fbpx
المؤسسات التقليدية في يافع في الزمن الحديث والمعاصر .. للكاتب الروسي فيتالي ناؤو مكين
شارك الخبر

 

تأليف: فيتالي ناؤو مكين
الترجمة عن الروسية: علي صالح الخلاقي
في بلدان الجزيرة العربية والخليج العربي وعلى امتداد مرحلة طويلة، حتى الزمن المعاصر، بقيت التقاليد الاجتماعية، السياسية – الاجتماعية، القانونية، والنظم الأيديولوجية، المرتبطة بالنظام العشائري – القبلي ورواسبه المختلفة .
بعض المناطق الجبلية في جنوب اليمن وحتى انتصار الثورة التحررية في هذا البلد في نوفمبر 1967م، امتازت بالحفاظ الثابت على البنى والنظم التقليدية التي تعود إلى الأزمنة القديمة أو القرون الوسطى، وتحتل يافع بعلاقاتها الجغرافية الجبلية المغلقة مكانة خاصة بين تلك المناطق .
يافع – هو أسم لمجوعة القبائل والمناطق المأهولة، الممتدة من المناطق الجبلية في الشمال الغربي لمحافظة أبين ( ج . ي . د . ش . ) وحتى المناطق الساحلية في جنوب هذه المحافظة . ويافع تاريخياً واحدة من أقدم مناطق جنوب اليمن، وتنقسم إلى يافع العليا ويافع السفلى، وتدخل المرتفعات الجبلية لشمال المنطقة ضمن يافع العليا، وأجزاء فقط في السفلى .
مارس جبليو يافع منذ القدم الزراعة، واستخدموا في الري مياه السيول التي تتدفق من الجبال المنحدرة الوديان : وكذا تربية الأغنام . وقد أشتهر جبليو يافع بقوتهم الجسدية، وبالجلد الثبات وقوة التحمل، وبالاستخدام المتقن للسلاح، وقد دفعتهم محدودية الأراضي الزراعية إلى الهجرة، على سبيل المثال في بداية القرن السادس عشر أصبحت القبائل اليافعية تستوطن مناطق محددة في وادي عمد بحضرموت إلى الشرق من يافع .
ومما ساعد على تقوية وتعزيز نفوذ اليافعيين في حضرموت، هو أن حاكم قبيلة ألكثيري بدر طويرق طلبهم للعمل في جيشه الخاص بصفة أجراء ( إلى جانب الزيديين من شمال اليمن والأتراك ) . وتسنى لليافعيين من قبيلة القاصدي فرض سلطتهم الخاصة في قسم من حضرموت، وأسسوا هناك سلالة حاكمة .
ومنذ القرن الثامن عشر بدأ اليافعيون المأجورون الخدمة في حرس نظام حيدر آباد في الهند، حيث أحرزوا درجات عالية في الترقيات وغدوا كبار ملاك الأراضي، وفي منتصف القرن التاسع عشر ساعد الإقطاعي اليافعي الثري عمر بن عوض بن عبدالله، الذي عاش في الهند وترقى نظير خدمته في بلاط نظام حيدر آباد بأعلى رتبه، الجمعدار، ساعد أفراد قبيلتة من القعيطي، إحدى القبائل اليافعية التي قطنت وادي عمد، في الاستيلاء على مدينة شبام في البداية ثم وسع أملاكه فيما بعد .
أسس عمر سلالة القعيطي، وبسرعة أخضعت سلطنة القعيطي الجزء الأكبر من حضرموت لسلطتها التي دامت هناك حتى 1967م( ) . وقد أشار المستشار الإنجليزي ج . انجرامرس إلى أن القبائل اليافعية إلى جانب تواجدها القديم في حضرموت، واصلت كذلك في ثلاثينيات القرن الحالي القدوم من يافع إلى حضرموت للخدمة( ) .
سافر اليافعيون ( في الغالب الجبليون ) طلباً للرزق إلى الدول العربية واندونيسيا وبلدان شرف إفريقيا والقرن الإفريقي وإلى بريطانيا .
في القرون الوسطى، وبفضل موقعها المنعزل، خضعت يافع شكلياً لمختلف الحكام، وقلما خضعت للسلطة المركزية، وحافظت على أصالتها الخاصة . وفي الواقع فأن الاحتلال التركي الأول لليمن في القرنين السادس عشر والسابع عشر لم يمس هذه المنطقة .
واضطلع المنحدرون من يافع بدور مرموق في الحياة السياسية لليمن، وهكذا، ففي أعوام ( 1630 ــ 1644 ) حكم الأمير حسين اليافعي معظم أجزاء جنوب اليمن، ومن بعده انتقلت كل مناطق الجنوب عملياً تحت إشراف الإمام الزيدي في صنعاء، ولكن في إثناء حكم الإمام المؤيد محمد ( 1681 ــ 1686 ) طردت القبائل اليافعية عامل الإمام ( نائبه )، ثم تمكن الإمام من استعادة سيطرته على المنطقة، ولكن اليافعيين انتفضوا من جديد، ومع بداية
القرن الثامن عشر تحرروا من كل تبعية أي كانت . ومنذ ذلك الوقت حكم المنطقة سلاطين وشيوخ من القبائل المحلية .
في أواسط القرن التاسع عشر قام الإنجليز الذين احتلوا عدن في 1839م، بفرض حمايتهم بالتدريج على السلطات والإمارات والمشيخات في الجنوب اليمني، بما في ذلك يافع، وبتأسيس المحمية الغربية لعدن عام 1937م، دخلت في إطارها يافع العليا والسفلى، وكذلك خمس مشيخات صغيره في يافع العليا هي البعسي، المفلحي و الحضرمي، الظُبَي والموسطة، إلى جانب السلطنات الأخرى.
نهض سكان المنطقة في النضال ضد المستعمرين، جنباً إلى جنب مع شعب الجنوب اليمني، وعقب قمع إحدى موجات ذلك النضال في عامي 1944 ــ 1945 م، أرغمت السلطات الاستعمارية حكام الولايات اليمنية، المحمية الغربية، بما في ذلك يافع، على توقيع اتفاقية حصل بموجبها حاكم مستعمرة عدن على حق التدخل في شئونهم الداخلية.
