fbpx
جماعة الإخوان تضرب علاقة أنقرة بالقاهرة وتفضح أنشطتها في أفريقيا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

لم يكشف الفيديو الذي بثه قيادي إخواني هارب إلى تركيا جديدًا بشأن الخلافات داخل التنظيم، لكنه فضح الكثير بشأن ما يتعلق بخطط تركيا البديلة في أفريقيا لإكمال مشروع الإسلام السياسي، وربما محاصرة مصر ودول عربية أخرى، في الفضاء الأفريقي الحيوي.

واعترف القيادي الهارب محمد العقيد في فيديو مصور نشره على صفحته في فيسبوك الاثنين، في سياق عرضه لخيانات جرت داخل الإخوان بتسليم بعضهم للأمن المصري عن طريق وشايات من خصومهم داخل الجماعة، بوجود تنسيق بين الجماعة ومسؤولين أتراك في الصومال وأن التنظيم له شراكات مالية واستثمارية مع أنقرة في صوماليا لاند.

وأوضح أن الفيديو مخصص للرد على تسريب نشره القيادي أحمد مطر من جبهة محمود حسين (جبهة إسطنبول) الذي اتهم جبهة لندن -بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام للجماعة- بتشكيل جناح سري وأنها امتداد للقيادات القطبية التكفيرية، فيما كان الأهم هو تطرقه إلى الأنشطة التركية الإخوانية المشتركة في عمق أفريقيا، وهي من المرات النادرة التي يتم فيها الحديث عن هذه الشراكة الخفية عن العيون.

وجاء الفيديو الأخير مختلفًا لأنه ليس فقط انتقامًا من جبهة ضد جبهة إنما هو أيضا انتقام من جبهة تشعر بأنه يجري التضحية بها من قبل أنقرة التي تنحاز لإحدى الجبهتين وتنساق وراء ما ترغب فيه من تسليم بعض العناصر والقيادات المنافسة لها إلى مصر، ساردًا تفاصيل مهمة عن تسليم الشاب الإخواني محمد عبدالحفيظ -المحكوم عليه بالإعدام- إلى القاهرة قبل عامين.

وأشار العقيد إلى معلومات مهمة بشأن تسليم السودان خمسة وعشرين مطلوبا إلى مصر، محددا أسماءً تدير أنشطة الإخوان في كل من الصومال والسودان بتنسيق كامل مع الأجهزة التركية.

ويسلط الانتقام الإخواني من أنقرة -والذي جاء في هيئة فيديو بدا تقليديًا في سياق الصراع المحتدم بين جبهتي لندن وإسطنبول- الضوء على استمرار تركيا والإخوان في مشروع الإسلام السياسي، وإن كان تراجع في مصر، انطلاقًا من السودان والصومال والفضاء الأفريقي.

وقصدت الجهة التي تقف وراء بث الفيديو في هذا التوقيت ضرب مسار إعادة العلاقات التركية – المصرية والتي خططت لها أنقرة لتظهر كما لو كانت تحولًا استراتيجيًا أوسع لمواجهة عزلتها المتزايدة.

ووجه ضربة لجبهة الإخوان التي تتصدر المشهد بالشراكة مع أنقرة وتسعى للهيمنة الكاملة على التنظيم بعد فقدان الأمل في العودة إلى السلطة بمصر ولم يتبقَ أمام البعض سوى حث تركيا على مواصلة دعمه من خلال التلويح بكشف الكثير من المعلومات عن أدوارهما المشتركة.

ويسعى من يشعرون داخل الإخوان بأنه يجري التضحية بهم لتسويق جناح آخر لفك العلاقة بين أنقرة والجبهة المنحازة لها داخل الإخوان، عبر فضح أنشطة بين الطرفين تبرهن على استمرارية الإضرار بالأمن القومي المصري من خلال مواصلة مشروع التنظيم الدولي للإخوان الذي يتقاطع مع أطماع رجب طيب أردوغان التوسعية داخل الفضاء الحيوي المصري.

ومن شأن المعلومات التفصيلية عن التعاون الإخواني التركي في السودان والصومال وغيرهما أن تعزز حالة فقدان أنقرة ثقتها في تنظيم الإخوان الذي تتسبب خلافاته الداخلية في تقويض ما تبقى له من خطط لتكريس نفوذه وبناء ولو جزء من إمبراطوريته المأمولة.

فضح الكثير بشأن ما يتعلق بخطط تركيا البديلة في أفريقيا

ويُضاف إلى ذلك إسهامها في تكريس ريبة القاهرة تجاه أنقرة، حيث تنظر الحكومة المصرية لخطوات تركيا الراغبة في التقرب والمصالحة لفك عزلتها الإقليمية على أنها مجرد تصريحات لا تتوازى مع تجسيد عملي على الأرض، والهدف ليس إجراء مصالحة حقيقية بقدر ما هو تسكين للأزمة مع الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والسعودية والإمارات، وكسب نقاط بالداخل التركي، والشوشرة على تحالفات شرق البحر المتوسط.

هذا علاوة على أن النظام التركي مصمم على تحقيق أطماعه المخدومة إخوانيًا، وإن لم تتحقق في البداية من مصر والمنطقة العربية فمن الممكن العودة إليها بعد سنوات انطلاقًا من مراكز أفريقية وآسيوية.

 

ويروج قادة الإخوان على وسائل التواصل الاجتماعي لما يعتقدون أنه إعادة بعث جديد لمشروعهم في الحكم بعد فشله في المنطقة العربية.

 

ويعقد هؤلاء مقارنات بين وضع جماعتهم وبين تنظيمات ناشطة في أفريقيا في طريقها للعودة إلى السلطة عبر تفاوض الحكومات المحلية معها، مُدعين أنهم عائدون ولو طال الزمن، وزاعمين أن كل ما جرى استحداثه على الأرض في مصر خلال غيابهم منذ 2013 سوف يُزال.

 

ومن المرجح أن تتالى الفيديوهات الانتقامية بين الجبهتين المتصارعتين والتي تكشف عن قصد الكثير من الأسرار وتوضح طبيعة العلاقات القائمة حاليًا بين النظام التركي والإخوان والساحات التي يتمددون فيها.

 

وقد يعقد هذا التطور وما سيعقبه وضعية الإخوان ويلقي غيومًا على الرغبات التركية بشأن المناورات التي تجريها لتسويق ما تروج له أنقرة على أنه مصالحة مع القاهرة، فكيف سيكون بوسعها إقناع المصريين بما تدعيه وهي لا تزال مرتبطًة بشكل وثيق مع التنظيم الدولي للإخوان؟

 

ويصعب توصيف الوضع القائم -مع ما يجمع النظام التركي بالتنظيم الدولي للإخوان من أنشطة ومشاريع واستثمارات في أفريقيا- بأن أنقرة تجاوزت مرحلة الإخوان وتطلب من القاهرة التعامل معها، لكن الأخيرة تنظر للإخوان كخطر أول سواء بدأ المشروع من مصر أو من أي مكان آخر.

 

ولن ترجح الفيديوهات المتعددة كفة جبهة على أخرى، على الرغم من تأكيد الفيديو الأخير -من حيث أراد عكس ذلك- العلاقة الوثيقة بين جبهة إبراهيم منير والأجهزة التركية، فهو يروج لتعاون وتنسيق بين جبهة محمود حسين وتلك الأجهزة أيضا.

وسوم