مقالات للكاتب
صالح ابوعوذل
كنا نتمنى ان ينتهي الجدل ولكن طالما وهو قد أصبح قضية سياسية وتحول الى مادة إعلامية لمحاولة النيل من عدن “الحبيبة”، التي احتضنت الفارين والمشردين والهاربين إليها من كل قطر وإقليم وقرية.
فمن حقنا ان ندافع عن عاصمة الجنوب، كما يدافع اليمنيون عن عاصمتهم صنعاء، بما في ذلك من هم في صف التحالف العربي المناهض للحوثيين، والذين يرفضون أي حرب عسكرية للدخول الى صنعاء خشية ان لا يطال التدمير الذي طال عدن خلال العقود الأربعة الماضية، وصنعاء عريقة بعراقة عاصمة الجنوب العربي عدن.
ولكن دعونا نسأل انفسنا.. من أين جاءت العنصرية، لأن من زرعها سيجني ثمارها؟.
في الدستور اليمني “مرشح الرئاسة” بالنص :”يشترط في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية ألا يقل عمره عن أربعين سنة ومن والدين يمنيين وأن يكون متمتعاً بحقوقه السياسية والمدنية وأن يكون مستقيم الأخلاق والسلوك محافظاً على الشعائر الإسلامية وأن لا يكون قد صدر ضده حكم قضائي في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره وأن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مدة ولايته من أجنبية”.
هذا نص من الدستور اليمني، وهو لا يختلف عن دساتير الدول الأخرى، ذات الأنظمة الجمهورية، ولكن في الجنوب العربي، تم القبول باليمنين الشماليين واوصلوهم الى رئاسة الدولة، ربما اعتقادا ان ذلك سيكون نواة للوحدة العربية، فمثل ما كانوا يروا الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا يعتقدوا انهم سيصلوا الى “الولايات المتحدة العربية”، وبأن العرب سيصبح دولة عظمى أقوى من أمريكا وأم أمريكا، وكانت خطابات الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر يحفظها الصغير والكبير في معظم البلدان العربية.
وهنا نسأل ” هل كان الجنوبيون عنصريين؟، فلو كانوا عنصريين لما وصلت تلك الشخصيات اليمنية “سيئة السمة”، الى أعلى هرم السلطة؟ ولما عزلت العنصرية اليمنية قحطان واعدمت سالمين وقتلت الآلاف من الكوادر الجنوبية؟.
من أراد معرفة تفاصيل ما كان يعمله اليمنيون في الجنوب، عليه مراجعة مذكرات الدبلوماسي الجنوبي الكبير د. محمد العبادي، وهي موجودة على الانترنت، فهو من عاش تلك الفترة ويكتب بكل مصداقية ودقة، وبالحقائق والأرقام.
اقاموا الدينا ولم يقعدوها لمجرد “سؤال من أين أنت”؟، والذي ما له ماضي لا يمكن يكون له حاضر، فعلى أي أساس يمكن اعتبار سؤال كهذا “عنصرياً”، فلو كان هذا السؤال عنصري، فالسؤال القادم سيكون “أين أنت وأين تقف اليوم”.
المضحك ان هناك من يرون “انهم أصل العرب”، لكنهم ينكرون الهوية الوطنية لليمن الجنوبي، ويصرون على محاولة لبس لباس ما هو لباسهم.
فليس من الطبيعي ان يقاتل الجنوبيون لاستعادة دولتهم وحقهم الوطني المكفول، وهناك من يطعنهم في الظهر بإثارة قضايا هي في الأساس من صنيعة “رفاق عبدوه”، فاذا كانت هناك “قضية عنصرية”، في عدن، فهي شأن جنوبي داخلي، لا علاقة لأبناء واحفاد شيخ الجعاشن في إب، او اتباع غزوان المخلافي في تعز”، حتى يثوروا وهم الذين لم يثوروا على عبدالملك الحوثي الذي اعتبرهم “اقل ادمية من اتباعه”.
من أين أنت؟ لا تشبه قضية التفتيش عن “غذرية فتاة اخذت عنوة الى السجن”، ذنبها الوحيد انها من مدينة تعز ومن أم حبشية.