شارك اليافعيون في الثورة التحررية المسلحة في أعوام 1963 ــ 1967 م، التي توجت بإحراز شعب جنوب اليمن استقلاله الوطني . وحتى عام 1967م لم يتعرض النظام الاجتماعي ـ الاقتصادي والسياسي ليافع على امتداد التاريخ الحديث والمعاصر، إلاَّ لتغييرات قليلة، وحافظ على فرادته . ففي الجانب الاجتماعي ـ الاقتصادي للمنطقة تجلى ذلك في غياب الملكية الإقطاعية الكبيرة للأرض، وتغلب الملكية الصغيرة، وسيطرة النمط البطريركي
( التقليدي ) القديم في الاقتصاد، والاستخدام المحدود للعمل المأجور، وانتشار التأجير والرهن لقطع الأراضي الزراعية، وتقسيم العمل القبلي وانخفاض إنتاجيته وضعف التمايز الطبقي .
وفي الجانب السياسي تجلت خصوصية المنطقة في ضعف السلطة المركزية وفي الفتن الأهلية المتكررة، وبقاء الدور الرئيسي للنظام القبلي ــ العشائري، وسيطرت العادات والأعراف، كل هذه العوامل، إلى جانب محدودية الأراضي الزراعية، والتفتت الطبيعي لقطع الأرض الزراعية وصعوبة الظروف المناخية والعزلة الجغرافية، وفيض السكان، كل ذلك سبّب ركود التطور الاجتماعي ــ الاقتصادي والسياسي للمنطقة، مثلما ساعدت على ذلك أيضاً السيطرة الاستعمارية البريطانية في جنوب اليمن منذ 1839 ــ 1967م، والنظام الإقطاعي ــ الثيوقراطي في شمال اليمن، والتفكك السياسي للمنطقة بكاملها .
في يافع لم توجد في الواقع مدن أو بلدات قريبة من نموذج المدن، وكان اليافعيون يعيشون عشائرياً في قوام القبيلة التي تتحد بدورها في اتحادات قبيلة أو ” كونفدراليه” . وإلى الوقت الحاضر، كانت كل قرية في يافع تشكل بسكانها قوام عشيرة او قبيلة، كما وجد التقسيم القبلي للعمل، وفي ظله تمارس القبيلة أو جزء منها عملاً تقليدياً، فكانت هناك قبائل المزارعين والفخاريون ( صانعو الفخار ) والحدادون والحجارون ( قالعو الحجارة ) والنجارون والصباغون والموسيقيون(الشحذ) وجامعو الحطب والحكماء والسحرة والمشعوذون . . . إلخ .
حددت التقاليد إلى درجة كبيرة، النشاط الاجتماعي لليافعيين، وتطلبت الخبرات المتراكمة طوال قرون في المدرجات الزراعية، ضرورة الاختيار الأمثل لمواقع المدرجات الزراعية، ووضع حائط من الأحجار بحسب الارتفاع المطلوب، وتجميع التربة من الوهاد والأودية . الخ . وحتى إلى الوقت الراهن فأن زراعة الأرض لا زالت تتم بصورة رئيسية يدوياً وذلك بواسطة المحجن الحديدي المسمى ( خنزرة ) وتُحدد المواسم الزراعية حسب مواضع النجوم، وكان اليافعيون يحسبونها بعشرة أيام كل عشرة منها تطابق الوضع المحدد للنجوم في السماء، وبمقتضى ذلك تحدد مواعيد زراعة الأرض .
كانت القبائل تدفع العشير ( جز من عشره ) للسلطان أو الشيخ الذي تخضع له، ولكن بعض القبائل كانت معفية من دفع الضريبة، ويدخل في عداد المستغلين ( بكسر الغين ) ” الشيخ الصغير ” أو ” العاقل، المنصب ” رئيس العشيرة أو القبيلة و” الشيخ الكبير” رئيس اتحاد القبائل وكذلك التجار ومالكو الأراضي التي تزرع في الأساس منتوجات تجارية مثل البُن والقات وكذلك الحبوب، حيث يستخدم جزئياً العمل المأجور، ولكن كان يعمل، كقاعدة، أفراد الأسرة البطريركية وأبناء قبيلتهم، كما بقيت تقاليد التعاون العشائري ــ القبلي .
كان طابع نظام العلاقات المتبادلة بين الحكام ( السلاطين، الشيوخ، العقال، المناصب ) وبين القبائل تقليدياً، حافظ على بعض عناصر الديمقراطية العشائرية ـ القبيلة، وتجلى ذلك في نظام السلطنة والمشيخات، حيث اضطلعت بالدور الرئيسي فيها مبادئ التبعية الطوعية والاعتراف بسيادة واحدة من القبائل على القبائل الأخرى، ونظام توارث السلطة، الذي بقيت فيه عناصر نظام التناوب ( الدور )، حتى ان هذه العناصر انتقلت إلى حضرموت، فسلطان القعيطي عوض بن عمر قبيل وفاته في عام 1910م وضع النظام التالي لوراثة السلطة : منه إلى ابنه غالب، ومن غالب إلى ابنه الآخر عمر، ومنه إلى صالح بن غالب، ومنه إلى ابنه عمر وهكذا دواليك، لكي تنتقل السلطة بالدور إلى ممثلي فرعي العشيرة( ) .
إن هجرة جزء لا يستهان به من السكان “غالبيتهم الساحقة من الرجال ” إلى المناطق الأخرى لجنوب اليمن وإلى الدول الأخرى وعودتهم فيما بعد إلى يافع لم يؤثر تأثيراً جوهرياً على طابع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمنطقة . ولكن هذا كفل وصول المقومات الضرورية لوجود اليافعيين، طالما أن السكان ليس بمقدورهم إطعام أنفسهم .
كان يتم أنفاق رأس المال الذي جمعه اليافعيون في المهجر، كما هي العادة، بما يتوافق والتقاليد القديمة، فبعودة اليافعيين من الخارج يشيدون منازل حجرية فخمة من ثلاثة وأربعة أدوار( )، ويزوجون أنفسهم أو يزوجون أولادهم، ويدفعون مهراً كبيراً للعروس، ويقيمون عرساً فاخراً، كما كانوا ينفقون أمولاً كثيرة في اقتناء السلاح والذخائر، لأن القبائل اليافعية كانت غالباً تعادي بعضها البعض .
