fbpx
اليمن من الهدنة إلى استهداف البنية.

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

التطورات الأخيرة التي شهدتها الحرب اليمنية، برفض تمديد الهدنة والاقدام على استهداف بنية المنشأت النفطية في ميناء الضبة، ليست سوى إشارة أخرى تؤكد مدى تشدد سلطة الأمر الواقع الحوثية ورفضها لاية تسويات سياسية، وإلى وجود حلقات عدّة مفقودة تعيق أي معالجة للازمة اليمنية، بعدما تشظّى الوطن وبات يحكم من قبل سلطتين تتصارعان على المصالح والثروة.
من الواضح أن الوضع الميداني يتجه نحو مزيد من التصعيد في ظل عدم وجود موقف دولي موحد يتعاطى مع المستجدات بهدف الخروج من النفق المظلم للازمة اليمنية، فالمجتمع الاقليمي والدولي غير موحد ولا يمتلك خطة تؤدي إلى حل نهائي لتلك الازمة. ما تصدر من بيانات إقليمية ودولية لاتعكس المواقف الحقيقية لهذه الدول، لأن قنوات الاتصال مع اطراف الصراع اليمني مستمرة بما يخدم مصالح هذه الدولة أو تلك دن اي مراعات لمصالح الشعب اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب والفقر والجوع والتشرد.

الحديث عن تثبيت الهدنة ينبغي ان يترافق مع خطة للعودة إلى المسار السياسي الذي يؤدي إلى تحقيق الأمن والسلام الدائم في شمال اليمن وجنوبه .
اما المراهنة على تحقيق اختراق لمواقف الكيانات اليمنية مجرد ضياع للوقت. فهذه الكيانات السياسية والعسكرية ما هي إلا أدوات للاقليم وهي بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب اليمني. فهناك من له مصلحة اقتصادية ومالية في الوضع الراهن عن طريق نهب الثروات والاستحواذ على مبيعات النفط والغاز وايرادات المواني والمنافذ البرية، وهذا يؤكد إصرار تلك الكيانات اليمنية على أن يظل الشعب اليمني أسير ورهينة لمصالحها الخاصة، دون الاكتراث بما يعانيه من كوارث إنسانية واجتماعية واقتصادية بات غير قادر على تحملها.

ورغم بعض التقدم الذي احرزته “الهدنة” إلا انها لم ترتقي حد وضع الخطوات العملية لتحقيق السلام الدائم. وتخليص الشعب اليمني مما يعانيه.

ادوات الصراع اليمني المرتبطة بالاقليم تمارس الابتزاز ضد أبناء اليمن ،وكذلك ضد المجتمع الدولي والاقليمي والذي تبحث بعض دوله بشكل صادق عن حلول لخروج اليمن من ازمته الراهنة والتي طال أمدها. فالهدنة المطلوب تمديدها باتت للمزايدة ولوضع الشروط التعجيزية. فالخلافات تدور حول مبيعات النفط والغاز وليس حول دفع المرتبات لموظفي الدولة وفتح الطرقات ورفع الحصار عن بعض المحافظات، مع الاعتراف بإن الهدنة على مدى الأشهر الستة الماضية، أعادت فتح مطار صنعاء للرحلات المدنية، وربطت شمال اليمن بالعالم الخارجي، كما أعيد فتح ميناء الحديدة أمام المشتقات النفطية، ومع ذلك تصر تلك الكيانات على مزيد من الاستحواذ والسيطرة من أجل تمكينها من تشديد قبضتها على المناطق التي تحكمها.

الأحداث الأخيرة والهجوم بواسطة الطائرات المسيرة على ميناء الضبة النفطي في حضرموت مثالاً على خطورة الموقف. فمحاولة استهداف البنية الاساسية لتصدير النفط، الخاسر الأكبر فيها شعب الجنوب الذي شيد هذه المرافق بعرق واموال ابناءه. تصدير النفط يجب أن يستمر ولكن تحت إشراف لجنة من الخبراء الاقتصاديين الدوليين بحيث يتم توريد مداخيل النفط والغاز وغيرها من الموارد في الجنوب والشمال اولا الى البنك المركزي اليمني، والذي من خلاله يمكن ان تتم ليس فقط عملية دفع المرتبات بل وإستيراد المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الاحتياجات الضرورية للشعب اليمني شماله وجنوبة. لتحقيق ذلك فان تلك العملية تتطلب الى رقابة دولية تضمن وقف نهب مداخيل النفط من قبل قوى الفساد في حكومة الشرعية اليمنية وانتزاعه من ايدي الأسر المتنفذة المستحوذة عليه.

لابد من البحث عن السلام، فالحرب لا تجلب إلا الدمار والخراب والفقر والجوع. ما احوجنا لبناء جسور الحوار التي تفضي إلى مفاوضات مباشرة وحلول سياسية تضع الوطن على طريق السلام والبناء، بمشاركة الجميع من دون إقصاء لأي طرف كان.
الخاتمة: لن تحل مشكلة اليمن بإصدار البيانات والادانات التي نسمعها من هنا وهناك، بل أن الكثير من هذه البيانات تصب الزيت على النار وتحمل وجهين مختلفين وجه للإعلام وأخر من تحت الطاولة، وهو ما يزيد من التشضي وعدم الثقة بين السلطتين الحاكمتين على الارض. لذلك فإن المجتمع الدولي مدعو لاتخاذ إجراءات أكثر حزما كي يقترن القول بالفعل، وذلك من خلال الضغط على السلطة الحوثية، للقبول بتمديد الهدنة من دون شروط، والجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة، ووضع مصالح الشعب اليمني فوق المصالح الذاتية.