قضية داخلية في داخل الجنوب، لا يمكن مقارنتها بقضية احراق بيت “الحرق” في تعز، ولا بسحل شباب المقاومة بأطقم المقاومة في شارع جمال، من قبل من يفترض انهم قادة المقاومة.
من أين أنت؟ شأن داخلي، لا تشبه عملية قتل عدنان الحمادي في منزله بدم بارد، لا تشبه قضية ارسال المفخخات والعبوات الناسفة وأدوات الموت من “التربة” إلى شارع الشهيد مدرم في المعلا، من أين انت؟، لا تشبه عملية التخطيط لاغتيال يسران المقطري، قائد وحدة مكافحة الإرهاب، ولا محاولة اغتيال أكرم العوذلي.
العنصرية التي زرعت في عدن، سنعالجها بالطريقة التي نراها مناسبة، وهي قضية عانى منها الجنوبيون كثيراً.
وقد بدأت حين تم نهب منازل وممتلكات مواطني الجنوب وصرفها للقادمين من الشمال بدعوى انهم يمنيون من حقهم يكون لديهم سكن في عدن ومدن الجنوب.
العنصرية حين ذهب “عبدالله الاشطل” إلى حضرموت لقتل وسحل رجال الدين، لمحاولة تطبيق التجربة الاشتراكية التي أتى بها الرئيس الماركسي حينها القادم من “ديوان والده الفقيه”، واراد تطبيق التجربة في حضرموت التي نشر أهلها الإسلام في كل المعمورة.
العنصرية ليست في سؤال من اين انت، ولكن بأي حق ان يوظف اليمني الشمالي على حساب أبناء الجنوب، فقد لا يصدق البعض ان قلت ان في مدرسين من ذمار وحجة والمحويت والحديدة وتعز وإب، يستلمون مرتبات معلمين، يعملون في مدارس ريفية بأبين.
من زرع العنصرية عليه ان يجني الثمار اليوم؟ فليس من العدالة ان تمارسها ضد الأخرين وتزعل حين تصبح سلوكا ضدك وضد همجيتك وفكرك المنحط وخطابك المبني على أساس الكراهية والرفض للأخر.
فليس من المعقول ان “تنادي بعدن للعدنيين، وهي العاصمة مثلها مثل صنعاء وبغداد والقاهرة وحتى تل ابيب، ولا تريد أحد يسألك من أين انت؟، عدن التي يقر الجميع بما فيهم العنصريون “انها احتضنت الجميع”، فلماذا تريد تعتبرها خاصة بفئة تدرك انت انها ليست لهم؟.
فعلى أي أساس تمتلك المجموعة التجارية التي تستحوذ على ثلاثة أرباع عدن، ميناء خاصا بها، وعلى أي أساس تريد عدن للعدنيين، وانت تغض الطرف عن المتنفذ علي درهم وهو يستحوذ على “ربع مساحة عدن شمالا بدون أي وجه حق.
من أين انت؟ ايوه من اين انت؟ وانت تشاهد تدمير المساجد التاريخية والأثرية لعدن، وتغيير نمطها المعماري، ولا تتحدث بكلمة واحدة عن واحدة من ابشع جرائم التدمير الذي يطال عدن التي ترفع فيها شعارات العنصرية “برع يا قرود”.
السؤال القادم سيكون؟.. أين أنت؟، فلا تجيب انك لا تتدخل في الشأن السياسي، فالنضال الوطني، ليس سياسية، بل واجب مقدس على كل فرد، والممارسة السياسية تكون بين أحزاب في داخل بلد مستقل، لا كوضع الجنوب الذي لا يزال يقبع تحت الاحتلال، والنضال لطرد هذا الاحتلال “ليست ممارسة سياسية”، فهل الجندي الذي يقاتل في الجبهات ويقدم روحه، يمارس السياسة، وهو الذي لم يهتم ولم يقرأ عن العديدة الحزبية والسياسية.
السؤال القادم.. أين انت وما هو موقفك الوطني، فليس من العدالة ان يعاني الكثير الخوف والمرض والتعب وهو يسعى لبناء دولة كتلك الدولة التي حلم بها قحطان وسالمين قبل ان يطيح بها الدخلاء في اتون الفوضى والصراعات..
كفو عنصريتكم وعيشوا بسلام ودعونا نعيش بسلام، فوالذي نفسي بيده لن نتنازل عن حقنا ولو اخفتنا الأرض في باطنها.