كان اليافعيون يسعون لبناء منازلهم في الأماكن العالية كلما أمكن ذلك، فمن عاش في الأعلى يشعر أنه في أمان كبير ويمتلك أفضلية تجاه جاره الأسفل فيما اذا نشأ بينهما خلاف أو نزاع . وفي الأماكن المرتفعة جداً بنيت بيوت السلاطين والشيوخ والعقال . وكانت تشيد لحراسة الأراضي الزراعية أبراج حراسة أسطوانية الشكل تسمى ” نوبة ” يمكن منها إطلاق النيران، وكانت الآبار تحاط بجدار من الحجارة تحسباً من إطلاق النار على من يأتي طلباً للماء، بل أنه ظهر تقسيم خاص للساكنين إلى ” عُليَان ” و ” سُفْلان “، وانتشر الثأر بصورة واسعة ولم تهدأ بسببه النزاعات القبيلة، أحياناً، على امتداد عشرات السنين .
في ظروف محدودية الأراضي الصالحة للزراعة والفيض السكاني، غالباً ما كانت تنشب المخاصمات والخلافات على الأراضي، ولذلك كانت تحتل مسائل وضع الحدود الفاصلة بين قطع الأرض وتقسيم الميراث أهمية فائقة جداً . وكان الدور الأكبر في حل هذه المشاكل والمصالحة بين القبائل وتنظيم العلاقة فيما بينها يعود للشيوخ، حملة التقاليد والأعراف، الذين يدلون برأيهم ومقترحاتهم كوسطاء ومحكمين أو شهود عند وضع أو تصنيف الوثائق، وكذلك السادة( )، وهم الناس المتعلمون الضليعون بالشريعة الإسلامية وقواعد العادات والأعراف ( يُعرفون بالقضاة )، وبتأديتهم لهذه الوظائف كان الشيوخ والسادة يساهمون في استغلال أفراد قبائلهم .
وبقيت التقاليد القديمة للأسواق، التي كانت تنظم في أيام محددة من الأسبوع وفي مكان معين، وفي تلك الأيام كان يمنع القيام بعمليات قتالية ووقف كل الاشتباكات والصدامات .
كانت المرأة في يافع تساهم بفعالية في النشاط الاقتصادي على قدم المساواة مع الرجل، وهو ما أكده المؤلفون العرب في القرون الوسطى، وهي لم ترتدِ الحجاب أبداً، وكانت تتمتع بدرجة من الحرية أكثر بكثير مما في المناطق الأخرى من اليمن .
ومن عادات اليافعيين الفريدة إنهم يدهنون بشرة وجوههم بأصباغ طبيعية زاهية، ويفسرون هذا بأنفسهم في أنه ليس مجرد رغبة منهم في تزيين أنفسهم فقط، وإنما سعياً للحفاظ على بشرة الوجه من التأثير غير العادي للهواء الجبلي الجاف .
وتلاحظ عند السكان الجبليين في يافع رواسب المعتقدات الجاهلية ويشهد على بقايا طقوس العبادة الرعوية القديمة، على سبيل المثال، ضريح ” الثور الولي ” الذي بقي حتى اليوم بالقرب من لبعوس المدينة الرئيسية في مديرية يافع، فقد كانوا يقومون بزيارته مثله مثل أضرحة الأولياء المسلمين، وكانت النساء يسألنه تحقيق أمانيهن . وبقيت في المنطقة آثار للديانة اليهودية التي انتشرت في بعض أجزاء اليمن قبل الإسلام ؛ وفي القرون الوسيطة اشتهرت يافع كواحد من مراكز القرامطة في الجزيرة العربية، ويمكن العثور هناك إلى اليوم على أتباع الفرقة الإسماعيلية، أهل الحقيقة .
إن من أهم المصادر في تاريخ هذه المنطقة اليمنية الرائعة والفريدة للغاية، يمكن أن تكون الإرشيفات الأسرية لسكانها، وهي تحتوي مختلف الوثائق . وفي أثناء رحلة مؤلف هذه الدراسة إلى يافع وضعت تحت تصرفه عدة وثائق مكتوبة بحبر أسود على الورق، من الإرشيفات الأسرية، تعود إلى مختلف مراحل الزمن الحديث والمعاصر، وتمكِّن من إعطاء تقييم تمهيدي أولي في محاوله لتصنيفها . وتفسير وشرح هذه الوثائق مسألة معقدة للغاية، لأنها تحتوي أخطاء نحوية وإملائية كثيرة، وتستخدم كلمات من اللهجة الدارجة المحلية، وليس فيها علامات مميزة، بل أن عدداً من الكلمات والجُمل كُتبت بدون وضوح، وتوجد فيها فراغات ونقص في المواد .
أقدم الوثائق، مما سنورده لأحقاً، يعود تاريخها إلى عام ( 1169هـ ) وأحدثها إلى عام ( 1333هـ )، وعلى هذا النحو فهي تحيط بمرحلة تمتد من منتصف القرن الثامن عشر وحتى الربع الأول من القرن العشرين . وعلى أساس العمل المطروق يمكن الحكم على وجود عدت أنواع من الوثائق :
النوع الأول :
سجل البيع( ) . وفي هذه السجلات يجري الحديث، عادة، عن بيع وشراء ملكية الأرض، أو حتى جميع الأملاك، وكذا الأسلحة، ونورد على سبيل المثال بعض سجلات استلمنا الجزء الأكبر منها في عام 1976م من الأرشيف الأسري لواحدة من العشائر التي تقطن قرية الحديدة، من قبيلة الحوثري من قبائل الموسطة، والجزء الآخر من سكان قرية في ضواحي لبعوس .
وثيقة رقم ( 1 )
الحمد لله وحده
قاضي أحمد علي الصكلي ( ؟ )
اشترى الصدر الأجل علي فخر وسالم فخر بماله في نفسه من البائع إليهم عوض بن عوض غبيب عتر ثلث حبل ثمانية قروش حجر النصف من ذلك أربعه منه أقر البائع بقبض الثمن ذلك بيعاً صحيحاً شرعياً من غير إكراه ولا اجبار بحضور الشهود شهر ( ؟ ) سنة 1178 .
شهد بذلك عبدالله أحمد بن جابر
شهد بذلك جابر بن محمد صالح
شهد بذلك علي ناصر بن جابر
الكاتب القاضي أحمد علي
الصدر الأجل : نعت يصادف غالباً في الوثائق .
عتر : أرض مزروعة ذات نوعية معينة ( لم تحدد بدقة ) وتوجد في يافع تسميات عديدة للإشارة إلى قطع الأراضي التي تختلف من حيث الموقع والخصوبة والتزود بالمياه .. الخ.
