fbpx
العالم العربي يتفرج على حرب أوكرانيا وغير مستعد لإزعاج بوتين
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

ينظر القادة في الدول العربية والخليجية إلى الحرب الروسية – الأوكرانية التي تجاوزت الشهرين بحذر مدروس، حيث تُلقي هذه الأزمة بتداعياتها على هذه الدول جميعها دون استثناء، ومن شأن أي قرار غير متّزن من قادتها أن يلحق ضررا كبيرا بعلاقاتها مع موسكو ومصالحها الخاصة.

وعندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا كان اللاعبون الأقوياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حريصين على عدم استعداء فلاديمير بوتين.

ولا يتوقع الدكتور أندرياس كريغ، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية بكلية الملك في لندن، حصول أي تحول في هذا النهج من القادة السعوديين والإماراتيين والمصريين، على الأقل في هذه المرحلة.

نظام عالمي جديد

قال كريغ في حوار لمؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية “أعتقد أن هناك تحالفا أيديولوجيا بين هؤلاء اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وروسيا. ولا يتعلق الأمر بالمصالح الاقتصادية فقط، أو بالطاقة، أو بالمصالح العسكرية كما قال البعض، بل أعتقد أنه أعمق من ذلك بكثير؛ فهو تحالف أيديولوجي. وأرى أننا في لحظة محورية في التاريخ العالمي حيث يُعاد خلط جميع الأوراق وسنرى النظام الليبرالي القديم الذي تشكّل بعد الحرب الباردة ينهار، أو على الأقل يتعرض لتحديات كبيرة تهدد وجوده”.

وتابع “نشهد صعود نظام بديل في الشرق. ومن الواضح أن روسيا جزء منه. وأرى أن مصر والسعودية والإمارات تحاول الاندماج في هذا النظام بدلا من محاولة التقرب من الغرب. هي تتعلم كيفية تنظيم الشؤون السياسية والاجتماعية، وتشعر بأنها لم تعد مرتبطة ارتباطا وثيقا بأي شروط قادمة من الغرب لأن هناك بدائل الآن. وأعتقد أن هناك عامل مجموع صفري في هذا السيناريو، لأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تتوقع من شركائها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يدعموها”.

وكانت السعودية والإمارات ومصر مترددة في ذلك، وقالت  “نعم، نحن شركاء مع الغرب. ولكننا شركاء مع الشرق أيضا”. وتتجه أنظار الكثيرين، خاصة في الإمارات، إلى بكين وليس إلى واشنطن أو بروكسل أو لندن أو باريس. وتبدو موسكو أقرب بكثير من الناحية الأيديولوجية إلى بكين منها إلى بروكسل.

لذلك يعتقد الخبير العسكري أن هذه البلدان ستبقى محايدة على المدى الطويل. وعندما تظل محايدة يبدو من وجهة نظرنا الغربية أنها تنحاز إلى روسيا والصين.

ويقول كريغ إن قطر -مثل عمان وخاصة الكويت- تتخذ موقفا مختلفا بشأن هذا الأمر. وهو في الأساس نهج أيديولوجي يدعم النهج القائم على المصالح الذي اتخذه القطريون أيضا خلال أحداث الربيع العربي. ويوجد في أيديولوجيتهم عنصر قوي جدا، ليبراليا على الأقل، إن لم يكن ديمقراطيا. وهذا ما لا يتوافق بشكل جيد مع الأيديولوجيا الروسية.

وعندما ننظر إلى النضالات الثورية ما بعد الربيع العربي في مصر وليبيا وسوريا، يتبين لنا أن القطريين كانوا دائما على الجانب الآخر من مكان وجود الروس.

وقد تعرض القطريون مرة أخرى للتنمر من قوى خارجية، وكانت بعض هذه القوى أكبر حجما من حيث قوتها العسكرية خلال الأزمة الخليجية مع قطر التي استمرت من 2017 إلى 2021. وجربوا انتهاك سيادتهم وعدم احترام سلامتهم الإقليمية. لذلك يجب أن يكون هناك توافق أيديولوجي طبيعي مع مصير الأوكرانيين.

ولهذا السبب اتخذ القطريون -دون انتقاد مباشر للروس- موقفا يدعم الأوكرانيين. لكنهم في نفس الوقت يترددون في شجب روسيا، حسب رأي كريغ.

وخلال منتدى الدوحة في مارس الماضي قال القطريون دون تسمية روسيا إنهم يدافعون عن السيادة ووحدة الأراضي، وإنهم يدعمون النظام القائم على القواعد الليبرالية ومستعدون للدفاع عنه. ثم دعوا فولوديمير زيلينسكي إلى التعبير عن وجهة نظره. وهكذا، تحدث زيلينسكي باسم أوكرانيا ولم يتحدث القطريون نيابة عن الأوكرانيين. وما يظهر أن القطريين ممزقون بعض الشيء هو أنهم لا يريدون اتهام الروس.

وما نراه الآن هو عكس ذلك، حيث تحاول الدول الأوروبية بشكل خاص قطع علاقاتها مع روسيا، خاصة في مجال الطاقة. وتوفر قطر الآن بديلا. وستطرح كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة ويتطلع القطريون إلى التعاقد على ذلك. لذلك تستفيد قطر كثيرا من الحرب كما أنها تستفيد أيضا من ارتفاع أسعار الطاقة. ويجب ألا ننسى أن روسيا منافس في قطاع الغاز والطاقة. لذلك فإن ما يحدث ضد روسيا سيعود على القطريين بالفائدة.

وعلّق كريغ على التقارير التي تقول إن أسرة آل ثاني الحاكمة منقسمة حول كيفية التعامل مع بوتين، قائلا إنه انقسام طفيف لأن ما فعلته قطر خلال العام ونصف العام الماضيين على وجه الخصوص هو التمحور بوضوح إلى جانب الولايات المتحدة والغرب وأدارت ظهرها لهذا النظام الشرقي. والقطريون يساعدون كلما طلب الأميركيون منهم ذلك. وقد رأينا ذلك في أفغانستان، أو حتى في غزة.

وعندما كانت أزمة الطاقة تلوح في الأفق في يناير قال القطريون: نعم، يسعدنا تقديم المساعدة إذا كان بإمكاننا تحويل بعض شحناتنا بعيدا عن آسيا نحو أوروبا، وسيسعدنا ذلك حقا. لذلك نجد أن القطريين، بين دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، ليسوا مجرد شريك للولايات المتحدة أو شريك للغرب، وإنما أصبحوا حليفا بشكل واضح.

ويُعتبرون حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج الناتو. لكن هناك بعض الأصوات في قطر تقول إنهم بحاجة إلى التنويع أيضا؛ حيث لا يمكنهم وضع كل بيضهم في السلة الغربية، كما لا يمكنهم وضعه في السلة الأميركية، ويجب ألا يُنظر إليهم على أنهم دولة تابعة للولايات المتحدة أو الغرب.

ويعتقد الأكاديمي البريطاني أن بعض الأصوات تقول “لنكن أكثر توازنا”.

أخبار ذات صله