تعاطي المخدرات في مصر بلغت نحو 5.9%، بينما تبلغ نسبة الإدمان نحو 2.4% من إجمالي عدد السكان الذي تخطى 104 ملايين نسمة.

 

ويبلغ عدد المصحات الحكومية لعلاج الإدمان رسميا 28 مصحة حكومية في 17 محافظة من إجمالي 27 محافظة مصرية، في حين تغيب الإحصاءات الموثقة حول المراكز الخاصة المقننة أو عدد المراكز غير المرخصة التي تم ضبطها في الفترات الأخيرة.

ضوابط المواجهة
في هذا السياق، يرى وكيل وزارة الصحة الأسبق مصطفى جاويش أن مصحات علاج الإدمان هي مستشفيات متخصصة في علاج إدمان المخدرات، يخضع مرضاها من المدمنين لبرامج علاجية طبية ونفسية شاملة، حتى يتمكن من الإقلاع نهائيا عن تعاطي المخدرات، والتعافي الذي يحميه من الانتكاسة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف جاويش أن هناك العديد من المعايير المهمة الواجب توافرها في مصحات علاج الإدمان حتى يتم إصدار التراخيص، ومنها:

ولفت المسؤول الصحي السابق إلى أن الواقع يكشف عن سقوط العديد من المدمنين ضحايا عمليات نصب كبيرة، أو عمليات علاج غير آمن، بسبب اللجوء إلى مراكز مجهولة وفي أماكن نائية؛ لأن كثيرا منها يعمل بلا ترخيص أو كفاءة، وما يدفع الأسر لذلك هو إما جهلها بالمراكز الآمنة، أو خوفها من افتضاح أمر المدمن.

ونبه جاويش إلى أن تلك المراكز والمصحات يتم كشفها غالبا عن طريق بلاغات تصل إلى قوات الأمن، في ظل ما يصفه بضعف الرقابة الحكومية وعدم وجود تنسيق جيد بين وزارتي الصحة والتضامن.

وأكد أهمية وجود تنسيق للجهود المشتركة مع باقي الوزارات المعنية بهذا الملف مثل القوى العاملة والثقافة، مشددا على دور وزارة الشباب الذي يقع عليها دور أكبر في ما يخص التوعية بمخاطر هذه الظاهرة، وذلك بسبب كثرة مديرياتها ومراكز الشباب بالأحياء والقرى.

ويعتقد المتحدث أن تلك الإشكالية لا بد لها من حل قانون لضمان جدية وكفاءة واستمرارية التوعية وتقديم الخدمة ثم الرقابة والمتابعة، حرصا على أمن المواطنين وصحتهم.

وفي أيلول الماضي، كشف المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان حسام عبد الغفار عن أن هناك اتفاقا بين كافة الجهات المعنية على ضرورة المشاركة في تحديث الخريطة العلاجية، ووضعها بالمراكز العلاجية المرخصة والمتاحة لعلاج الإدمان التابعة لوزارتي الصحة والسكان والتضامن الاجتماعي، واستخراج الموافقات والتصاريح اللازمة لإجراء بحث ميداني بالتعاون مع جميع الشركاء.

وأشار عبد الغفار إلى ضرورة مشاركة المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، والأماكن العلاجية التابعة للمؤسسات الدينية والمنظمات غير الحكومية في الخريطة العلاجية المحدثة، مؤكدا أهمية تحفيز المراكز العلاجية للمشاركة في البحث الميداني، وتوفيق أوضاع المراكز العلاجية غير المرخصة لدمجها داخل الخريطة.

الهروب من “المستنقع”
لم تكن “أسماء محمد” تعلم وهي تؤجر “فيلاتها” في أحد ضواحي محافظة الجيزة الراقية (غرب العاصمة القاهرة) أنها وقعت في “كابوس” مصحات علاج الإدمان غير المرخصة، قبل أن تتخلص منهم بأقل الخسائر بعد 3 شهور فقط من بدء التأجير.

وفي حديثها للجزيرة نت، تضيف أسماء (اسم مستعار بناء على طلبها) أنها تعاطفت مع مجموعة من الأشخاص الذين أخبروها عن طريق سمسار عقاري أنهم يعالجون المدمنين ويريدون بيتها للإيجار لوجودها في مكان راق وهادئ مما يساعد في العلاج، مما دفعها لتسهيل الأمر عند التعاقد، ولم تنظر للتراخيص القانونية.

لكن حدث ما لم يكن في الحسبان -حسب السيدة المصرية- إذ هاتفها جيرانها بعد أقل من شهر يحدثونها عن سماعهم أصوات صراخ وضرب في “فيلاتها”؛ مما دفعها إلى إلغاء التعاقد وتحمل الشرط الجزائي، مما كبدها بعد ذلك آلاف الجنيهات في إصلاحات “الفيلا” التي تحولت إلى “مستنقع”، حسب وصفها.

هربت أسماء بنفسها من ذلك الفخ، ولكن هناك وقائع شهيرة أخرى هرب فيها المتضررون بأنفسهم إلى الموت، ومنهم كريم شقيق المطرب المصري رامي صبري، الذي غرق العام الماضي في ترعة المريوطية أثناء هروبه من مصحة غير مرخصة لعلاج الإدمان بمنطقة البدرشين في محافظة الجيزة (غرب العاصمة).