( العتر : هي الأرض الزراعية التي لا تسقى بمياه الآبار وتعتمد أساساً على مياه الأمطار فقط – المترجم ) .
حبل : مقياس للطول في مناطق يافع الجبلية يساوي 60 ذراعاً، ولقد كانت إجابات الذين سألناهم متناقضة حول مساحة هذا المقياس، وعلى الأرجح فأن الحبل هو مربع ضلعه 8 و 1 متر تقريباً، أي 4 و 27 متر تقريباً مربعاً ( 65 و 3 حبل تساوي واحد على مئة
من الهكتار ) .
قرش حجر : هكذا يسمون في يافع نقود ماريا تيريزا الفضية التي كانت متداولة في كل مكان من جنوب الجزيرة العربية، وكان التجار الهولنديون أول من أدخل هذه النقود الفضية إلى الجزيرة العربية، وكانت صورة الإمبراطورية النمساوية ماريا تيريزا ( 1717 ــ 1780 م ) قد ضُربت على العملة منذ عام 1870 م، وكانت تلك العملة منذ عام 1857 م تحتوي على 67 و 16 جراماً من الفضة .
* * *
هذه الوثيقة الخاصة ببيع قطعة أرض زراعية صغيرة لأثنين من الأخوة ممتعه، كون المشتريين لم يدفعوا عند عقد الصفقة سوى نصف قيمة الأرض فقط، ومع أنه من غير المعروف نوعية أرض العتر، لكن يمكن الافتراض أنها إما أرض غير مزروعة، أو انها مزروعة بصورة رديئة، ذلك لأن النصف الثاني من قيمتها سيدفع، كما يبدو، بعد أن يضمن المالك السابق زراعتها .
وفي الواقع يمكن أن يكون المقصود استئجار المالك السابق، وما يؤكد هذا الافتراض هو ما تنص عليه الوثيقة رقم ( 2 ) إذ يتم البيع في ظروف مماثلة .
وثيقة رقم ( 2 )
الحمد لله وحده
إشترى الصدر الأجل المحترم جابر بن ناصر واخوانه عبدالله وعلي بمالهم لأنفسهم من البائع إليهم وهو عبيد ناصر وذلك المبيع أصل قرار الترب الموضع المسمى ربع حبل الميت منها … ( ؟ ) يقع في العريف والأرض ملك المشترين بما إليه من مساقي وساقي واعبار وارسال وما كان ينسب منه وإليه من حي وموات ومياهه من بئر به بعد … ( ؟ ) على ما جرت العادة القديمة بثمن قدره وصفته ستة قروش حجر النصف من ذلك ثلاثة حجر هي ثمن لإصلاح الأرض بجملته وذلك بيعاً صحيحاً معتبراً مرضياً أقر البائع نصف الثمن و … ( ؟ ) وألتزم بها … ( ؟ ) بكل … ( ؟ ) وبحضور الشهود . الحال بتاريخ شهر شعبان سنة 1173. شهد بذلك ثابت دعاس ومحمد الحاج مشفع وعلي قائد عبد الولي وسعيد أبو علي صلاح والحاضر شاهد …. ( ؟ ) .
في الزاوية اليسرى في أعلى الوثيقة ختم وتوقيع الواثق بالله على الحاج أحمد السكلي وتوقيع واضع الوثيقة ( غير مقروء ) .
ترب الموضع : من المحتمل أن هذا يعني ” الأرض البور ” ولكنه قد يشير إلى مساحة الأرض أيضاً .
مساقي : ( مفردها مسقى )، سواقي صغيرة، قنوات لتصريف المياه، أعبار، إرسال، مجارِ، قنوات وصل ( ؟ ) .
حي وميت ــ لعلها الماشية والأدوات . ( الميت : الأرض، والحي : كل ما ينمو عليها من نبات – المترجم).
في هذه الحالة يشتري ثلاثة أخوة قطعة أرض صغيرة مع ما يقع عليها من منشآت الري،
البئر، والأدوات ( الماشية على الأرجح لم تكن موجودة وهذه مجرد صيغة ضرورية كما في الكثير من الوثائق ألمشابهه )، ونصف القيمة كما في الوثيقة رقم ( 1 ) ستدفع للمالك السابق لقاء زراعة الأرض .
وعلى أساس الوثيقتين رقم ( 1 ) ورقم ( 2 ) اللتين حررتا تقريباً في وقت واحد ( 1178 هـ، و 1173 هـ ) يمكننا معرفة القيمة التقريبية للأرض في ذلك الوقت، ( مع الخصم لقاء تبعية البائع الواضحة للمشتري ) وهي اقل من قرش فضي واحد ( تالير ) لقاء المتر المربع الواحد .
وثيقة رقم ( 3 )
الحمد لله وحده
اشترى الصدر الأجل المحترم علي ابو ناصر من البائع إليه وهو صالح علي بن علي بن عبدالله نقيب بن مقبل نصف وثمن بيع وثمن نصف من ذلك ثمانية عشر( قرشاً ) ونصف وما كان إليه ساقي ومسقى وطرق بحيث أقر البائع يعقد الثمن وتراضوا على ذلك من الحالين الجميع .
بحضور الشهود يوم الخميس شهر شعبان سنة 1178 .
شهد بذلك جابر بن ناصر .
شهد بذلك محمد سعيد صغر .
شهد بذلك عبدالله قاسم .
الفقيه أحمد بن علي صالح الكاتب
هذه الوثيقة تبدو غير واضحة لأن الأرض ذاتها لم تسمى فيها، فالمشتري دفع 18 قرشا ً لقاء منشآت الري التي لا يمكن بيعها بمعزل عن الأرض كما هو معروف، ولربما أن الأرض كانت مرهونة للمشتري من قبل مقابل 18 قرشاً ولذلك لم تتم الإشارة إلى مساحتها وموقعها
( أنظر النوع الرابع من الوثائق ــ سجلات الرهن ) أما الآن فسُجِّل نهائياً انتقالها إلى يد الدائن عن طريق بيع منشآت الري .
