fbpx
مخابئ الحرب الباردة المنسية في أوروبا تعود للظهور بسبب أوكرانيا
شارك الخبر

 

 

يافع نيوز – العرب

يبدو المبنى الإداري الفاخر المعروض للبيع بمنطقة بجنوب غربي ألمانيا مماثلا لأي مبنى آخر مجاور، فهو يزهو بواجهة رائعة المظهر، تحتها ساحة لانتظار السيارات على مساحة 1450 مترا مربعا.

ولا يدور بخلد الكثيرين أن هذا المبنى الذي يضم مجموعة من المكاتب والكائن بمدينة ماينز الألمانية يوجد تحته واحد من آخر الملاجئ المقامة تحت الأرض والمتروكة بولاية راينلاند بلاتينيت.

وتم تشييد المبنى عام 1986 وفقا لما يقوله الإعلان، وهو نفس العام الذي وقعت فيه كارثة تشيرنوبيل. وعندما انتهت الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، توارت أهمية المخابئ في مختلف أنحاء أوروبا، غير أن سكانها بدأوا مرة أخرى يعيدون التفكير في أهميتها، عندما قامت روسيا بغزو أوكرانيا.

وساحة هذه الحرب التي بدأت في فبراير الماضي تبعد بضع ساعات من ألمانيا، مما جعل الكثيرين يتساءلون عما يمكن أن يحدث إذا اضطرتهم التطورات للبحث عن مكان يختبئون بداخله.

وتوجد في ولاية راينلاند بلاتينيت خمسة مخابئ عامة لا تزال كلها قابلة للاستخدام، وهي كائنة في كل من ماينز وبيتبورغ وفورمز ونيوشتات آن دير فينيشتراسه، وفي قرية بالقرب من قاعدة سبانغدالم للقوات الجوية الأميركية، وذلك وفقا لبيانات وكالة العقارات الاتحادية.

ولدى الحكومة الألمانية المخبأ الخاص بها، ويقع بالقرب من مارينتال بوادي آر، ولكن جزءا منه تحول حاليا إلى متحف. وهذا المصير الذي لقاه المخبأ شائع في مختلف أنحاء أوروبا، حيث توقفت الحكومات عن التركيز على هذه المنشآت على مدار العقود الماضية، ونجد أنه من الناحية القانونية في ألمانيا، لم يعد هناك واجب على المسؤولين صيانة هذه المخابئ منذ عام 2007.

وذكرت مصادر الحكومة أن عدد المخابئ التي تُركت يبلغ 599، وهي مخصصة للدفاع المدني في جميع أنحاء ألمانيا، وهو عدد ضئيل بالنسبة إلى المساحات المطلوبة للحماية في حالة اندلاع أزمة.

ويبدو أن البعض أصبح يعيد التفكير بهدوء في هذه المسألة، مع احتدام الحرب التي يشنها الكرملين. وبالفعل توقف مسؤولون عن تفكيك مخبأ يمكنه استيعاب 60 شخصا بقرية بالقرب من قاعدة سبانغدالم، وذلك وفقا لما يقوله جورج ديستر وهو مؤلف لعدة كتب عن المخابئ. ويضيف أنه تم الآن اتخاذ قرار بالإبقاء على هذا المخبأ.

كما أنه لم يتم بعد تفكيك المخبأ الكائن تحت مبنى بلدية بيتبورغ، بعد أن تم مؤخرا تأجيل عملية تفكيكه، وذكر متحدث باسم البلدية أنه من المرجح أن يكون السبب في التأجيل هو الحرب في أوكرانيا.

ومن ناحية أخرى عاد الاهتمام في بريطانيا مجددا بالمخابئ الموجودة لديها والتي يبلغ عددها 258، ويرجع تاريخ معظمها إلى الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.

وتم تفكيك أكبر مخبأ في بريطانيا وهو مخبأ كيلفيدون هاتش السري المعد للحماية من الضربات النووية ويقع في مقاطعة إسيكس بجنوبي إنجلترا، ويعد جزءا من شبكة أعدت لتصبح مقارا محتملة للحكومة في المنطقة خلال الحرب الباردة ولكن تم تفكيكها عام 1992. والآن صار هذا المخبأ ملكية خاصة، وتم فتحه كمعلم سياحي، كما استُخدم كموقع لتصوير أفلام الرعب والأفلام الوثائقية.

وهذا المصير ليس نادر الحدوث، وفقا لما يقوله نيل لوسون عضو منظمة “سابترانيا بريتانيكا” المتخصصة في دراسة المخابئ وغيرها من المنشآت المقامة تحت الأرض. ويضيف أن بريطانيا بخلاف بعض الدول الأوروبية الأخرى، لم تضع بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سياسة تقضي بإقامة مخابئ للسكان المدنيين
ويوضح لوسون أن السبب في ذلك يرجع جزئيا إلى أن كثيرا من المنشآت التي صممت للحماية من تفجيرات القنابل الذرية لم تكن لتوفر حماية كافية ضد القنابل النووية الأكثر قوة، وذلك مع تطور أحداث الحرب الباردة.

وبينما أدت التوترات المتزايدة إلى وضع برنامج في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي لبناء مقار إقليمية جديدة للحكومة تحت الأرض، فإن كثيرا منها انتهى العمل بها في الوقت الذي انتهت فيه الحرب الباردة، بينما لم يتم استكمال البعض الآخر ليصبح لا فائدة منه وبالتالي تم بيعه.

وقال لوسون إن “عددا قليلا من المخابئ الحكومية والعسكرية تمت صيانته، ولكن عند الحد الأدنى”. وأضاف أن “أحد أسباب توقف أعمال الصيانة في هذه المخابئ هو إدراك أن ثمة فائدة ضئيلة منها، في حالة تعرض السكان لكارثة، إلى جانب عدم جدوى استثمار مزيد من الموارد فيها”.

وأوضح أن هناك وجهة نظر تتمثل في أنه إذا لم توفر هذه المخابئ الأمان لأي شخص في حالة اندلاع حرب نووية، فإن صانعي القرار لن يتحمسوا لصيانتها. ومن جهة أخرى أصبحت سويسرا في وضع أفضل، حيث أصدرت تشريعا يتطلب توفير الحماية لجميع السكان في حالة نشوب حرب.

أخبار ذات صله