وقبل عامين، انتحر شاب من أعلى مركز غير مرخص لعلاج الإدمان في مركز أبو النمرس (جنوبي الجيزة)، بعد أن ساءت حالته النفسية.

أين المراكز الحكومية؟
وفق أرقام رسمية، يوجد في مصر 28 مركزا حكوميا رسميا لعلاج الإدمان في 17 محافظة فقط من إجمالي 27 محافظة، وهي مراكز تابعة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي (جهة رسمية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي أنشئت عام 1991) مع وجود خطط للتواجد في جميع المحافظات بحلول عام 2025.

وتضم المراكز 15 مستشفى من مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، وهي: مصر الجديدة للصحة النفسية، والعباسية، والمعمورة، وبنها، والخانكة، وأسوان، والمنيا، وأسيوط، وبورسعيد، وشبرا قاص، وحلوان، وطنطا، والعزازي، وشبين الكوم، وسوهاج.

كما تضم 5 مستشفيات جامعية هي: الدمرداش، وقصر العيني، والحسين الجامعي، والمنصورة الجامعي، والفيوم الجامعي، بالإضافة إلى 3 مستشفيات بالقوات المسلحة: المعادي العسكري، والإسماعيلية العسكري، والهايكستب العسكري.

وهناك 4 مراكز يطلق عليها “مراكز العزيمة” في مدن: المنيا، ومطروح، وبورفؤاد، والغردقة، بجانب مراكز تأهيل “كاريتاس مصر” (مجتمع مدني).

وفي السابع من تشرين الثاني الجاري، كشف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان عن تخريج 117 متعافيا جديدا من تعاطي المخدرات من فرع الصندوق بمستشفى العباسية للصحة النفسية وعلاج الإدمان.

وفي بيان رسمي، كشف مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي عمرو عثمان عن تقديم الخدمات العلاجية على مدار أول 10 أشهر من العام الجاري لما يقرب من 11 ألفا و258 مريض إدمان في مستشفى العباسية بالمجان.

ملاحقات أمنية وصحية
من جانبها، تكثف الحكومة المصرية جهودها عبر وزارتي الداخلية والصحة لمواجهة تلك المصحات غير المرخصة.

ومن أبرز المخالفات التي تلاحق تلك المصحات -وفق بيانات رسمية- عدم وجود ترخيص لعلاج الإدمان، ومزاولة مهنة الطب البشري من دون ترخيص، فضلا عن عدم اتباع سياسات مكافحة العدوى.

وفي 14 تشرين الثاني الجاري، اتخذت وزارة الداخلية الإجراءات القانونية حيال 25 مركزا غير مرخص لعلاج الإدمان، بعد مداهمتها والقبض على من فيها.

وفي 31 تشرين الأول الماضي، داهمت قوة أمنية 8 مركز لعلاج الإدمان والصحة النفسية “من دون ترخيص” بمحافظة الجيزة، وضبطت 7 مشرفين على تلك المراكز، وفق بيان رسمي.

وفي شباط الماضي، داهمت الأجهزة الأمنية مصحة من دون ترخيص لعلاج الإدمان في أبو النمرس بمحافظة الجيزة، وتبين احتجاز 85 مدمنا في ظروف مأساوية.

وفي آب الماضي، ضبطت الأجهزة الأمنية 9 مراكز لعلاج الإدمان من دون ترخيص بنطاق محافظة الإسكندرية (شمال)، حيث تم ضبط 9 أشخاص، تبين أن 5 من المشرفين على تلك المراكز لهم نشاط إجرامي سابق.

وفي آذار الماضي، كشف وكيل وزارة الصحة في الإسكندرية الدكتور أيمن حليم عن ضبط 6 “فيلات” تعمل كمراكز لعلاج الإدمان من دون ترخيص، مستغلة بُعدها عن مركز المدينة، حيث تم تحرير محاضر بذلك، وتسليم المتهمين إلى قسم الشرطة، واستصدار قرارات بالإغلاق الإداري.

مطالبات برلمانية
وتحت قبة البرلمان، كان للنواب رأي آخر، ففي حزيران الماضي طالبت وكيل لجنة الإعلام بمجلس الشيوخ سها سعيد بالنظر من جديد في مراكز علاج الإدمان وتبعيتها والتراخيص الخاصة بها.

وأكدت سها سعيد -في جلسة برلمانية- أهمية التوسع في توفير عدد كافٍ من أسرة علاج الإدمان عبر دعم المجتمع المدني، الأمر الذي يحول دون تحقيقه صعوبة استخراج التراخيص وتعدد الجهات التابعة لها، مما تسبب في انتشار مراكز غير مرخصة ولا تخضع للرقابة.

وفي طلبي إحاطة، حذر عضوا مجلس النواب عبد السلام خضراوي ومحمد عبد الله زين من تحول تلك المراكز غير المرخصة “لأوكار مخدرات”، مما يشكل بؤرة خطر على شباب مصر.

تكلفة عالية
وتختلف أسعار علاج الإدمان داخل تلك المراكز المرخصة من حالة لأخرى على حسب الحالة الصحية ومدة العلاج الإدمان ودرجة الإقامة، ولكن أسعارها تشكل عائقا أمام العديد من أهالي المدمنين الذين اجتمعت عليهم مصيبة الإدمان والنفقات الباهظة.

وقد يصل متوسط علاج الإدمان داخل المراكز المرخصة إلى ما بين 7500 و30 ألف جنيه شهريا.”الجزيرة”

أخبار ذات صله