وثيقة رقم ( 4 )
الحمد لله وحده
اشترى حامد بن ناصر واخوته عبدالله وعلي بمالهم لأنفسهم من البائعة إليهم الحرة العينة جميلة بنت الحاج الطيار وذلك المبيع دور النحيا شاملاً كاملاً طين عتر . وذلك ورثها من زوجها الهالك القمري بن علي عبد الرحمن الخلافي تثمينها بثمن قدره تسعة قروش حجر … ( ؟ ) بحده وحدوده وسواقي وطرقات بيعاً صحيحاً شرعياً برضا وافيا من غير اكراه ولا اجبار بحضور الشهود بتاريخ شهر ذي القعدة لعام 1175 هـ وشهد بذلك محمد سعيد الحاج وسعيد عبدالله الحاج وعلي القمري ولله الحمد .
يجري الحديث هنا عن قيام أرملة ببيع قطعة أرض ( ربما غير مزروعة ) ورثتها عن زوجها المتوفي، وحسب ما أقوال من سألناهم فأن أراضي الأرامل والنساء بشكل عام، كان يشتريها، غالباً، الأقربون بدون رغبتهن وحتى أحياناً بغيابهن .
وثيقة رقم ( 5 )
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين على أمور الدنيا والدين وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد وسلم . انه لما كان يوم الثلوث وسنة 3 في شهر الحج سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف اشترى جواد بن داود علي المزاحمي بماله لنفسه من البائعين إليه وهما المشايخ الأحرار الماجدين الشيخ علي عبد الحي بن صالح الظباعي وأخاه المشائخ منصر ومحمد وسالم ومقبل وحسين عمر ما هو لهم وفي ملكهم ويقدرون على بيعه وتصريفه وهو الطين المسمى خضيرات العليا والنقل ثمن سلقه وجنبية بأربعين قرش حجر سرات وذلك الزمن أقر البائع ( البيع ؟ ) لون الثمن وبرئه ذمة المشتري وكان بيعا صحيحا مناسبا قطعا لا لوط بعده ولا إجبار ببطله بما نسبت لذلك الطين من ماء وسواق وشعاب ورحاب وصامت وناطق وما جرت به العوائد الشرعية وذلك الطين من محاريث ( جوبد ؟ ) جول بدرية صح ذلك بالرضا لحضر الشهود وشهد بذلك عبيد جابر الحلجازي ( ؟ ) بعشي .
شهد بذلك محمد عبيد أحمد بن داود علي .
الطين : تعني هنا قطعة الأرض .
السلقه : البساط، أو الحصيرة التي تفرش في غرفة الضيوف للجلوس عليها .
الجنبية : الخنجر، السلاح اليمني الوطني، ويعد بين القبائل اليمنية من اللوازم الضرورية المكلمة لملابس الرجال، وكان قراب الجنبية يصنع أساساً من الفضة .
السرات : نوع من التبغ المحلي .
شعاب : الصخور الجبلية، التي تنحدر منها المياه في مواسم الأمطار إلى قطعة الأرض .
صامت وناطق : هذا يعني الماشية والأدوات .
المحاريث : تعني بور، غير مزروعة، وهي الحدود التي تفصل الأرض المزروعة .
الجول : قطعة أرض جيدة واسعة، تسقى بوفرة في الجبال وتقام عليها المدرجات بدرجة أساسية .
في هذه الحالة يشتري شخص يلقب بالمزاحمي ( غير مقروء ) من اربعة أخوة ينتمون إلى
آل الشيخ علي ( ممثلو هذه العشيرة كانوا ضمن اليافعيين الذين قطنوا حضرموت ) ولربما أن الملقبين بالشيوخ لهذا السبب باعوا كل الأراضي مع مساقي الري والأغنام والماشية ( إن وجدت أغنام ) والسلقه والجنبية مقابل النقود والتبغ . . . وغرابة هذا القبول يمكن تفسيره، على سبيل المثال، بمجرد كون الأخوة يغادرون يافع .
النوع الثاني من الوثائق :
سجل نقل حقوق التمتع بالممتلكات وحيازتها وبيعها وهو وكالة خاصة غير محددة الأجل، وهذا الاتفاق يسمى وكالة أو توكيل، والشخص الذي يستلم شهادة التوكيل يسمى وكيل، وكمنوذج نورد نص وثيقة استلمت من أسرة تعيش في ضواحي لبعوس ( لعلها من قبيلة الحضرمي ) .
وثيقة رقم ( 6 )
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
انه لما كان في يوم الجمعة المبارك ثلاثتعشر خلت من شهر ربيع آخر سنه 1295 خمسة وتسعين ومائتين وألف أما بعد فقد حصل التوكيل الصحيح باللفظ الصريح المدعي انا يا ناصر بن أحمد ناصر بن سعيد الشعموطي الحضرمي اليافعي بأني وكلت وقدمت الشيخ عبد الرحمن المحسن والشيخ محمد بن عبد الولي الطيار اليافعي اقمته مقام نفسي وذلك فيما استحقه ارثا مما اتصلته والدتي خديجة بنت صالح بن عبدالله علي العبادي من متروكات أخيها الشيخ أحمد ابى صالح بن عبدالله علي العبادي المتوفي في أرض الهند حيدر عباد وذلك من مال ومتمول منقول في حسابات الكارخانة حساب حق واستحقاق في جميع الت الكارخانه وما نسب اليها وفي جميع ما استحقه من مال ومتمول وفي كل ما يطلق عليه اسم المال والمتمول صامت وناطق ومنقول وغير منقول بيد من كان، وحيث ما كان وفي اي مكان كان وفي اي الجهات المذكورة وكلت انا ناصر احمد عبد الرحمن المذكور وكلته فيما ذكره وما لا يذكر وكيلاً مفوضا يخاصم ويغارم ويحاكم ويواجه من خاصمه او غارمه او حاكمه او واجهه في ذلك او بعضه لدى أي حاكم شرعي او سياسي ويقيم البينات ويدفع المعارض بما يحتمل في وقت المحاكمة لدى الحاكم الشرعي او السياسي أقمت انا يا ناصر احمد وكيلي المذكور واجرته بجميع ما يتصرفه مما نظر فيه المصالح وكلت المذكور بما ذكر وكما ذكر وجميع ما ذكر وكاله صلحيه شرعيه جايزه معوضه منعقده جامعه بجميع الشروط المعتبرات وكالة الرضا والصحة والاثبات والاختبار من غير اكراه ولا اجبار واذنت لوكيلي الشيخ عبد الرحمن في بيع حصتي وبيع الحصص والمتروكات والحويليات ومباني وخيل ومرافع والت الكارخانه وما ينسب اليها اقيم المذكور مقام نفسي واذنت له بالتصرف على ما يشا وكيفما شا لجميع ما ذكر وما لم يذكر في جميع المتروكات وعلا ذلك وقع الأشهاد واذنت لمن يشهد على ذلك .
شهد بذلك الواثق بالله ناصر محمد بن علي بن صالح بن أحمد بن الشيخ علي هرهره 25 شوال 1275 هـ ( الختم الخاص ) .
شهد بذلك الواثق بالله محمد بن علي حيدر بن عزالدين ( الختم الخاص ) .
وإلى جانب الختومات وتوقيعات الشهود في الجزء الأعلى من الوثيقة الختم الخاص لأثنين
من الشهود إلى جانب توقيعهم :
الشيخ الواثق بالله با سالم بن علي الصباغي 1277 هـ
الواثق بالله اللطف علي بن حيدر بن عزالدين ـ خادم الشريعه .
وعلى الوجه الآخر من الوثيقة :
وكالة صحيحة شرعية نافذه بيد الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن بمحمد بن عبد الولي الطيار اليافعي .
المتروكات : الممتلكات التي تبقى بعد موت صاحبها، ويتم توزيعها وفقاً للإرث .
المال والمتمول : تعني الأموال المنقولة وغير المنقولة .
حق واستحقاق : المعنى الدقيق لهذه الاصطلاحيين غير معروف .
آلت ألكارخانه : هذا يعني، كما أوضح لنا من سألناهم، نفير وبوق وصناجان نحاسيان مخصصة لدعوة أفراد القبيلة والعشيرة، ولربما ترمز في ظروف الاقتصاد ألبطريركي إلى الصفة الرفيعة لمالكها وتعطيه الحق في استلام جزء معين من المحصول الذي تجنيه الأسرة البطريركية والعشيرة . ومع تفكك العلاقات البطريركية غدت آلات ألكارخانه تنتقل مع الأرض عند بيعها، وكانت آلات الكار خانه تستخدم لإبلاغ القبيلة عن الحرب أو أي حدث سار .
يخاصم ويغارم : كان هذا في ظروف الفتن القبيلة المستمرة في منطقة يافع الجبلية، ولهذا مغزى خاص، وكما حدثنا من سألناهم فأن عادة الثأر قد اختلطت بقواعد الفدية التي أقرها الإسلام، فقد وجد مفهوم المخصم والمغرم وهما التعويض عن القتل أو العاهة أو الضرر الذي يلحق الأذى بالأرض المزروعة .
الحاكم الشرعي : هو الحاكم الديني، الذي يفصل في دعاوي ونزاعات أفراد ملته وحسب ما أوضح لنا من سألناهم فأن المقصود بهذا الاصطلاح القاضي الشافعي والسيد وكذلك الإسماعيلي .
وكالة حرة : توكيل بمحض الإرادة، حسب الرغبة .
معوضة : مع التعويض .
الحويليات: يقصد بها الأرض .
وعلى ما يبدوا فأن الصفقة حصلت، على الأرجح، بين ممثلي عشيرتين معروفتين في يافع وكاتب السجل هنا من أسرة العبادي( ) والشخص الذي تنتقل إليه الأملاك، شيخ . ويمكن استخلاص التفسيرات التالية :
( 1 ) ان يكون ممثل عشيرة العبادي في تبعية ما للشخص الآخر ( كأن يكون مديناً له على سبيل المثال ) .
( 2 ) ممثل عشيرة العبادي يحتاج للنقود، ولذلك يبيع ملكيته للشيخ الغني ( في السجل إشارة إلى دفع تعويض ولكن لا يشير إلى المبلغ تحديداً ) .
( 3 ) ممثل عشيرة العبادي، الذي حصل على الإرث لا يحتاج إلى زيادة الملكية ولا يرغب في ذلك ( لا يستثنى أنه يؤدي وظائف حاكم شرعي أو معلم ) ويفضل تسليمها لشخص آخر لقاء تعويض، ومن المحتمل ان هذا الشخص ببساطة يكون وسيطاً عند بيع الملكية .
الطريف ان الحديث في الوثيقة يجري عن الملكية التي تقع خارج حدود يافع وحتى خارج اليمن، ولعل الشخص الذي وضع السجل ينتمي إلى ممثلي العشيرة التي استوطنت في ذلك الوقت حضرموت ( وهذا ما يشير إليه تعبير الحضرمي اليافعي ) . ومن الواضح ان أقرباء واضع الوثيقة كانوا في عداد المقاتلين الذين تكون منهم حرس نظام حيدر آباد في الهند .
لقد توفي الشيخ أحمد بن صالح في الهند مخلفاً الإرث لشقيقته التي عاشت في يافع ( أما أنه
لم يكن لديه أطفال، وإما أنه أوصى لها بجزء من الملكية ) .
وهذه الوثيقة تتحدث عن بقاء الاتصالات بين اليافعيين في حيدر آباد وحضرموت ويافع . ونورد أيضاً نموذجاً آخر لوثيقة مشابهه .
وثيقة رقم ( 7 )
كتب وشهد ( ؟ ) أحمد محمد أحمد خلف
العبادي والله خير الشاهدين .
بسم الله الرحمن
الحمد لله المعين وبه نستعين على امور الدنيا والدين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين وبعد قد كان يوم الجمعة المبارك ولسبعتعشر يوم خلت من شهر جماد الأول سنة 1333 ثلاث وثلاثين مايه وألف . أما بعد فقد حصل التوكيل الصحيح الشرعي بالقضا الصحيح المرعي من وجه شايع مرظي مني أنا يا احمد بن عبد الحافظ بن محسن غالب وانا صحيح البدن زاكي العقل جايز التصرف عن نفسي راظي غير مغصوب ثم من بعد فانا وكلت الأخوان المشايخ عمر وصالح واحمد الاد المرحوم الشيخ محمد بن محسن غالب ثم أنهم وكلوا مفوظين على حقي وعذلي وكل ما ينسب اليا وفي بيت ووادي وكلها لا على يدهم الا يد الله وياخذون ويدون في ما هو لي وعليا ياخذون الحق ويرفضون الباطل وكلت المذكورين وقدمتهم واقمتهم في مقامي وانا راظي قانع لا مغصوب ولا مكروه في كل ما ينسب اليا من حق وعذل واثر في كل ما هو يحمـ ( ؟ ) من الحد الا يافع بلد الحظارم الا الشعيب صح ذاك وانا راظي في رقم في هذه الوكالة بحظر الله الكريم والشهود شهد بذلك الشيخ عبدالله بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن عثمان العبادي شهد بذلك الولد محمد بن أحمد محمد بن خلف العبادي وأخيه حسين أحمد محمد بن خلف وشهد بذلك عزان بن صالح بو بك عزان لصبحي والله كافي وشهيد .
شهد بذالك عزان بن صالح بو بك لصبحي وكتب ذالك أحمد محمد بن أحمد خلف العبادي والله خير الشاهدين .
الوكيل : الشخص الذي يمنح حق التصرف بالأملاك .
العذل : أفراد الأسرة، الزوجة، والأولاد والشقيقات .
الوادي : تعني هنا الأرض الزراعية .
بلاد الحظارم ــ حضرموت . ( المقصود بها أراضي مكتب الحضرمي في يافع العليا وليس حضرموت ) .
الشعيب ــ منطقة جبلية في محافظة لحج حالياً، إلى الغرب من يافع .
يجري الحديث هنا عن نقل كل حقوق الملكية لثلاثة من أبناء العم، بما يعبر، على الأرجح، عن انتقال الأرض في إطار عشيرة واحدة من أسرة فقيرة إلى أسرة أكثر غنى، وكما في هذه الحالة وحالات مشابهة أخرى فأن من غير المعروف كيفية الطريقة المتبعة لتقاسم الأرض المستلمة والممتلكات وغير ذلك بين المستلمين . وكما هو واضح فأن المشترين أو الوكلاء يكونون في حالات كثيرة عدة أشخاص معاً ويعتبرون أخوة، ومن الممكن أن هذا يعكس صعوبة انتقال الملكية في النظام القبلي للشخص الذي لا يستطيع مواصلة امتلاكها في حالة الظروف القاهرة ( الديون، المرض، الفقر … إلخ ) .
تعتبر الوثائق التي تحت تصرفنا من حيث الجوهر شهادات بيع ( عقد تمليك ) ولكن من حيث ظروف الشراء فالملاحظ انها قريبة إلى شهادات انتقال حقوق الملكية ( وكالة ) .
وثيقة رقم ( 8 )
تاريخ شهر رجب سنة تسع وستين ومائه وألف 119 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
احمد الله رب العالمين
حضر علي وسعد اولاد بن عوض حجلان وعيال اخوته وعيال أخوته عمر وعامر وصالح ابن محمد واخوه جميعاً أنهم تراضوا على البندق العربي نخبي وعدة الناخبي تسعين قرش حجر بروسها ثم ان عيال حجلان تشفعوا بالبندق والعده وصح الشرى بثمن لهم البندق بخمسه وسبعين قرشا والعده بخمسه عشر قرشا وان يبيعوه لا حد نكير فكان رايهم واحد والزايد بينهم وان ما رضوا عيال محمد على البندق فكان لهم لا حد به تعرض صح ذلك بحضور… ( ؟ ) بحضور شهود والحال الاتي ذكرهم :
شهد بذلك الشيخ صالح علي الظباعي .
شهد بذلك الشيخ عبدالله علي الظباعي .
شهد بذلك جحلان أحمد شملان .
شهد بذلك عوض محمد غرامه .
الناخبي : اسم إحدى قبائل يافع التي انتقلت إلى حضرموت وقد سميت باسمها البندقية ووعاء البارود .
تشفع : الصفقة التي يتم عقدها مع الأقرباء وأفراد القبيلة ( شفيع، مشافعة ) .
نكير : الغريب، الإنسان الذي ينتمي إلى قبيلة غريبة .
ان ما يثير الاهتمام في ظروف هذه الصفقة، هو أن الأشياء تباع للأقرباء بأسعار مخفضه، وفي حالة إعادة بيعها للغريب فأن الربح يجب أن يقسم بالتساوي ( مناصفة ) . وتبدو أسعار بنادق البارود وأوعية البارود، بالمقارنة مع أسعار الأرض وقيمة زراعتها حسب الوثائق التي تعود إلى تلك المرحلة، كبيرة جداً ( بندقية بارود تساوي 80 متراً من الأرض البور، ووعاء البارود يساوي 8 مترا مربعاً ) .
النوع الثالث من الوثائق :
” الوصية ” وقد أطلعنا في يافع على وصايا محفوظة لدى الأسر، وعند وضعها يتم التقيد بالقواعد ذاتها، أي تدوين أسماء الشهود وتأكيد أهلية الموصي وصحة عقد الوثيقة الخاصة بالوراثة، وهكذا، للأسف لا توجد بين أيدينا وثائق تسمح لنا بالحكم على قواعد الوراثة للممتلكات التي تختلف بعض الشيء عن قوانين الشريعة الإسلامية العامة .
وكمثال نورد وثيقة غير عادية، في رأينا، عن الوراثة :
وثيقة رقم ( 9 )
الحمد لله وحده
شاهد كريم بيد محمد سعيد المشفع من يد علي عبدالله ان حقه له فان تزجى فحقه له من بيت ووادي والمكالف لهن هديه وقديه وان افرط بحقه فما هو يشاف للمكالف ننظره لمحمد سعيد والعمومية وما فعلوه فبصرهم يخرجهم بما هو يشار للجميع . بحضر الشهود الآتي ذكرهم بتاريخ شهر رمضان سنة الف ومائه وواحد وسبعين .
شهد بذلك صالح محمد الشيخ .
شهد بذلك قائد سعيد .
شهد بذلك حامد أبو ناصر .
وكفا بالله شهيداً.
الوادي : بمعنى الأرض .
قديه : عشاء في وقت العيد، بعد شهر الصيام في رمضان . ( وكذا في عيد الأضحى – المترجم).
عمومية : أولاد العم من ناحية الأب الذين يتحملون مسئولية مصير بنات العم .
قيل لنا إن الشخص الذي وضعت هذه الوثيقة حسب رغبته، علي عبدالله، لم يكن لديه أبناء وكان عنده بنات فقط . ينبغي أن يرعاهن في المستقبل أزواجهن عند زواجهن ولذلك فأنه حين بلغ سن الشيخوخة أوصى لقريبة محمد سعيد ( رجل من عشيرته ) بالبيت والأرض الذي ينبغي عليه أن يعتني بهما . ومع ذلك فأن القريب ملزم أن يرسل لبنات وشقيقات وزوجة علي عبدالله هدايا في الأعياد ( لحم وطعام.. إلخ ) وأن يضمن كذلك عشائهن بعد انتهاء شهر الصوم في رمضان، عدا ذلك، ففيما إذا أصبح بنات وشقيقات علي عبدالله بدون أزواج فأن محمد سعيد يأخذ على عاتقه مسئولية الأنفاق عليهن مادياً . أما إذا أراد بيع الأرض فينبغي التشاور مع أبناء عمومته لأن قراراتهم تلبي مصالح نساء هذه الأسرة .
النوع الرابع من الوثائق :
وثيقة الرهن العقاري ( الرهونية ) وكقاعدة عامة كانت الأرض ترهن لقاء نقود يستلمها صاحب الأرض ممن عقد معه الصفقة، وإذا لم يسدد الدين في وقته المحدد فأن الأرض أو الأملاك الأخرى تنتقل إلى ملكية الدائن . في بعض الحالات توضع الوثائق عند نقل الملكية إلى الدائن عندما يصبح المالك عاجزاً عن تسديد الدين وهذا ما تبينه الوثيقة التالية :
وثيقة رقم ( 10 )
الحمد لله وحده
انه لما كان يوم الجمعة وسبعتعشر يوم خلت من شهر جماد الأول سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مايه والف أقول انا يا احمد عبد الحافظ بن محسن غالب بأن عندي وفي ذمتي للمذكورين وهما الأخوان عمر وصالح واحمد اولاد المرحوم الوالد محمد بن محسن غالب … ( ؟ ) دينا ثابتا وحقا لازما جملته وحسبته وعده ثمانين قرش حجر … ( ؟ ) الا وجه حقي كله وانا راضي عن نفسي .. ( ؟ ) بحضور الشهود شهد بذلك عبدالله بن احمد محمد بن عثمان العبادي وشهد بذلك الولد محمد احمد محمد بن خلف العبادي والولد حسين احمد بن خلف وشهد بذلك عز الدين صالح بو بك لصبحي وكتب ذالك محمد بن احمد خلف العبادي والله خير الشاهدين .
يجري الحديث هنا مباشرة عن تسليم واضع الوثيقة لأملاكه إلى أولاد عمه بمثابة ” دين واجب ” وفي ذات الوقت فأن واضعها احمد ترك مع هذه الوثيقة وكالة تخول أولاد العم التصرف بأملاكه ( أنظر الوثيقة رقم 7 ) . ولعل هذه الوثيقة وضعت لتأكيد قيام أحمد بتسديد الدين مع الإشارة إلى المبلغ وهو 80 قرشاً .
يوجد كذلك نوع خامس من الوثائق لم نقدمه في عرضنا هذا، هو اتفاقية تخطيط حدود الأراضي الزراعية . وهذه الوثائق تحفط إلى الآن لدى الأسر بإتقان وعناية، وغالباً ما تستخدم كمرجع لحل المنازعات والمشادات التي تبرز بسبب النبات والطرق والأحجار التي تقع على تخوم المزروعات ..إلخ .
وبتحليل الوثائق المذكورة يمكننا استخلاص بعض الاستنتاجات ( للحصول على استنتاجات أكثر تحديداً لا بد من توسيع حجم المواد المستخدمة ) وتؤكد الوثائق أنه بالرغم من بقاء
الكثير من رواسب النظام القبلي العشائري في يافع في الزمن الحديث، فان نظام الملكية الخاصة للأراضي ومنشآت الري وأدوات العمل قد كان متطوراً .
ويمكن تتبع الاتجاه نحو إعادة توزيع أراضي القبيلة في صالح بعض الأسر عن طريق إفلاس الأسر الأخرى أو تجريدها من الأرض، وفي ذات الوقت كانت هذه العملية بطيئة، ولكنها لم تؤد إلى نشؤ ممتلكات كبيرة جداً، وكان انتقال الأراضي يتحقق بواسطة الرهن والبيع
والتأجير وانتقال حق التصرف بالأراضي ( التوكيل ) .
ان النظام العشائري ــ القبلي بما في ذلك مختلف أشكال التعاون العشائري ــ القبلي، قد أعاق تطور الفئات الاجتماعية المالكة وركود العلاقات البضائعية النقدية، و في سيطرة الاقتصاد العيني وفي القيمة المنخفضة نسبياً لقيمة الأراضي وفي استخدام الفضة بمثابة وسيلة نقدية للقيمة وفي وسائل الأنفاق غير المنتجة .
ولقد بقى نظام العلاقات الاجتماعية ــ الاقتصادية، كما تشير الوثائق على حاله دون تغيير حتى ثورة 1963 ــ 1967م .
تثير مؤسسات الدولة الحقوقية التقليدية التي وجدت في يافع حتى عام 1967 م اهتماماً
كبيراً . وكان تنظيم المجتمع ذاته يصطبغ بالطابع القبلي، وسار فيما بعد على أساس علاقات التبعية والتحالف بين القبائل في ظل انعدام السلطة المركزية والغياب العملي لصفات نظام الدولة .
لقد لعبت العادات أو القوانين البدوية ( الأعراف ) التي عبر عنها وحافظ عليها الشيوخ دوراً كبيراً في حياة القبائل اليافعية، رغم أنه عند تسجيل الوثائق القانونية كان السادة والقضاة يضمنون إتباع بعض قواعد الشريعة .
ومن الطريف أن الكثير من قواعد ونظم العادات التي وجدت في هذه المنطقة تطابق بالكامل النظم والقواعد المماثلة لدى البدو في مناطق أخرى من الوطن العربي، ومن بين ذلك يمكن
ذكر حق الأفضلية ( الشفعة ) والشهادة عند وضع مختلف الوثائق وعقد الصفقات ودفع التعويضات عن الخسارة وتنظيم القضاة القبليين ( غير الشرعيين ) … الخ( ) .
لقد قضت الثورة الوطنية التحررية في جنوب اليمن على نظام التخلف في المنطقة، ووحدت شعب جنوب اليمن في جمهورية تتطور اليوم في طريق التقدم الاجتماعي وتستخدم بنجاح بعض تقاليد وعناصر نمط الحياة السابقة في صالح التقدم ( على سبيل المثال عادات التعاون المتبادل العشائرية ــ القبلية ) .
أخبار ذات صله